حفيظ العلمي.. رجل الأعمال الذي تمنى المغاربة بقاءه في الحكومة بعد أن نقل الصناعة إلى مصاف التنافس

 حفيظ العلمي.. رجل الأعمال الذي تمنى المغاربة بقاءه في الحكومة بعد أن نقل الصناعة إلى مصاف التنافس
الصحيفة – حمزة المتيوي
الجمعة 8 أكتوبر 2021 - 18:25

قبل أيام من استحقاقات 8 شتنبر 2021، خرج رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بن كيران بفيديو هاجم فيه عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حينها، باعتباره شخصا غير صالح لترؤس الحكومة، لكن في غمرة حديثه ذكر اسمين استوزرا بشعار حزب "الحمامة" منوها بالعمل الذي قاما به، ويتعلق الأمر بوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بن شعبون، ووزير التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي والأخضر، حفيظ العلمي.

وصنع العلمي، المراكشي البالغ من العمر 61 عاما، الحدث مرتين أمس واليوم، المرة الأولى كانت حين خلت لائحة وزراء حكومة أخنوش من اسمه في مفاجأة من بين الأكبر في تشكيلة الحكومة الجديدة، والمرة الثانية عندما ظل يحاول مغالبة دموعه دون فائدة، أثناء مراسيم تسليم السلط، الأمر الذي ضاعف علامات الاستفهام حول أسباب المغادرة المفاجئة لوزير حاز نجومية وشعبية قلما أتيحت لوزراء آخرين في منصبه، والذي يُرجع إليه الكثيرون الفضل في نقل الصناعة المغربية إلى مصاف التنافسية.

وتشير بعض المعطيات إلى أن العلمي غادر منصبه بطلب منه لأسباب عائلية، وهو أمر لا زال كل أفراد الحكومة بمن فيهم رئيسها يلتزمون الصمت حول حقيقته، لكن الثابت في الأمر هو أن الرجل الذي قدم إلى دهاليز الحكومة سنة 2013 قادما من عالم المال والأعمال، والذي ترأس أهم لوبي لأصحاب رؤوس الأموال بالمملكة، الاتحاد العام لمقاولات المغرب، خلال الفترة ما بين 2006 و2009، صار في نظر العديد من المغاربة، أحد الحاملين القلائل لـ"شرعية الإنجاز" خاصة في زمن كورونا العصيب.

وسريعا، وجد العلمي نفسه بعد دخوله الوزارة، مشرفة على أحدد أهم المخططات الاقتصادية في المغرب، ويتعلق الأمر بمخطط تسريع التنمية الاقتصادية الذي بدأ العمل به في 2014، والذي يهدف إلى زيادة نسبة الصناعة في الناتج الداخلي الخام وتعزيز مؤهلات التصدير وتعزيز قدرات استقبال المستثمرين، ولم يتأخر ظهور ثمار هذا المخطط الذي استطاع أن يحول المغرب إلى عاصمة للعديد من أنواع الصناعات قاريا، بما في ذلك صناعة السيارات وأجزاء الطائرات، لدرجة أنه "لم تعد هناك طائرة جديدة تحلق في السماء إلا وتحمل قطعة مصنوعة في المملكة"، وفق توصيف العلمي.

وأصبح واضحا أن الرباط لم تعد تعول على الفوسفاط والمنتجات الفلاحية وحدها في خانة صادراتها، ففي 2019، العام الذي سبق جائحة كورونا، احتلت صادرات السيارات الرتبة الأولى بنسبة 27,3 في المائة، متبوعا بالصناعات الغذائية والمنتجات الفلاحية بنسبة 21,6 في المائة، قبل الفوسفاط ومشتقاته بنسبة 17,4 في المائة، لكن كل ذلك لم يكن كافيا بالنسبة للعلمي، لذلك أطلق خطة مصدرها "دروس" زمن الجائحة.

ففي 2020، اكتشف المغرب أنه قادر على ضمان الاكتفاء الذاتي في عدة صناعات خفيفة تغنيه عن اللجوء إلى الاستيراد بواسطة العملة الصعبة، على غرار ما حدث عندما قرر صناعة الكمامات والمواد المطهرة، وفي نونبر من سنة 2020 أشرف العلمي على توقيع 17 اتفاقية استثمارية جديدة بمبلغ 857 مليون درهم، بهدف إحداث أكثر من 3000 منصب عمل مباشر و1,360 مليار درهم كرقم معاملات، لكن الأهم هو أن هذه الخطوة ستمكن المملكة من تقليص وارداتها بـ34 مليار درهم.

وتركز خطة العلمي على أن العديد من الواردات يمكن استبدالها بمنتجات مُصنعة محليا في مجالات الصناعات الغذائية والصناعات البلاستيكية والكهربائية والإلكترونية والحركية، إلى جانب صناعات الجلد والنسيج والخشب، وحتى في الصناعات المعدنية والميكانيكية والكيميائية وتلك المرتبطة بوسائل النقل، وهو ما سيمكن المغرب من تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدة مجالات أولا، ثم التحول من مستورد لتلك الصناعات إلى مصدر لها.

لكن السنوات التي قضاها العلمي في الحكومة، لم تخل أيضا من محطات مثيرة للجدل، أبرزها قصة بيع حصته في شركة "سهام" للتأمين لمستثمرين من جنوب إفريقيا، حين أسدى له زميله في الحكومة والحزب، محمد بوسعيد، "خدمة العمر" بالتنصيص على إعفاء مثل هذه العمليات من الرسوم الضريبية في قانون المالية لسنة 2018، وهو الأمر الذي أدى إلى صدور قرار ملكي بإعفاء بوسعيد من منصبه "في إطار تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة"، كما جاء في بلاغ الديوان الملكي.

وكانت للعلمي محطات أخرى لا زالت علامات الاستفهام تلفها إلى الآن، ففي ماي من سنة 2020 وفي عز جائحة كورونا، طفت على السطح احتجاجات أرباب مؤسسات النسيج في طنجة، حين اكتشفوا أن محمد بوبوح، رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، استغل صداقته مع الوزير للحصول على "امتياز" تصنيع الكمامات المُعدة للتصدير، في الوقت الذي كانوا هم يعانون فيه من أزمة غير مسبوقة بسبب توقف النشاط الاقتصادي.

ومهما كان الأمر، فإن اسم حفيظ العلمي، الذي ارتبط في الكثير من الأحيان بصفة "التحدي"، على غرار حكايته مع وزيرة التجارة المصرية التي أوقف صادرات بلادها إلى المملكة ردا على العراقيل الجمركية التي كانت تعاني منها المنتجات المغربية الموجهة إلى مصر، أو إصراره على مراجعة اتفاقيات التبادل الحر مع تركيا، جعلت من وزارة كان المغاربة ينظرون إليها على أنها تنظر إليه من برج عاجي، إلى إحدى أكثر الوزارات "شعبية" وإثارة للاهتمام.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...