"صندوق كورونا" هل يستطيع مواجهة "جائحة اقتصادية" تتربص بالمغرب؟

 "صندوق كورونا" هل يستطيع مواجهة "جائحة اقتصادية" تتربص بالمغرب؟
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأربعاء 25 مارس 2020 - 13:12

بتجاوزه رسميا حاجز الـ23 مليار درهم، يكون الصندوق الخاص بتدبير ومواجهة فيروس كورونا الذي أُحدث بأمر ملكي قد تجاوز ضعف الرقم المحدد له سلفا، وهو 10 مليارات درهم، وذلك راجع أساسا لقيام مجموعة من المؤسسات الكبرى بالتبرع بأرقام كبيرة، كان من بينها الهولدينغ الملكي "المدى" الذي ساهم بملياري درهم.

لكن بالرغم من الرقم الكبير نسبيا الذي تمكن الصندوق من الوصول إليه في ظرف أسبوع واحد، وانخراط مؤسسات اقتصادية كبرى في هذه المبادرة مثل المكتب الشريف للفوسفاط وهولدينغ "آكوا" و"بنك إفريقيا" و"البنك الشعبي" وميناء طنجة المتوسطي وغيرها، إلا أن الإعلان عن امتداد حالة الطوارئ لشهر كامل بالمغرب، والأضرار الكبيرة المرتقبة على الاقتصاد الوطني تبعا لذلك، وتبعا أيضا لمعاناة جل الشركات الاقتصاديين الأوائل للمملكة من الوباء، يطرح علامات استفهام حول مدى قدرته على تجنيب المغرب "السكتة القلبية".

خطوة استباقية

وكان إحداث الصندوق من طرف الملك محمد السادس قد لقي استحسانا كبيرا من لدن العديد من المراقبين والفاعلين في الشأن الاقتصادي الوطني، وهو الموقف الذي عبر عنه البرلماني نوفل الناصري، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، الذي اعتبر أن هذه الخطوة تدخل في إطار "الإجراءات الاحترازية والوقائية التي اتخذها المغرب والكفيلة بمحاصرة الآثار السلبية لوباء كورونا على الاقتصاد الوطني وخاصة على المهنيين".

ويرى الناصري أن هناك مجموعة من القطاعات ستتأثر بفعل تبعات تفشي الوباء وبالتالي توقف المبادلات التجارية، مبرزا أن المشكلة ستتضاعف أيضا في ظل تراجع التصنيع ما سيؤدي إلى أزمة استهلاكية، أما المتضررون الكبار حسب تحليله، فسيكونون هم المهنيون في المجال السياحي والتجار الصغار والعاملون في مجال الخدمات مثل أصحاب المقاهي والمطاعم والحمامات.

ويرى الخبير الاقتصادي أنه إلى جانب توجيه شطر من المساهمات التي يجمعها الصندوق لتعزيز المنظومة الوطنية الصحية وتعزيز الأمن الدوائي وإنشاء مراكز استشفائية بعدة مناطق واقتناء المعدات الطبية، يمكن للشطر الآخر من المبالغ أن يساعد على تفادي الأزمة الاقتصادية الصعبة وامتصاص جزء من الأضرار الواقعة على المهنيين الصغار، خاصة من خلال تحمل تكاليف العاملين.

وأوضح الناصري أن أهمية هذا الصندوق تبرز أيضا عند استحضار أن هذه المرحلة القادمة ستكون صعبة على المغرب نتيجة تراجع الطلب الداخلي الذي سيتأثر بتأثر معظم دول العالم بالأزمة، علما أن بعضها متأثر أيضا بانخفاض أسعار النفط بشكل غير مسبوق، على الرغم أن لهذا الأمر وجها إيجابية بالنسبة للمغرب من خلال خفض الفاتورة الطاقية، مبرزا أن المملكة تعاني كذلك من مشكلة الجفاف وتراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، ما سيؤثر على معدل النمو.

استعادة الثقة

ومن ناحية أخرى أبدى الصندوق تكاتفا بين العديد من المؤسسات الدستورية والاقتصادية من أجل تجاوز المحنة، وهو ما يبرز عند الرجوع إلى قائمة المساهمين، حيث نجد أن أعضاء الحكومة ونواب ومستشاري البرلمان ومستشارو الملك ساهموا بقيمة شهر واحد من مرتباتهم فيه، وهو ما قام به أيضا كبار ضباط القوات المسلحة الملكية بجميع مكوناتها البرية الجوية والبحرية وكذا الدرك الملكي بالإضافة إلى مساهمة الإدارة العامة للأمن الوطني، وهي كلها تبرعات ستجاور مساهمات أغنى المؤسسات الاقتصادية بالمملكة.

ويرى الناصري أن هذه الصورة تؤكد "رجوع للثقة في عمل المؤسسات وحدوث مصالحة حقيقية بين الشعب المغربي بكل فئاته وبين السياسة والمسؤولين في الدولة"، معتبرا أن هذا الأمر تزامن مع إظهار الحكومة لـ"علو كعبها سواء من خلال التعامل مع الأزمة أو التواصل مع المغاربة".

واعتبر البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، في حديثه لـ"الصحيفة"، أن تنامي المساهمات في صندوق مواجهة كورونا "كفيل بإحداث تكامل بين أدوار الدولة وأدوار المجتمع وأدوار المؤسسات الاقتصادية، في ظل قيام الدولة والمجتمع المدني بواجبهم وإبراز المؤسسات الاقتصادية لوطنيتها".

"منطق إحساني"

لكن رغم ذلك، يرى بعض الخبراء الاقتصادين أن هذا الصندوق لن يكون كافيا لمواجهة الأزمة، وعلى رأسهم نجيب أقصبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة في الرباط، الذي شدد على أن هذه المبادرة "جدية، ونحن لسنا في موقع رفض مثل هذه المبادرات، بل يجب العمل على أن تمشي في الاتجاه الصحيح، لكنها رغم ذلك تظل غير كافية".

ويرتكز الخبير الاقتصادي في قراءته هذه إلى أن مبلغ 10 ملايير درهم (المبلغ المحدد جمعه كحد أدنى في بداية إحداث الصندوق) يمثل أقل من 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، في حين أن دول أخرى مثل إسبانيا وفرنسا تعمل على تعبئة ما بين 15 و20 في المائة من ناتجها الداخلي الخام لمواجهة التبعات الاقتصادية لوباء كورونا المستجد.

ومن ناحية أخرى، يرى أقصبي أن الاعتماد على التبرع كآلية رئيسية لملأ الصندوق "أمر جيد في الظرفية الراهنة"، لكنها في المقابل ترسخ "المنطق الإحساني وفكرة الصدقة"، مرودا أن الأزمات تحتاج عادة "لآليات قانونية أكثر قوة وفعالية لمواجهتها، وعلى رأسها الضريبة على الدخل والضريبة على الثروات".

وتابع أقصبي، العضو السابق بالمكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، أن قانون الضريبة على الثروات مثلا يمثل آلية أكثر عقلانية لمواجهة التبعات الاقتصادية للأزمة، "فلو كان هذا القانون موجودا كان الأثرياء سيساهمون بنسبة واضحة في العملية دون أن يعني ذلك أنه يقومون بعمل إحساني"، خالصا إلى أن الأسلوب المتبع الآن يبرز "غياب آليات المساهمة والتضامن المقننة المفروض توفرها وفق منطق دولة الحق والقانون".

فرص ضائعة

وأبرز أقصبي أن غياب تلك الآليات "أسقط المبادرة، على أهميتها، في الفوضى"، واستدل على ذلك بـ"مساهمة" شركة اتصالات المغرب بمبلغ 3,3 مليارات درهم لصالح الصندوق، والذي يمثل مبلغ الغرامة المفروضة عليها من طرف الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات لصالح الخزينة العامة للمملكة شهر فبراير الماضي نتيجة تورطها في ممارسات احتكارية، وهو ما يعني حسب المتحدث نفسه أن الأمر يتعلق بأداء واجب، بينما لم تتبرع الشركة عمليا بأي سنتيم.

وأوضح أقصبي أن الصندوق سيكون مفيدا جدا في حال نجاحه في ضمان التغطية لكل المغاربة الذين فقدوا مورد عيشهم اليومي والذين يشكلون السواد الأعظم من الموطنين، لكن ذلك، حسبه، سيصطدم بعدة معيقات أبرزها كيفية تحديد المستفيدين، وهو الأمر الذي كان سيكون ميسرا لو توفر المغرب على السجل الاجتماعي الموحد.

وتابع الأستاذ الجامعي أن عدة فعاليات نادت بضرورة توفير هذا السجل خلال الحديث عن إصلاح صندوق المقاصة، عندما نبهت إلى أن البديل سيكون عبر إحداث نظام للدخل الفردي يعتمد على آليات شفافة ومدروسة، وهو الأمر الذي ظلت الحكومة تتحدث عنه دون أن تنجز أي شيء على أرض الواقع.

وأورد أقصبي، خلال حديثه لـ"الصحيفة"، أن السؤال المطروح حول كيفية تحديد مستحقي الاستفادة من صندوق مواجهة كورونا كان الجواب عنه سيكون سهلا من خلال السجل الموحد الذي من شانه أن يفيد في إعداد اللوائح وتحديد نظام الاستفادة، خالصا إلى أن أزمة كورونا كشفت مرة أخرى عن "تضييع المغرب للعديد من الفرص، فعدم القيام بالإصلاحات الضرورية في وقتها يُعقد المشاكل مستقبلا ويرفع من كلفتها"، حسب تعبيره. 

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...