دروس كييف والرباط من "نفاق الغرب"!

 دروس كييف والرباط من "نفاق الغرب"!
الصحيفة
السبت 26 فبراير 2022 - 21:15

كشف الغزو الروسي لأوكرانيا الكثير من النفاق الغربي في السياسة الدولية. وعرّى بوتين كل أوهام أوروبا وجعلها أمام مجهر قاسٍ للتاريخ، بعدما اكتفت العديد من دوله بالإدانات عوض الدعم الذي وعدت به كييف في حربها ضد موسكو.

ظل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يطالب الغرب بالدعم العسكري عوض الوعود، وناشد دول الاتحاد الأوروبي بتفعيل إخراج موسكو من نظام "SWIFT" المالي الذي يربط ما يزيد عن 11 ألف مؤسسة مصرفية حول العالم، مما قد يخنق روسيا اقتصاديا، ويجعل من المستحيل على المؤسسات المالية الروسية إرسال الأموال داخل أو خارج البلاد، وسيجمد إلى حد كبير من صادراتها خصوصا من النفط والغاز المقومة بالدولار الأمريكي.

في مقابل هذه المطالب، ظلت فرنسا تعترض على هذا الخيار، في حين ظلت ألمانيا تستبعده بسبب الاستثمارات الألمانية والفرنسية في روسيا، وهو ما جعل الرئيس زيلينسكي يخرج في خطاب أمام العالم ليؤكد أن أوكرانيا تُرِكت لوحدها لتحارب روسيا.

تاريخيا، دائما ما كان الغرب يبني سياسته على المصالح والنفاق السياسي، وظلت أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تحمل عصى "زعيمة الأخلاق السياسية" من خلال أدوات ناعمة خلقتها لتدبير مصالحها في العالم، من منظمات سياسية وحقوقية موازية إلى جعل الكثير من بؤر التوتر في العالم مفتوحة لتقتات منها اقتصاديا وسياسيا، وهو المنطق الذي ظل ركيزة أساسية في تعامل أوروبا مع الدول خارج حدودها السياسية.

خروج الرئيس الأوكراني ليتحدث عن خِذلان وأنانية الغرب لبلاده في حربها مع روسيا، هو صورة مصغرة لسياسات الاتحاد الأوروبي "المنافقة" في العالم، والتي عانت منها العديد من الدول، بما فيهم المغرب طوال ما يزيد عن نصف قرن في قضية الصحراء.

ومنذ خروج الاستعمار الإسباني من جنوب المغرب، والفرنسي من شرقه ووسطه، ظلت المملكة تعاني من مخلفات هذا الاستعمار الذي ترك وراءه الكثير من الحصى العالق في حذاء الرباط إلى اليوم، واستنزف المنطقة المغاربية بكاملها وخلق الكثير من العداء بين الجزائر والمغرب مازالت تداعياته تستنزف مستقبل شعوب البلدين إلى اليوم.

ومع مرور كل هذه السنين، ظلت الدول الأوروبية تنافق، وتقتات من هذا المشكل التاريخي، وتلعب على حبل توازن مصالحها بين المغرب والجزائر، وتدخل قضية الصحراء في العديد من المرات إلى خانة التدويل السياسي، كما حصل مع السويد سنة 2016 التي كانت تستعد للاعتراف بجبهة انفصالية تحمل السلاح مثل "البوليساريو" وتعيش على حرب العصابات على أنها دولة "ذات سيادة"، وهو نفس النفاق السياسي الذي تعاملت به ألمانيا حينما عارضت اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بمغربية الصحراء وطالبت بعقد اجتماع عاجل ومغلق لمجلس الأمن لدراسة القرار.

والنفاق السياسي لألمانيا والسويد، هو نفسه ما قامت به إسبانيا التي ظلت تؤكد على عمق علاقاتها مع المغرب وتتحسس مصالحها الأمنية والاقتصادية مع المملكة، وفي الوقت نفسه، عملت سرا على السماح بدخول زعيم الجبهة الانفصالية البوليساريو إلى أراضيها بجواز سفر مزور وبتنسيق مع المخابرات الجزائرية، قبل أن تصبح هذه القضية فضيحة سياسية في إسبانيا أطاحت بالكثير من القيادات الأمنية، وبوزيرة خارجية حكومة بيدرو سانشيز أرانتشا غونزاليس لايا.

بعد ما يزيد عن نصف قرن من هذا النفاق السياسي، والمكائد وجعل الكثير من بؤر التوتر مفتوحة في العالم وفق المصالح الأوروبية، اقتنع المغرب بأن عليه أن يلعب أوراقه كاملة مع هذه الدول ليحافظ على مصير وحدة ترابه التي خضعت لأنانية الغرب طوال عقود.

فرفع صوته أمام ألمانيا، وأغلق العديد من الأبواب الاقتصادية أمام إسبانيا، وفتح قنوات خلفية مع دول وسط وشرق أوروبا رفض منطق الانفصال وتقسيم الوحدة الترابية للدول، وأعاد ترتيب أوراق سياسته الخارجية، بين ما هو أمني إلى ما هو اقتصادي واستراتيجي وإنهاء منطق الاتكاء على "حسن الجوار" لرسم الشراكات الاستراتيجية، وهو ما أكده وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة للقناة التلفزيونية الهنغارية "هير تي في"، حينما أكد أنه "في الوقت الحاضر، لم يعد الجوار عنصرا مهما.. ما يهم هو الثقة ومصداقية الشريك". 

اليوم، الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أصبح مقتنعا أكثر من أي وقت مضى أن "أوروبا" منافقة، وأن حلف الشمال الأطلسي وُجِد كي لا يطلق أي رصاصة واحد من أجل الشعوب المقهورة والمظلومة التي تعيش على وقع القصف والتشرد مثلما هو الحال اليوم مع الشعب الأوكراني، حيث العالم يتسمر أمام شاشات القنوات ليشاهد في القرن 21 دولة تغزو دولة أخرى، في الوقت الذي بدا مجلس الأمن مثل بيت للقمار السياسي مرهون بفيتو خمس دول تعتبر عظمى بقوتها العسكرية والاقتصادية ومستعدة أن تبيع أي شيء من أجل مصالحها لا من أجل أي حق تاريخي أو مطلب إنساني وأخلاقي لأي شعب أو دولة!

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...