بَعد أن نفت سفارة ألمانيا بالرباط تقريرا استخباراتيا يَدعو لكبح طموح المغرب.. "الصحيفة" تُؤكد وجوده وتنشر تفاصيله وتصريحا لكاتبته

 بَعد أن نفت سفارة ألمانيا بالرباط تقريرا استخباراتيا يَدعو لكبح طموح المغرب.. "الصحيفة" تُؤكد وجوده وتنشر تفاصيله وتصريحا لكاتبته
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الأربعاء 8 دجنبر 2021 - 22:01

أثارت أنباء وتقارير إعلامية تم نشرها مؤخرا بشأن وجود تقرير "استخباراتي" ألماني يدعو للحد من الطموحات المغربية، جدلا كبيرا حول حقيقة هذا التقرير، وطُرحت العديد من التساؤلات حول ما إذا كان بالفعل هناك تقرير ألماني في هذا السياق أم أنه مجرد "فبركات" إعلامية ذهب البعض إلى اعتبارها محاولات لتعميق الأزمة بين الرباط وبرلين، بالرغم من أن الأزمة لازالت قائمة وقد لمّح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في الأيام القليلة الماضية إلى استمرارها عندما قال بأن "العلاقات مع برلين تحتاج إلى عمل ومجهود وفق منطق يراعي الوضوح والمعاملة بالمثل".

إذا كان السؤال، هل يوجد تقرير ألماني يتحدث عن محاولات لوضع حد للطموحات المغربية و"هيمنته" في شمال إفريقيا، فإن الجواب الذي توصلت إليه "الصحيفة" فهو نعم، وهو في الأصل تقرير أنجزته إيزابيل فيرينفيلس (الصورة)، التي تشتغل كباحثة في قسم أفريقيا والشرق الأوسط لدى المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية الكائن ببرلين والمعروف اختصارا بـ"SWP"، ويحمل عنوان "Maghrebi Rivalries Over Sub-Saharan Africa" أو ما يُمكن ترجمته إلى العربية بـ" التنافس المغاربي على إفريقيا جنوب الصحراء".

التقرير نُشر في نونبر 2020 على الموقع الرسمي التابع للمعهد الألماني المذكور في القسم الخاص بالتقارير التي أنجزتها ذات الباحثة، أي إيزابيل فيرينفيلس، لكن يبقى السؤال هل هو تقرير "دراسي" أم أنه تقرير "استخباراتي"؟، وهنا يبقى الجواب معلق بين الإثنين، لكون أن هذا المعهد يُعد كهيئة استشارية يُقدم المشورة للحكومة والبرلمان الألماني بشأن مسائل السياسة الخارجية والأمنية، وفق اعتراف إيزابيل فيرينفيلس نفسها التي أكدت ذلك في اتصال مع موقع "الصحيفة"، وذلك يتم عن طريق إنجاز تقارير ودراسات، ثم تقديم خلاصاتها للسلطات الحكومية الألمانية التي تعتمد عليها في تنفيذ سياساتها الخارجية.

من النقاط الكبرى التي جاءت في التقرير "المثير للجدل"، هو إشارته إلى أن "المغرب هو الدولة المغاربية ذات السياسة الأكثر تطوراً في جنوب الصحراء.. وأدت سياسة المغرب في جنوب الصحراء إلى تصعيد التوترات مع الجزائر وإيقاظ الطموحات في تونس"، وأضاف بأن "الجزائر، بصفتها ممولاً هاماً وفاعلاً أمنياً في الاتحاد الأفريقي و"حامي" - وفق ما وصفه التقرير - بـ"حركة استقلال الصحراء الغربية"، تسعى لإحباط تقدم المغرب"، بينما "تحاول تونس من جانبها السير على خطى الرباط، على أمل أن تعزز العلاقات الوثيقة مع إفريقيا للنمو الاقتصادي".

تدوينة السفارة الألمانية في الرباط التي تنفي من خلالها وجود تقرير يتحدث عن "كبح" جماع المغرب في إفريقيا

ويقول التقرير في تقديم مشوراته للسلطات الحكومية والبرلمانية الألمانية أنه "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتعامل مع هذه الاتجاهات على أنها فرصة للتكامل الأفريقي والتعاون الثلاثي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب العربي وجنوب الصحراء" مضيفا بأن هذه الطريقة التي تركز على خلق التوازنات "ستُنهي الشعور المتزايد لدى الجزائر بأنها ليست ذات أهمية، وسيعزز الاقتصاد التونسي، وستصحح الطموح المغربي للهيمنة على المنطقة"، مما "سيخفف من الدينامية التنافسية السلبية".

ومن النقاط الأخرى التي جاءت في التقرير وتندرج ضمن النقاط التي ينطبق عليها كلام بلاغ الخارجية المغربية الذي قال بأنها "مواقف ألمانية تتعارض مع المصالح العليا للمملكة المغربية" هو دعوة التقرير لألمانيا وأوروبا، فيما يتعلق بالصحرء المغربية حيث يقول :"يجب على أوروبا الاستمرار في دعم خط الأمم المتحدة وعدم الاشتراك في المبادرات الأحادية الفرنسية أو الإسبانية".

وبصفة عامة، يُحاول التقرير أن يُصور أن هناك تقدما للمغرب في مجالات سياسية واقتصادية على المستوى الجهوي والقاري، وبالتالي يجب على أوروبا التدخل لـ"ضبط الأمور" وكبح طموحات المملكة، لأن ذلك، حسب صاحبة التقرير، سيؤدي إلى خلق التوازن الذي سيكون في مصلحة الجميع.

ويُرجح بقوة أن هذا التقرير هو الذي أشار إليه الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في غشت الماضي، عندما قال بأن هناك "تقارير تجاوزت كل الحدود، فبدل أن تدعو لدعم جهود المغرب في توازن بين دول المغرب قدمت تصورات بعرقلة مسيرته التنموية بدعوى أنها تخلق اختلالا بين البلدان المغاربة".

الآن يبقى السؤال، هل ما تم تداوله مؤخرا بشأن تقرير "استخباراتي" ألماني صحيح أم مجرد "فبركات"؟ هذا السؤال وجهته "الصحيفة" لصاحبة التقرير، إيزابيل فيرينفيلس، التي نفت في اتصال معها ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام العربية والألمانية من معطيات "زائدة"، لكنها اعترفت بوجود التقرير الأصلي الذي جاءت فيه إشارت لـ"ردع طموحات" المملكة المغربية، ويبدو أن بعض المنابر الإعلامية العربية والألمانية قد اتخذته كقاعدة وزادت عليه بعض المعطيات الأخرى التي لم تأت في التقرير الأصلي الذي اطلعت عليه "الصحيفة" كاملا، من قبيل معطيات حول صراع "استخباراتي ألماني مغربي في إفريقيا وأوروبا الشرقية".

غير أن فرضية أن يكون هناك تقرير آخر لم تُنشر بعد تفاصيله على موقع المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، يبقى واردا، خاصة في ظل معطيات كان قد حصل عليها موقع "الصحيفة" تشير إلى وجود صراع استخباراتي بين المغرب وألمانيا، قد يكون أحد أسباب الأزمة بين البلدين.

وبالرغم من أن السفارة الألمانية بالرباط خرجت في منشور على صفحاتها الرسمية مساء الثلاثاء  تنفي فيها ما نُشر في الأيام القليلة الماضية من معطيات مرتبطة ب"تقرير مخابراتي منسوب للباحثة السويسرية إيزابيل فيرينفيلس"،  إلا أن أغلب المعطيات هي موثقة وحقيقية منشورة على تقرير مُعد من طرف ذات الباحثة.

كما أن الكثير من المتتعبين للأزمة المغربية الألمانية تساءلوا عما يُثبت قول السفارة بأن "المملكة المغربية شريك محوري لألمانيا" وأن هناك مساع وتطلعات ألمانية للعمل مع المغرب وترحب بالعلاقات المغربية الإسرائيلية، حيث أن العلاقات بين البلدين لازالت إلى حدود الساعة غير واضحة، كما أن قرار المغرب بقطع العلاقات والتعامل مع السفارة الألمانية في الرباط والمؤسسات الألمانية لازال قائما.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...