بَين الرباط وواشنطن.. برود كبير في العلاقات و"غموض" يَلف إدارة بايدن من مغربية الصحراء

 بَين الرباط وواشنطن.. برود كبير في العلاقات و"غموض" يَلف إدارة بايدن من مغربية الصحراء
الصحيفة - وسام الناصيري
الخميس 29 أبريل 2021 - 12:00

لا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد. هذا حال العلاقة المغربية الأمريكية مع دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض خلفا للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.

بوادر كثيرة تشير إلى وجود "برود" كبير بين الرباط وواشنطن برز بشكل كبير في التقرير الأولي الذي صِيغ عقب جلسة مجلس الأمن ليوم 21 أبريل الجاري، والذي تتكلف مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية، عادة، بصياغة "قالبه" السياسي، حيث دعت الأخير ضمن صياغتها الأولوية لمشروع إعلان مشترك للبيان إلى "تجنب التصعيد" في الصحراء، وهو ما يناقض تصور المغرب الذي يؤكد أنه لا وجود لحرب أو تصعيد خلف الجدار الأمني على خلاف رواية جبهة البوليساريو والجزائر التي تصدر يوميا بلاغات عسكرية للحديث عن هجمات وخسائر "وحرب قائمة".

وبالرغم من أن المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، لم تشر إلى "تقرير المصير" أثناء صياغتها للمسودة الأولية، لكنها في الآن نفسه لم تؤكد على موقف إدارة بايدن من مغربية الصحراء، وهو ما جعل موقف الإدارة الأمريكية "ملتبسا" و"جامدا" دفع الرباط لأن تبحث عن قنوات مختلفة داخل أروقة مجلس الأمن لضمان صياغة "غير سارة" للبيان الختامي، كما سبق وأن حدث سنة 2013 مع إدارة باراك أوباما حينما طالبت ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية، بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل "مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء"، ما دفع المغرب حينها لأن يلغي مناورات "الأسد الإفريقي" مع قوات المارينز الأمريكية، ويقوم بعدها الملك محمد السادس بزيارة إلى واشنطن للقاء الرئيس أوباما، بعد أن سحبت المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن مقترحها، وتم الاحتفاظ بما سبق من قرارات تمدد لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) مهمتها لسنة إضافية، وتحصر دورها في مراقبة إطلاق النار وفق اتفاق 1991 بين جبهة البوليساريو الانفصالية والمملكة المغربية.

ولتفادي المفاجآت وتجاوز "الغموض الأمريكي"، توجه المغرب للبحث عن داعمين لموقفه داخل مجلس الأمن، حيث برزت المساندة القوية للصين والهند لموقف المملكة المغربية، حيث نزلا بثقلهما داخل مجلس الأمن من أجل إعادة صياغة المسودة الأولى للبيان الأمريكي لا "يساء تأويله ويؤدي إلى نتائج عكسية".

يأتي ذلك، في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي جون بايدن عن تعيين العديد من سفراء إدارته في دول مختلفة بما فيه تعيين إليزابيث مور أوبين، سفيرة لدى الجزائر، خلفا للمنتهية مهامه، جوم ديروشر، في حين مازالت سفارة واشنطن في الرباط بدون سفير منذ مغادرة السفير دافيد فيشر مع انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.

فراغ سفارة الولايات المتحدة الأمريكية من سفير مُعتمد، وعدم "وضوح" موقف بايدن من مغربية الصحراء، والغموض في صياغة المسودة الأولى لمجلس الأمن حول الأقاليم الجنوبية، ورفض وزير الخارجية الأمريكي الحديث عن الموضوع في أكثر من مناسبة.. كلها معطيات تشير إلى أن العلاقة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية على عهد إدارة بايدن لم يتم بعد تحديد خطوطها العريضة ومازالت رهينة للتقييم والصياغة النهائية قبل أن يُحَدّد مَسَارها.

مع كل هذه المطبات التي وجدها المغرب أمامه، يحل وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، ضيفا على لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية المعروفة اختصارا بـ"أيباك"، في لقاء سيتم تنظيمه "عن بعد" في 6 ماي المقبل ضمن أنشطتها التي تدخل في إطار "برنامج ربيع منتصف الأطلسي".

وتعتبر "أيباك" جماعة الضغط الأقوى في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تحدد إلى حد كبير الرؤساء الذين سيدخلون البيت الأبيض، وتساهم في صياغة قرارات واشنطن الخارجية بحكم قوة نفوذها وسلطة أعضائها المالية والسياسية، حيث تتشكل "أيباك" من كبار رجال الأعمال من مصنعي الأسلحة والمتحكمين في شركات التكنولوجيا وتعاملات البورصات الدولية، وأغلبهم من أصول يهودية من مستقلين أو منتمين للحزبين الجمهوري والديمقراطي، وقضيتهم الأولى هي الدفاع عن المصالح الإسرائيلية وحمايتها من المطبات السياسية والاقتصادية التي قد تهدد وجودها.

ووفق الموقع الرسمي لهذه المنظمة التي تُعتبر أقوى جماعة ضغط (لوبي) إسرائيلية في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن ناصر بوريطة سيكون هو الضيف الرئيسي الذي سيتم محاورته في قضايا تتعلق بالتطورات الأخيرة في المنطقة المرتبطة باستئناف العلاقات بين إسرائيل وعدد من البلدان العربية.

اختيار الديبلوماسية المغربية الحديث أمام أقوي لوبي يهودي في واشنطن، مرده رغبة الرباط في ترسيم صورة أوضح حول الموقف الأمريكي من قضية الصحراء، والتي لم يأت على ذكرها الرئيس جو بايدن في خطابه أمام الكونغرس، أمس، الأربعاء، بمناسبة مرور 100 يوم على دخوله البيت الأبيض، وهو ما يعني أن ملف الصحراء ليس من أولويات الإدارة الأمريكية، التي تضعه في "الرفوف" مع ملفات بؤر التوتر في العالم، حيث يمكن استخراجها في الوقت المناسب حسب المصالح الأمريكية، واللعب به كورقة توازنات جيواستراتيجية في المنطقة المغاربية، وهو السيناريو الذي تحاول الرباط تفاديه بتنشيط تحركاتها الديبلوماسية، ولعب ورقة المصالح المشتركة مع واشنطن.

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...