شبيبة القبائل يحيي ذكرى "الربيع الأسود" برفع العلم الأمازيغي في ظل تهديد الرئيس الجزائري بمتابعة "الانفصاليين"

 شبيبة القبائل يحيي ذكرى "الربيع الأسود" برفع العلم الأمازيغي في ظل تهديد الرئيس الجزائري بمتابعة "الانفصاليين"
الصحيفة - عمر الشرايبي
الجمعة 23 أبريل 2021 - 22:22

احتفى لاعبو فريق شبيبة القبائل الجزائري لكرة القدم، قبل يومين، بالذكرى السنوية العشرين لاندلاع انتفاضة "الربيع الأسود" الدامية، التي خرجت في منطقة "لقبايل" بالجزائر، وهو الحدث الذي يكتسي أهمية خاصة للمناضلين من أجل حفظ الهوية الأمازيغية في مسيرتهم لتثبيت الاعتراف بثقافتهم ضمن المجتمع.

رفع العلم الأمازيغي، على هامش الانتصار أمام فريق "القطن" الكاميروني والتأهل لدور ربع نهائي مسابقة كأس الكونفدرالية، يحمل في طياتها دلالات كبيرة للممثل منطقة "القبائل" داخل منظومة كرة القدم الجزائرية، في صلة للحاضر بماضي وفاة الطالب ماسينسا قرماج في مقر للدرك الوطني، بتاريخ 18 أبريل 2001، متأثرت بإصابات جراء طلقات نارية برشاش "كلاشنيكوف" ضواحي مدينة "تيزي وزو"، شرق الجزائر العاصمة.

الاحتجاجات التي تلت الواقعة، والتي عرفت بـ"الربيع الأسود"، كانت شرارة أولى وشهادة ميلاد لشكل جديد من الاحتجاج في الجزائر، أدى إلى احتلال الشارع، كما قال سعيد سعدي، أحد رموز النضال من أجل الهوية الثقافية الأمازيغية والرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وهو الشاهد اليوم على تداعيات ما سمي بـ"الربيع العربي" وثورات ما بعد سنة 2011.

قبل المطالبة بإسقاط نظام بوتفليقة عبر شعارات شباب الجيل الحالي، كانت الحركة الأمازيغية من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل التي تأسست عام 2002، تطالب بالاستقلال عن الجمهورية الجزائرية، قبل إعلانها سنة 2010 في باريس، عن تشكيل حكومة قبائلية مؤقتة، وذلك لإنهاء ما تسميه ظلم واحتقار وهيمنة الحكومة الجزائرية للمنطقة وأبنائها، حسب ما صرحت به حينها.

وسط هذا الجو، نشأ وترعرع فريق شبيبة القبائل، الفريق الذي رفع مناصروه يوم 19 يونيو 1977، أثناء مباراة بحضور الرئيس بومدين، شعارات معارضة، مثل "اللغة الأمازيغية ستعيش"، مما أدى إلى تغيير إسم الفريق إلى "إلكترونيك تيزي وزو"، قبل أن يستعيد اسمه الأصلي سنة 1987.

وراء السجل الذهبي لفريق كرة القدم، بطل الجزائر 14 مرة والمتوج بكأس الجمهورية في خمس مناسبات، ناهيك عن الألقاب القارية السبع، حققت منطقة "القبائل" مكتسبات كبيرة في نضالها من أجل تكريس الهوية، حيث استطاعت حركة "العروش" (تجمع قبائل المنطقة)، وهي منظمة موروثة من الأجداد أصبحت تقود الحركة الاحتجاجية، في سنة 2000، تحقيق مطلب رحيل غالبية كتائب الدرك الوطني من منطقة القبائل.

كما أصبحت اللغة الأمازيغية، معترف بها "كلغة وطنية" بقرار من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، رغم معارضته لأي فكرة تتحدث عن التعددية، لكن سعيد سعدي الذي نشر مؤخرا الجزء الثاني من مذكراته، يعتبر أن قرار بوتفليقة "بإقرار الأمازيغية لغة وطنية جاء لتبرئة نفسه من المسؤولية عن جرائم الدولة المرتكبة في منطقة القبائل".

وفي وقت لاحق، أضحت الأمازيغية اللغة الرسمية الثانية في البلاد إلى جانب اللغة العربية بمناسبة تعديل الدستور في عام 2016، وفي دجنبر 2017، أصدر بوتفليقة مرسوما يعترف برأس السنة الأمازيغية "ينّاير" (الموافق 12 كانون يناير)، عطلة وطنية رسمية في الجزائر "لتوطيد الوحدة الوطنية"، يقول المناضل الأمازيغي في مذكراته.

بعد تولي الرئيس الجديد عيد المجيد تبون للمسؤولية، وفي غمرة الاحتقان الشعبي داخل شوارع الجزائر، توعد الأخير من أسماها بـ"الأوساط الانفصالية" داخل بلاده بالصرامة في التصدي لأنشطتها، في إشارة إلى نشطاء منطقة "القبائل" في أقصى شمال البلاد الملوحين بتأسيس" دولة مستقلة".

قبل أسبوعين، ترأس تبون المجلس الأعلى الجزائري للأمن، الأخير الذي تحدث بلهجة صريحة، عن تسجيله  لـ"أعمال تحريضية وانحرافات خطيرة من قبل أوساط انفصالية، وحركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب، تستغل المسيرات الأسبوعية".

وتابع البلاغ أن تبون شدد على أن الدولة "لن تتسامح مع هذه الانحرافات التي لا تمت بصلة للديمقراطية وحقوق الانسان، مسديا أوامره بالتطبيق الفوري والصارم للقانون، ووضع حد لهذه النشاطات غير البريئة، والتجاوزات غير المسبوقة، لا سيما تجاه مؤسسات الدولة ورموزها، والتي تحاول عرقلة المسار الديمقراطي والتنموي في الجزائر".

عشية الذكرى العشرين لـ"الرييع الأسود"، نشرت صحيفة النهار الجزائرية تقريرا حول ترجمة "البعد الوطني للغة الأمازيغية"، وقالت إن المحافظة السامية للأمازيغية ستقدم تقريرا لرئيس الجمهورية بخصوص ترجمة البعد الوطني للغة الأمازيغية وتعزيز مهام المحافظة استجابة لمتطلبات الميدان.

وأضافت أن الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، الهاشمي عصاد، قال عشية إحياء ذكرى الربيع الأمازيغي، إنه "بمناسبة الذكرى المزدوجة للربيع الأمازيغي فإن المحافظة السامية للأمازيغية تجدد التأكيد على التزامها الدائم بالعمل من أجل تعزيز الأمازيغية ضمن أجهزة التعليم والاتصال من خلال مرافقة عملية تجسيد مسار تعميمها الذي شرع فيه سنة 1995".

في ظل كل هذه الأحداث المتراكمة، رفع فريق شبيبية القبائل علم المنطقة الأمازيغي الذي يمثل هوية الفريق وسكان تيزي وزو المطالبين بالاستقلال عن الجزائر والمطاردين من طرف النظام على أنهم انفصاليين بعد أن أكد عبد المجيد تبون في حوار مُتلفز أنه لن "يقبل الانفصاليين في بلاده" الجزائر!

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...