سوسي متدين يرأس الأمن القومي الإسرائيلي.. "مائير بن شبات" مبعوثُ نتنياهو الذي خاطب الملك بـ"الدارجة"

 سوسي متدين يرأس الأمن القومي الإسرائيلي.. "مائير بن شبات" مبعوثُ نتنياهو الذي خاطب الملك بـ"الدارجة"
الصحيفة - حمزة المتيوي
الأربعاء 23 دجنبر 2020 - 9:00

التصقت صورته بأذهان العرب وهم يتابعون وصول أول وفد رسمي إسرائيلي إلى مطار أبو ظبي يوم 31 غشت 2020، بعد توقيع "اتفاق سلام" بين الإمارات العربية المتحدة والدولة العبرية برعاية مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث كان "مائير بن شبات" بارزا للجميع رغم قامته القصيرة بفضل القلنسوة اليهودية "كيباه" التي يصر على ارتدائها أينما حل وارتحل.

وتكرر المشهد يوم أمس الثلاثاء 22 دجنبر 2020 أيضا، وهذه المرة في العاصمة المغربية، عندما نزل بن شبات من طائرة "العال" بمطار الرباط – سلا رفقة جاريد كوشنير، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، معتمرا "الكيباه" التي يميزها اللون الأزرق المحاط بخط أبيض في دلالة على العلم الإسرائيلي، ليصافح بحرارة محمد اليعقوبي، والي جهة الرباط – سلا – القنيطرة، في إشارة تؤذن رسميا بعودة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب التي انقطعت طيلة عقدين من الزمن.

لكن بن شبات لم يكن يحتاج إلى تأشيرة على جواز سفره الأزرق الذي يتوسطه شمعدان "مينوراه" السباعي، شعار "الدولة القومية اليهودية"، فالرجل الذي يحمل الآن صفة رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والذي يعد أحد المستشارين المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يمكنه بسهولة الحصول على جواز سفر مغربي ما دام قد ازداد على أرض المملكة، وتحديدا في منطقة سوس سنة 1966، ليكون بذلك واحدا من بين نحو مليون شخص يشكلون الجالية اليهودية في إسرائيل، التي من أجلها وافق الملك محمد السادس على إعادة العلاقات مع تل أبيب، حسب ما جاء في بلاغ للديوان الملكي أعقب مكالمته الهاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن يوم 10 دجنبر الجاري.

وانتقل بن شبات إلى إسرائيل مع أسرته اليهودية السوسية المكونة من 16 فردا إلى إسرائيل وهو بعدُ طفل صغير، نتيجة اقتناع والديه بوجود ضرورة دينية للانتقال إلى "الأراضي المقدسة"، وهناك ستستقر الأسرة بمدينة بئر السبع وستُلحق ابنها مائير بمدرسة "يشيفا أهل شلومو" التوراتية ليتلقى تكوينا دينيا أصوليا جعله شديد الوفاء لفكرة إقامة وطن قومي يجمع اليهود من مختلف أنحاء العالم، وهي الفكرة التي ستدفعه أيضا لدراسة العلوم السياسية بجامعة "بار إيلان" في مدينة "رامات غان"، قبل أن يلتحق ببرنامج تكوين المدراء وكبار المسؤولين في جامعة تل أبيب.

وانضم "مائير" إلى الجيش الإسرائيلي في الثمانينات حيث جرى تعيينه في لواء "جيفاتي" أو لواء "الحجيم"، المتخصص في العمليات البرمائية وتلك التي تتم بالمرتفعات، وهناك أثبت كفاءة عالية جعلته يحصل على وسامه الأول، لكنه سرعان ما سيلفت إليه أنظار أجهزة المخابرات، ليضمه جهاز الأمن العام "الشاباك" إلى صفوفه سنة 1989، الفرصة التي سيستغلها الشاب المغربي الأصل ليصنع مساره السياسي والاستخباراتي الطويل.

وعمل الشاب القادم من جنوب المغرب في مجالات حساسة من بينها "الأمن السبراني" المرتبط بمراقبة أنشطة شبكات الانترنيت والاتصالات الرقمية، ثم في مجال "مكافحة الإرهاب" وعمليات التجسس، قبل أن يُعين رئيسا للمنطقة الجنوبية ضمن جهاز "الشاباك"، وتخصص بشكل كبير في مراقبة قطاع غزة وحركة حماس، ما جعله صاحب الدور الاستخباراتي الأكبر في حربي 2008 و2014، الأمر الذي سيقربه كثيرا من مواقع صناعة القرار السياسي في الدولة العبرية وخاصة مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وسريعا، تحول بن شبات إلى موضع ثقة نتياهو وأقرب مستشاريه، حيث كان وسيطه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما جعله مقربا جدا من صهره جاريد كوشنير، ومعه سيبدأ العمل على خطته الاستراتيجية الكبيرة المعروفة بـ"صفقة القرن"، ثم سيشرع في محادثات غير مسبوقة مع العديد من الدول العربية في سبيل الوصول إلى "اتفاقات سلام" تنتهي ببناء علاقات دبلوماسية كاملة معها.

وأظهر بن شبات، الذي عُين رئيسا لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي في نونبر من سنة 2017، كفاءة عالية في ملف العلاقات العربية الإسرائيلية، عندما نجح في إقناع الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين بتطبيع علاقاتهما بالدولة العبرية، لكن "الإنجاز" الذي استحق عليه شُكرا علنيا من نتنياهو كان هو نجاحه في إقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالسماح للخط الجوي الرابط بين إسرائيل والهند بالمرور عبر الأجواء السعودية في سابقة من نوعها.

لكن رجل المخابرات "السوسي – الإسرائيلي" سيحمل لنتنياهو هدية أخرى أواخر سنة 2020 عندما لعب دورا محوريا في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والمغرب، البلد الذي غادره يافعا مودعا حياة الصبا في سهول سوس، وعاد إليه بعد ما يقارب نصف قرن حاملا جواز سفر آخر، حيث سيحظى بـ"استقبال رسمي" وسيقف أمام وسائل الإعلام ثم أمام الملك متحدثا بلهجة مغربية واضحة ساعدته في التعبير عن "الانتماء" إلى بلد أجداده، رغم كونه جاء في مهمة عنوانها "الدبلوماسية البراغماتية" قبل أن تكون رحلة لصلة الرحم. 

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...