"الكلاش" في الملاعب المغربية.. بين الاستفزاز والخروج عن سياق الروح الرياضية

 "الكلاش" في الملاعب المغربية.. بين الاستفزاز والخروج عن سياق الروح الرياضية
الصحيفة - عمر الشرايبي
الجمعة 13 دجنبر 2019 - 19:30

أضحت ملاعب كرة القدم الوطنية، تعيش في السنوات الأخيرة، على ظاهرة الصراع الكلامي أو ما يعرف ب"الكلاش"، الذي تشتهر به موسيقى "الراب" الشبابية، حيث تحول السياق العام ليشمل جميع المتداخلين في الشأن الكروي، من جماهير ولاعبين ومسيرين، في مشهد ينخر "الروح الرياضية" في غالب الأحيان، كما يكون ممهدا لاندلاع أحداث شغب غير محسوبة العواقب.

بعد أن كانت في البداية عبارة عن "دعابات" خطابية بين أبناء الحي ممن يشجعون الرجاء أو الوداد، على سبيل الذكر ليس الحصر، تطور الأمر مع ظهور حركية "الألتراس"، ليتخد الموضوع أبعادا وأشكالا جديدة، لدى وسط جماهير كرة القدم المغربية، فأضحى "الكلاش" نمط عيش مقترن بالحياة الكروية، حتى أنه تحول ليتوغل بين فضاء التواصل الاجتماعي، في ظل تطور العصر وتقدم التكنولوجيا.

أصل"الكلاش"..علاقته بالشباب؟

كلمة "Clash" المشتقة من اللغة الإنجليزية، تعبر عن مرادفات عدة، على غرار الخصام والصراع، حيث تم استخدامها للإشارة إلى "صراع الحضارات" من خلال مؤلف للسياسية الفرنسية تيريز ديلبيش، سنة2015، كما عاد المصطلح للتداول في سياق الحديث عن الحوارات "المتشنجة" التي تتميز بالأخد والرد، كما صورها الصحافي أيمن كارون في مقال له على مجلة "تيليراما"، عدد يونيو 2016.

في عالم موسيقى "Rap"، اشتهر "الكلاش" لدى الوسط الشبابي، حيث يأخد شكل ال"Beef" أيضا، وهو حين يتواجه فنانان أو أكثر، عبر مقاطع موسيقية، على شكل أخد ورد، حيث ينتظر الرأي العام الأغنية التي سيرد من خلالها مغني على الآخر، في إطار ترويجي محض، كما كان عليه الشأن في فرنسا، سنة2006، بين المغنيين المشهورين "بوبا" و"سينيك".

الكلاش في عالم "الالتراس"..

بعد أن كان التشجيع في السابق، يقتصر على دعم الفرق بالشعارات والأهازيج، ساهمت حركية "الالتراس" في إقحام مفاهيم جديدة للمنظومة، كما أصبحت تتخد أشكالا وصورا جديدة، على غرار "الكلاش"الذي أضحى جزءا مهما من دور الفصائل المشجعة، سواء عبر لوحات "التيفو"، الأهازيج التشجيعية أو عبر الرسائل المحمولة.

في المغرب، يعتمد "الكلاش" بالأساس على وقائع تاريخية مرتبطة بالأندية المغربية، يستغلها الخصوم من أجل التذكير بها للمنافس، في إطار استفزاز المشاعر والنبش في تفاصيل مؤلمة للطرف الآخر، قد تكون لها علاقة بهزيمة تاريخية أو واقعة في مشوار الفريق "المقصود"، كما قد تمس جمهور "الغريم".

في السنوات الأخيرة، بدأت الملاعب المغربية تشهد تطورا كبيرا في مستويات "الكلاش"، حتى أنها تجاوزت في بعض الأحيان الخطوط الحمراء، كما هي بعض لوحات "التيفو" المرفوعة في مباريات "الديربي" بين الوداد والرجاء الرياضيين، حيث يبلغ مستوى "الصراع" إلى دروته، كما هي الرسائل الموجهة من هنا أو هناك.

وإن كان "الكلاش"، يكون في ظاهره صحيا، في سياق الحديث عن بعض الأمور، على غرار "الإدماج" التاريخي لفريق أولمبيك البيضاوي داخل نادي الرجاء الرياضي أو ملف فوز فريق الوداد بخمس بطولات وطنية قبل استقلال المغرب، فإن الظاهرة قد تتحول إلى "سم" لاذع يضرب بالقيم والروح الرياضية، عندما يتجاوز الأمر ليصبح "قدحا" وفتيل صراع بين طرفين أو أكثر.

"كلاش" اللاعبين والمسيرين..

في خصم النقاش الدائر حول "الكلاش"، فإن الأمر لا يقتصر فقط على المشجع، حيث أصبح مقترنا بشكل كبير بين المتداخلين الآخرين في اللعبة، سوء لاعبين أو مسيرين، إن كان ذلك عبر التصريحات أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي.

في السنوات الأخيرة، أصبحت اللجنة التأديبية التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أمام ضرورة دراسة بعض الملفات "الاستثنائية"، تخص بعض لاعبي البطولة الاحترافية وخرجاتهم عبر "فايسبوك" أو "الانستغرام"، كما عبر أشرطة "فيديو" متداولة، بعد أو قبل المباريات.

استفزاز إسماعيل الحداد لأنصار الرجاء، بعد مباراة أولمبيك خريبكة، قبل يومين، والذي تم تداوله عبر مقاطع "فيديو" للاعب، في تفاعل عفوي مع أنصار فريقه بعد نهاية المباراة، ليس إلا نموذجا لعدد كبير من زلات اللاعبين المحترفين المغاربة، والتي يمر بعضها مرور الكرام، في الوقت التي تؤجج فتيل صراع، قد يتحول إلى مدرجات الملاعب، يكون "كلاش" اللاعب سبب مباشرا في اندلاعه.

المسير داخل النواد المغربية، بدوره، يتحمل مسؤولية كبيرة، من خلال التصريحات التي يدلي بها، حيث عليه أن يضرب ألف حساب للمصطلحات المستعملة، انسجاما مع المكانة التي يحظى بها ودوره التوجيهي الكبير، خاصة في زمن تنوع وسائط التواصل والانتشار الرقمي الواسع.

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...