سنة 1802.. المغرب يُعلن الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية دعما لليبيا وواشنطن "تعتذر"

 سنة 1802.. المغرب يُعلن الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية دعما لليبيا وواشنطن "تعتذر"
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الأحد 5 يونيو 2022 - 18:17

تُعتبر علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع المغرب، هي الأقدم في تاريخها، على اعتبار أن المغرب كان هو البلد الأول الذي اعترف باستقلال أميركا عن التاج البريطاني في سنة 1777م، وبالتالي مهّد هذا الاعتراف لعلاقات صداقة وشراكة طويلة لازالت ممتدة إلى هذا اليوم.

غير أنه بالرغم من هذه العلاقة الثنائية الاستثنائية بين البلدين، إلا أن توترا دبلوماسيا حادا وقع سنة 1802م بين الطرفين كاد أن يصل إلى مواجهة عسكرية مباشرة، وكانت الولايات المتحدة أنذاك لازالت بلدا فتيا لم يمض على وجوده مستقلا 3 عقود من الزمن.

ويرجع سبب هذا التوتر، إلى قرار السلطان المغربي المولى سليمان، بإرسال سفينيتين من المساعدات، عبارة عن حمولات من القمح والشعير إلى ليبيا، وكانت السواحل الليبية أنذاك في حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتحت حصار الأسطول الأمريكي، بسبب أعمال القرصنة التي كان يمارسها الليبيون ضد السفن الأمريكية التي تعبر البحر الأبيض المتوسط.

قرار السلطان المغربي قابله القنصل الأمريكي في طنجة، جيمس سيمبسون، (طنجة كانت العاصمة الدبلوماسية للمغرب أنذاك)، بالرفض، وعلّل القنصل الأمريكي رفض بلاده لهذه البادرة المغربية، باتفاقية تجمع المغرب والولايات المتحدة الامريكية تم توقيعها في سنة 1786م، وتنص هذه الاتفاقية على عدم مساعدة المغرب لأي دولة تدخل في حرب مع الولايات المتحدة، وعلى إثر ذلك رفض القنصل الأمريكي السماح للسفينيتين المغربيتين اللتين كانتا راسيتان في ميناء جبل طارق  بالتوجه إلى ليبيا.

وحسب عدد من المؤرخين، فإن هذا التصرف من القنصل الأمريكي، أثار انفعالا شديدا لدى السلطان المولى سليمان، الذي عُرف بسياسة الانغلاق ورفضه للتدخل الأجنبي في شؤون المغرب بأي شكل من الأشكال، فأصدر أمره لعامل طنجة بطرد القنصل الأمريكي من المغرب على الفور، وتبع هذا القرار بقرار مفاجئ، وهو الإعلان بصفة رسمية الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى إثر ذلك، رحل القنصل الأمريكي عن طنجة وتوجه إلى جبل طارق، وهناك بدأ في بعث برقيات ورسائل لمختلف الدول، يُعلن فيها بأن المغرب قرر شن الحرب على بلاده، وما قاله في تلك المراسلات التي لازالت محفوظة إلى اليوم، تجسد على أرض الواقع، حيث بدأ المغرب بالفعل الاستعداد للحرب ضد الولايات المتحدة وضرب أسطولها.

وتشير إحدى مراسلات القنصل الأمريكية الذي استقر في جبل طارق خلال هذه الأزمة الدبلوماسية، أن المغرب عقب هذا الإعلان، توصل ابتداء من يونيو 1802 بعدد مهم من الأسلحة والعتاد، بعضها عبارة عن هدية من بريطانيا التي لم تكن قد استساغت بعد استقلال الولايات المتحدة عن تاجها.

لكن بعد فترة قصيرة من هذا التصعيد، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عبر قنصلها، جيمس سيمبسون، تقديم اعتذار رسمي للمغرب على ما حدث، وتراجعت عن موقفها بشأن إرسال المغرب لمساعدات لليبيين، وبالتالي توجهت سفينتا السلطان إلى ليبيا دون أي اعتراض من الأسطول الأمريكي، لتُطوى بذلك واحدة من حوادث التوتر الدبلوماسي القليلة جدا في تاريخ العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...