سفيان البقالي معدن المغرب النفيس.. من رحم "أم الألعاب" حمل المشعل وركض وحيدا نحو المجد

 سفيان البقالي معدن المغرب النفيس.. من رحم "أم الألعاب" حمل المشعل وركض وحيدا نحو المجد
الصحيفة - عمر الشرايبي
الأربعاء 20 يوليوز 2022 - 19:07

حبس المغاربة أنفاسهم عند الساعة الثالثة وعشرين دقيقة من فجر الثلاثاء، في انتظار رصاصة انطلاقة نهائي سباق 3000 متر موانع في بطولة العالم لألعاب القوى بمدينة يوجين في ولاية أوريغون الأمريكية..كأن بالزمن يعود للوراء، حين بدأت الحكاية بحلوها ذات صيف من سنة 1984 في لوس أنجليس واستمرت بمرها عام 1994 في أتلانتا.

ارتأى كاتب التاريخ ألا يغلق الصفحات، فبعد ذهبية سعيد عويطة ونوال المتوكل ثم سقطة هشام الكروج في نهائي 1500متر، كان لابد لقدر الرياضة المغربية أن تنجب لنا سفيان البقالي، الإبن البار من رحم "أم الألعاب"، والذي حمل المشعل وركض وحيدا، اجتاز المانع تلو الآخر، ليصل إلى خط النهاية ويلتف بالعلم المغربي..خير خلف لخير سلف!

نعود بالزمن إلى سنة 2016، حيث بدأت حكاية المجد الرياضي، حينها كان الملاكم المغربي محمد ربيعي يخطف أضواء النجومية، بعد إحرازه الميدالية البرونزية في دورة الألعاب الأولمبية، التتويج المغربي الوحيد في الدورة..إلا أن أمرا ما كان يحدث في المضمار الأولمبي لألعاب القوى؛ شاب يدعى سفيان القالي حل في المرتبة الرابعة لسباق 3000 متر موانع، على أعتاب "البوديوم".

حينها، تنبأ المراقبون أن خريج أكاديمية محمد السادس لألعاب القوى في إيفران، سيكون له شأن كبير في صيف سنة 2017، وهو الذي تدرج السلالم بهدوء، بداية بمركز رابع في بطولة العالم للشباب 2014 ثم مركز رابع في أول مشاركة "أولمبية" مع الكبار، مرورا بمرارة الإخفاق في أول امتحان قاري، حين اكتفى العداء المغربي بمركز عاشر في بطولة إفريقيا.

العارفون بتاريخ سفيان البقالي، لم يتفاجؤوا بالقفزة النوعية التي شهدها مسار ابن مدينة فاس، الأخير الذي حظي برعاية أستاذه كريم التلمساني، الإطار الوطني الذي رأى في الموهبة مادة خام تحتاج الصقل، فكان له ذلك لما تابع بنظرات أبوية، شبله يدخل ثانيا في ملتقى روما للعصبة الماسية، محققا زمنا شخصيا قدره 8 دقائق و5,7 ثوان، محطما رقمه الشخصي بأزيد من تسع ثوان..تطور هرمي جعل البطل المغربي يتحول من اسم صاعد يؤثث فضاء المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط إلى واجهة إشعاعية للملتقى بعد سنوات.

هكذا كان الأمر في سنة 2017_لم يكن البقالي حاضرا ضمن "بلاطو" نخبة العدائين المشاركين في ملتقى جائزة "محمد السادس" ضمن جولات الDiamond League، فدفعني فضول الصحافي أن أسأل عن "سر هذا التهميش؟"، مؤمنا بأن البطل المغربي سيفرض نفسه على المنصة وحتى على الصورة العملاقة بمدخل الملعب، قبالة مقر الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، حيث بقيت أطلال سنوات المجد..بعد خفوت نجم "المناضل" عبد العاطي إيكيدير.

في 16 يوليوز 2017، دخل البقالي في الصف الأول، متقدما على البطل الأولمبي، الكيني كونسيلوس كيبروتو، فعلمت الرباط حينها أن لها نجما قادما لحمل المشعل، فلتة أخرى من أبناء المغرب العصاميين، الذين تحدوا غياب الرؤية السياسية الرياضية من أجل صناعة المجد ..فليتنفس المسؤولون الصعداء، ها هو سفيان سينقذ ماء الوجه خلال قادم السنوات!

بقية القصة يعلمها الجميع، خريج مدرسة التلمساني، توج بفضية بطولة العالم "لندن 2017"، ثم بدأ مشوار كسر الأرقام، حيث نزل عن حاجز ثمان دقائق، خلال ملتقى موناكو سنة 2018، وهي السنة التي عانق فيها معدن الذهب لأول مرة، بعد تتويجه في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط "تاراغونا".

عقدة "وصافة كيبروتو" ظلت ملازمة لبدايات البقالي، حتى أن العداء اشتكى لي، بابتسامته العفوية، من نفس السؤال الذي يتردد، وهو الذي كان يعلم أنه سيحين وقت الانقضاض على عرش سباق 3000 متر موانع وإنهاء السيطرة الكينية التي استمرت لسنوات..هكذا لسان حاله وهو يصعد ثالث أدراج "البوديوم" في بطولة العالم 2019 بالدوحة، خلف كيبروتو والإثيوبي لاميشا جيرما.

جاءت الجائحة وتوقف معها العالم لأشهر، إلا أن طموح البقالي كان بشموخ جبال الأطلس الكبير، حيث ظل ينعم بهدوء إيفران ومناخها الرائع، مواظبا على تداريبه، تحضيرا لمحطة الألعاب الأولمبية "طوكيو 2020"..التي قد تأت أو لا تأتي!

كان البقالي حاضرا في الموعد، أو بالأحرى تأخر الموعد بسنة عن البطل المغربي، إلا أنه أبى إلا أن يكتب تاريخ 2 غشت 2021 بمداد من الفخر في تاريخ الحركة الأولمبية المغربية، التي لا تحتفظ سوى بست أسماء مرصعة بالمعدن النفيس؛  سعيد عويطة ونوال المتوكل في "لوس أنجليس1984"، تواليا، في سباقي 5000 متر و400متر حواجز، ثم خالد بوطيب صاحب ذهبية سباق 10آلاف متر ضمن دورة "سيول 1988"، ذهبية خالد السكاح في سباق 10آلاف متر "برشلونة 1992"، ثم ثنائية الكروج في أثينا، صيف سنة 2004.

ولأنه صاحب "البورتريه"، تركت له كلمة الختام..."السلام عليكم، معكم سفيان البقالي، أود أن أشكركم جميعا على تشجيعاتكم، اليوم أنا بطل عالمي بعد أن أصبحت بطلا أولمبيا، حققت ثنائية أولمبياد طوكيو وبطولة العالم في يويجين..أشارك الشعب المغربي فرحتي هاته وأنا ممتن كثيرا لكم على تشجيعاتكم المتواصلة وأشكركم على الثقة التي تضعونها في سفيان البقالي".

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...