شغب ملاعب كرة القدم المغربية.. بين مسببات "الآفة" وحلول مواجهتها

 شغب ملاعب كرة القدم المغربية.. بين مسببات "الآفة" وحلول مواجهتها
الصحيفة: عمر الشرايبي
الجمعة 14 فبراير 2020 - 19:00

باتت آفة الشغب تنخر الجسد الكروي المغربي، حيث تتكرر في كل مرة نفس مشاهد الفوضى والتخريب، التي ترافق مباريات البطولة، منذ مواسم عدة، كما تتسلط الأضواء على المسببات والدوافع في تقييم للأحداث، دون إيجاد حلول ناجعة للحد من الظاهرة، إذ تترامى المسؤولية بين أطراف عدة ويبقى المتضرر الوحيد: كرة القدم الوطنية.

بالرغم من التطور الذي عرفته الكرة المغربية، على عدة مستويات، سواء عبر التجهيزات والبنى التحتية التي وفرتها الجامعة، أو عبر مسايرة ركب الاحتراف على الصعيد الدولي، فإن القائمين على تسيير الشأن الكروي المحلي، لم يتمكنوا، لحدود اللحظة، من احتواء الوضع المرتبط ب "ظاهرة الشغب"، قياسا بالمجهودات التي بذلت منذ سنوات لمعالجة القضية.

المقاربة الأمنية..

مع حدوث كل واقعة "شغب" مرتبطة بأحد المواعيد الكروية، يتساءل الرأي العام عن موقع الجهاز الأمني مما حصل، حيث يتحمل الأخير جزء كبير من المسؤولية، خاصة في حال وقوع انفلات عن الوضع الطبيعي، وهو ما يتكرر عادة في تقييم للأحداث.

خلال السنوات الأخيرة، نوعت المصالح الأمنية من أساليبها في التعامل مع "شغب الملاعب"، خاصة في العقد الأخير، مع بروز ظاهرة "الألتراس"، حيث فرضت الأخيرة التعامل معها بشكل يتماشى مع أفكارها ومبادئها، بالرغم من النقط السوداء التي واكبت الحركية في مهدها، حيث كانت محور لظواهر العنف والشغب، في حالات متفرقة، كما أن الفصائل المغربية دخلت قفص الاتهام، كلما تعلق الأمر بتقييم أمني للآفة.

الجهود المبذولة على المستوى الأمني، تجسد في اعتماد خلايا أمنية رياضية خاصة، تواكب تحركات الجماهير المغربية، سواء في التنقلات الخارجية أو التحضير للمواعيد الكبرى، أو على مستوى الرقابة الالكترونية، حيث باتت الأخيرة بؤرة للتوثر ومساهما رئيسيا في أحداث الشغب.

لكن، بالرغم من محاولات احتواء الوضع الجماهيري، إلا أن المقاربة الأمنية توضع في دائرة النقد، مع بروز شرارة الشغب داخل الملاعب المغربية، كما كان الحال خلال مباراة "الكلاسيكو" الأخيرة بين فريقي الجيش الملكي والرجاء الرياضي، لحساب الجولة 15من البطولة الاحترافية المغربية لكرة القدم، حيث أظهرت مقاطع "فيديو" طريقة تعامل السلطات الأمنية مع تنظيم خروج أنصار الفريقين، والذي كان من مسببات وقوع أحداث شغب، بعد نهاية المباراة.

في الوقت الذي أضحت مباريات بين أخرى، داخل البطولة المحلية، معروفة ب"حساسيتها"، على غرار "الديربي" بين الرجاء والوداد و"الكلاسيكو" بين فريقي مدينة الدار البيضاء والجيش الملكي، كان من المنتظر على المصالح الأمنية، نظرا للخبرات التي راكمتها، أخد الاحتياطات اللازمة وإحداث استراتيجية تراعي خصوصية هذه المواعيد، تفاديا للأحداث التي تتكرر في كل مرة بجنبات ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، على سبيل الذكر ليس الحصر.

المسببات والحلول..

مع مرور السنوات، يرتفع منسوب الاحتقان الكروي وسط الرأي العام المغربي، نظرا لعدة عوامل، ساهم فيها التطور التكنولوجي وتنوع وسائط التواصل الاجتماعي، فضلا عن انتشار المعلومة والنقاش العمومي الدائر، الذي يزيغ في بعض الأحيان، ليتحول إلى بؤرة للتهييج ومنصة لتحوير النقاش، مما يتسبب، بطريقة غير مباشرة، في تأجيج الصراع بين منصاري الفرق الوطنية وإضعال فتيل شغب محتمل.

فضلا عن الدور الذي يلعبه الإعلام، فإن منصات التواصل الاجتماعي، أضحت فضاء لخلق "الفتنة" بين المتداخلين في المشهد الكروي، وخاصة الجماهير المغربية، سواء عبر حسابات وهمية أو معلومة، أو عن طريق صفحات على "الفايسبوك"، وذلك في غياب لوسائل كزرية تحد من انتشارها.

في زمن "الالتراس"، أضحى لزاما على المتداخلين في الحقل الكروي، أن يستوعبوا لغة "الحركية" ومبادئها، الأخيرة التي تختلف تماما عن نمط التشجيع الكلاسيكي، كما أن الأساليب المعتمدة تتضارب، في عديد المرات، مع سوظ تقدير أو فهم، من لدن الأمن، مما يضعنا أمام "صراع أجيال"، في انتظار أن يساير المنهج الأمني ركب التشجيع الكروي الحديث، وهو ما قد يجنب المشهد العام من وقوع انفلاتات جديدة.

وحتى إن تعالت الأصوات المنادية بمنع التنقلات المنظمة، أو ما يعرف لدى "الالتراس" بمبدأ "الديبلاصمون"، إلا أن شروط تجسيده على أرض الواقع، لم تتحقق، في ظل العشوائية التي تميز المشهد الكروي، بين أندية سارت على درب الحد منه، بتخصيص نسبة قليلة من التذاكر لأنصار الفريق الزائر، وأخرى ترى في الإجراء متعارضا مع مصالحها، لما يدره تنقل أنصار الرجاء والوداد، على سبيل المثال، من عائدات مادية قياسية، خلال الموسم الكروي الواحد.

اعتماد منهج منع "الديبلاصمون"، وإن كان إجراء استباقيا، فإن تفعيله قد يتخد بعدا جزئيا، في حال تعامل المصالح المختصة، بذكاء، مع هذا الوضع القائم، حيث أن مباريات بعينها، أضحت مرتبطة بآفة الشغب، بالعودة إلى السنوات الماضية، وهو ما سيمكن من وضع تصور أمني واضح عن التنقلات ذات حساسية، باعتماد سلم "الشغب" في تنقيط المواعيد الكروية لمباريات البطولة.

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...