عبير موسي للصحيفة: قيس سعيّد ديكتاتور خطير لا نعترف بشرعيته.. واستقباله لزعيم البوليساريو "انحراف" لسياسة تونس الخارجية

 عبير موسي للصحيفة: قيس سعيّد ديكتاتور خطير لا نعترف بشرعيته.. واستقباله لزعيم البوليساريو "انحراف" لسياسة تونس الخارجية
حاورتها من تونس أمال العسري
الأثنين 10 أكتوبر 2022 - 12:00

اعتبرت رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس، عبير موسي، في حوار خاص مع "الصحيفة"، أن الرئيس قيس سعيّد "ديكتاتور خطير" يأخذ تونس إلى "دولة الخلافة"، حيث الخليفة (قيس سعيّد) يتحكم في رقاب الرعية، وعلى هذه الرعية أن تنفذ.

وشدّدت عبير موسي على أن سعيّد عمّق عُزلة تونس، وانكب على إرساء منظومته السياسية، وتغيير الدستور كما يريد، والسيطرة على مفاصل الدولة، والهيمنة على كل السلط، وتركيز حكم الديكتاتورية الذي يحلم به، وأهمل الجانب الاقتصادي.

وأشارت رئيسة الحزب الدستوري الحر أن حزبها لن يسمح لقيس سعيّد أن ينحرف بالسياسة الخارجية لتونس إن هو قرر "الاعتراف" بجبهة البوليساريو الانفصالية، مؤكدة أن حزبها يَعتبر استقبال الرئيس لإبراهيم غالي "انحراف خطير" للسياسة البورقيبية التي اعتمدتها تونس لعقود.

-لو بدأنا عبير موسي بالسؤال عن الحزب الدستوري الحر الذي كان ولازال شعاره لا للتطبيع مع النهضة، هل تعتقدون أن صفحة النهضة طويت ولا عودة تونس ما قبل 25 يوليوز أو "25 جويلية" كما تصفونها في تونس؟

كل متتبع للشأن التونسي، يعلم أن صفحة الإخوان لم تطو بعد، بالعكس هي بصدد التجدد، وبصدد الرسكلة. لقد تم إيهام الشعب التونسي بأن ما حصل يوم 25 يوليوز 2021، كان الهدف الأساسي منه هو إبعاد "الإخوان" عن الحكم وعن مفاصل الدولة، و أيضا محاسبتهم، لأنه لا يكفي الإبعاد الشكلي، بل لابد من فتح الملفات الحقيقية على كل المستويات، خاصة على مستوى "الجرائم" التي تم ارتكابها في حق الشعب التونسي، وهذا لم يحصل.

اليوم هناك محاسبة شكلية بمعنى استعراضية للاستهلاك فقط، وكلما نقصت شعبية قيس سعيد أو كلما ارتفع نسق الغضب الشعبي ضد سياساته الفاشلة، وضد الوضع المزري الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، إلا ويتم إخراج محاكمة من المحاكمات الصورية، وإيقافات لبضع ساعات، ثم يخرج "الإخوان" منتصرين مدعون أنهم أبرياء، وهذا ما نخشاه اليوم أن يتم تبييضهم نهائيا، بدعوى عدم إثبات تهم الفساد عليهم، وبالتالي سيصبح لهم وجود في المرحلة القادمة، وسيتمسكون أكثر بتواجدهم في المشهد السياسي، و هذا هو الخطر الداهم الذي نواجهه اليوم.

لذلك، نحن نحث قيس سعيد على أن يكون جديا في مواجهة "الإخوان"، لكنه يرفض غلق "وكر القرضاوي" الموجود في تونس ويرفض غلق "أوكار تفريغ الإرهاب" و"الأخطبوط الإخواني"، الذي تغلغل طوال هذه العشرية في تونس، وهذا أكبر دليل على أن صفحة النهضة لم تطو، بل تمر إلى مرحلة جديدة بطريقة جديدة وآليات جديدة وأكثر خطورة.

- هناك اتهام للحزب الدستوري الحر على أنه كان جزء من المشهد الفوضوي ما قبل 25 يوليوز، ألا تعتبرون أن نضالاته تم السطو عليها حتى أن البعض وضعه مع النهضة في نفس السلة؟

  هذا ما لاحظه الجميع، حيث ثم إيهام الشعب التونسي في 25 يوليوز 2021، أن الغضب والسخط كان مسلطا على "الإخوان" وعلى الغنوشي الذي أراد المس بالأمن القومي في تونس وكامل المنطقة، وتخابره مع المحاور التي يدين لها بالولاء، وكذالك كان الغضب على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي المتردي في البلاد، لكن في الواقع كل ما حصل كان يستهدف الحزب الدستوري الحر، بمعنى أن ما حصل هو إنقاذ للغنوشي وتنظيمه من الظغط الذي سلطه عليه الحزب الدستوري الحر باستعمال وجوده في البرلمان، حيث ثم غلق البرلمان لغلق صفحة التعرية وقبر صفحة فضح ما قام به "الإخوان" تحت قبة البرلمان.

اليوم، ما يحصل هو استهداف للحزب الدستوري الحر، حيث وصلهذا الاستهداف حد مجاهرة الموالين لما يسمى بـ"حراك 25 جويلية" بأنهم يريدون إقصائنا من المشهد السياسي، وهذا دليل أنه تم وضع الحزب الدستوري الحر مع حزب "الإخوان" في نفس السلة، رغم أن الجميع يعلم أن الحزب لم يضع يده يوما مع أي حكومة من الحكومات المتعاقبة طوال العشرية السوداء، ولم يصوت الحزب على قوانين المالية ولم يصوت على الاتفاقيات الخطيرة التي أرادوا تمريرها، بل بالعكس تصدينا لها، إذا ما يحدث هو سطو حقيقي على نضالاتنا ،وعملية تحويل وجهة لفرحة الشعب التونسي الذي خرج يوم "25 جويلية".

- في عديد الحوارات التي أدليتم بها عبر وسائل الإعلام، قلتم إن ما قام به قيس سعيد هو انحراف بالسلطة وبالقانون ومحاولة لتمرير مشروعه السياسي الشخصي فيما يطلق عليه "البناء القاعدي" ماذا قصدتم بذلك؟ 

كل ما قلناه حقيقة، باعتبار أن الفصل 80 من الدستور  السابق، لا يسمح لقيس سعيّد باتخاذ الاجراءات الاستثنائية التي اتخذها، ولا يسمح له بأن ينص أو يحرر بمفرده، كما لا يمكنه تغيير تركيبة هيئة الانتخابات، ولا تغيير القانون الانتخابي بالطريقة الفجّة الفردية التي قام بها، وبالتالي فهو استغل فصل يمكنه من اتخاذ تدابير استثنائية فقط، لدرءِ الخطر الداهم، بمعنى اتخاذ تدابير تخلصنا من "الإخوان" ومحاسبتهم، وإبعاد التمويل الأجنبي، ومكافحة الفساد السياسي والمالي في كل المجالات، لكنه لم يقم بكل هذا، بل انطلق في ترسيم مشروعه السياسي الشخصي، والذي لم يكن من مطالب الشعب التونسي.

هي فقط أفكار كان يحملها منذ 2012، لما كان تتم دعوته كمحلل سياسي باعتباره مختص في القانون الدستوري، تلك الأفكار التي كانت في درجه وأخرجها للعلن، واستغل نفوذه المطلق، وقام بصياغة المراسيم بطريقة فردية، وليس هناك أي هيكل رقابي لا محكمة دستورية ولا هيئة دستورية، لمراقبته أو لوقف نزيف ما يقوم به، وهكذا، مرر مشروعه.

ما يقوم به قيس سعيّد، اليوم، على أرض الواقع، من خلال النظام الانتخابي الجديد، هو تفكيك الدولة، وتفكيك المجتمع، وتشتيت الأصوات، بعد أن اعتمد نظام انتخابي على الأفراد، وهذا النظام لا يتماشى مع الوضع التونسي، هذا النظام اعتمد على دوائر صغيرة قام بتقسيمها بصفة فردية اعتباطية، لا تستند لا إلى عدد سكان ولا إلى دراسة سيوسيولوجية، ولا إلى مقاييس موضوعية، يعني حسب رغبته، وحسب نتائج انتخابات 2019، يعني وَضَعَ الخريطة، واكتشف أين كانت مواقع قوته، وتلك المواقع أفرَدَهَا بدوائر انتخابية، في حين دمج ومواقع ضعفه بين معتمديات.

واليوم، هناك غضب شديد من عديد المعتمديات، ومكونات المجتمع التونسي ضد هذا التقسيم الاعتباطي، وهو ما أفرز لنا مجلس نواب للشعب، لن يكون مكون من نواب عن كل الشعب، بل من أشخاص ينوبون معتمدياتهم فقط، حيث أجبر من يترشح على تقديم برنامج محلي فقط، بمعنى أن قيس سعيّد أفرغ البرلمان من سلطته، ومن تواجده كمؤسسة دستورية وطنية تصوغ السياسات العامة، وتصوت على القوانين التي تهم كامل المجتمع التونسي، وهو ما يعني ضرب للوحدة الوطنية في تونس، ولمفهوم الدولة، كما صورها الزعيم بورقيبة ورفاقه بعد الاستقلال.

ولذلك، نحن نعارض بشدة هذا التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة، وموقفنا أننا لا نعترف بأن ما يقوم به قيس سعيد من انتخابات، كما لا نعترف بشرعيته، باعتباره اليوم غير قادر على أداء اليمين الدستورية، ولم يعرض نفسه مجددا على الانتخابات بعد صدور ما يسمى دستوره الجديد، ولا نعترف بالبرلمان القادم، ولا نعتبره برلمانا شرعيا، بل، هو مجلس نواب المعتمديات، وهذا خطير على المجتمع التونسي.

  - قلتم في الحزب الدستوري الحر أنه تم استعمال السلطة لقلب موازين القوى السياسية، وأن السلطة القائمة لا تتفاعل مع الطبقة السياسية والمجتمع المدني، مما انعكس على المشهد السياسي الذي اتسم بالضبابية والتعتيم؟ ألا  تعتقدون أن تونس خسرت صورتها في الخارج بعد" 25 جويلية"؟ 

هذا مؤكد، فقيس سعيّد أوهم الشعب أنه سيصحح المسار، غير أن النتيجة كانت هي أنه أوصلنا إلى التصحر السياسي، حيث نسف مفهوم العمل الحزبي، حتى لم يعد هناك أحزاب تطمح للمشاركة في العملية السياسية "الغير شرعية"، سوى بعض الأحزاب الجديدة التي تم إحداثها على المقاس، أوبعضها يَحمل مخططات للزج بتونس في محاور إقليمية ودولية، لذالك نقول أننا اليوم في "دولة الخلافة"، حيث الخليفة (قيس سعيّد) يتحكم في رقاب الرعية، هو يُسَطر والرعية يجب أن تنفذ.

فليس هناك أي هياكل رقابية، السلطة القضائية تم تدجينها وتم قمعها وتم الاستيلاء عليها، اليوم لا يمكن لأي تونسي القول إن له حقوق، وأن القضاء مستقل، لأن هناك هيمنة، وترهيب، وكل ذالك تحت شعار محاربة الفساد.

- ما موقفكم من حل المجلس الأعلى للقضاء وتنصيب مجلس مؤقت؟

موقفنا واضح، لا يمكن محاربة الفساد بطريقة غير قانونية، يعني لا يمكن أن نأمل في عملية إصلاح، أو محاربة فساد عبر الفساد، لأن هذه الطريقة في الحل والتعامل مع الموضوع ليس الغاية منه إصلاح القضاء، بل لوضع قيس سعيّد يده على القضاء، وتطويعه لتصفية حسابات معينة مع جزء من المنظومة القضائية، حيث أقر مرسوما  أعطى لنفسه الحق في الإعفاء المباشر للقضاة أكانوا فاسدين أو غير فاسدين، يمما جعل الإعفاءات بالأسماء والأشخاص وبالتقارير السرية، وهذا طبعا من شأنه أن يرهب كل الجسم القضائي، ويخلط بين الفاسد والغير الفاسد، يعني سياسة قيس سعيّد هي تعويم الفساد ووضع الفاسد والغير الفاسد في سلة واحدة، ليقدم نفسه أنه النظيف الشريف الوحيد، و يجب أن تعدل بوصلة الشعب التونسي عليه وتطيعه في كل ما يريد، وهذا يسمى بـ"نظام ديكتاتوري" ليس ديكتاتوري صغير، بل ديكتاتوري خطير.

- كيف تفسرون صعود ما سمي بحزب قيس سعيد من خلال سبر أراء تقوم به شركات خاصة مع العلم أن الرئيس لا حزب له باعتباره رئيسا لكل التونسيين؟ ألا تعتقدون أن ذلك تحايلا على المواطن؟ 

هذا ما قلناه، وقدمنا شكايات في ذلك. قلنا أنه سبق لهذه الشركات أن وجهت الرأي العام في المحطات الانتخابية السابقة، يعني عندما يبرمجون من سيكون في المرتبة الأولى، ومن سيكون في الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية، يصنعون له حزب شبح قبل أن يتشكل ذلك الحزب، ويتم توجيه الرأي العام، ثم فجأة يحدثون الحزب بطريقة بيع وشراء "الباتيندات"، والتي تكون موجودة منذ سنوات وغير فاعلة، ثم يقومون بتغيير قياداتها وتغيير إسمها و يقدمونها للمواطن. وفي كل مرة تدار الانتخابات بـ "طريقة التحايل"، هذه المرة كان الأمر مفضوحا أكثر، باعتبار أن الشخص الذي نسبوا إليه حزب شبح، لا حق له في تكوين حزب، لأن من يتولى مسؤولية رئاسة الدولة لا يمكن أن تكون له مسؤولية حزبية، وبالتالي عندما قالوا حزب قيس سعيّد لا وجود له ولا يمكنه أن يتواجد في المستقبل.

هو من المفروض أن يكون رئيسا لكل التونسيين، إذا نحن واجهنا هاته الفكرة وفضحناها للشعب التونسي الذي لم يتأثر بها، وقمنا بتقديم شكايات جزائية في الغرض، ولم تصدر نتائج سبر الأراء منذ ما قبل الاستفتاء، والشعب التونسي، اليوم، أصبح واعٍ بأن هناك محاولة لتوجيهه، ومحاولة للسيطرة عليه، وأيضا نتائج الاستفتاء نسفت هذه الفكرة، باعتبار أن هذه الشركات كانت تقدم لنا قيس سعيد كحائز على 70% و80% في الانتخابات الرئاسية، وتتعمد تقزيم من يحتل المرتبة الثانية، وهي عبير موسي طبعا، في إطار ترسيخ المنطق الذكوري لمواجهتي شخصيا لأنني لا أصلح لهؤلاء وأزعجهم. والاستفتاء جاء ليفضح قيس سعيد، بكل مفاصل الدولة وبالتزوير والتدليس الذي قامت به هيئة الانتخابات الغير المستقلة.

حيث لم ينجح إلاّ في حشد 25% تقريبا من الجسم الانتخابي، رغم أن هذا الرقم غير صحيح، وهذا أكد للشعب التونسي أنه لا وجود لما يسمى حزب قيس سعيد، ولا وجود لهذه الشعبية المضخمة التي تقارب القدسية، وتقارب نسبة 99% التي قالوا إنهم ثاروا ضدها في 2011 و يريدون اليوم إرساء الديمقراطية.

-  عبير موسي اليوم أين هي في المشهد الإعلامي السياسي التونسي، ألا تعتبرين أن الحزب الدستوري الحر شبه مغيب في الاعلام التونسي إذا ما قورن بالأحزاب المساندة لمسار "25 جويلية"؟

 نعم، هذا كشفناه للمواطن بالأرقام، لأننا اليوم بصدد رصد تواجدنا في المنابر الإعلامية، ورصد التوقيت المخصص لتحليل مواقفنا، وهي مواقف مهمة و متواترة، حيث تقريبا، كل يوم لدينا موقف ولدينا تحرك ونشاط، ورصدنا هذا، وتبينا أن أغلب التوقيت الذي يخصص في المنابر الإعلامية مخصص لمنظومة "ربيع الخراب" الأولى، يعني "الإخوان" ومشتقاتهم، ومن كانوا متحالفين معهم طوال العشرية السوداء، أو الجوقة الجديدة المهللة أو المفسرة لنظرية قيس سعيد، مقابل توقيت صغير جدا للحزب الدستوري الحر. و مع هذا التعتيم ومع تخصيص توقيت بسيط للحزب الدستوري، هناك عميلة تشويه ممنهجة لقيادة الحزب، واستهداف شخصي لعبير موسي، وهناك دائما تقزيم لمواقف الحزب.

- الحزب الدستوري الحر ثمن اختيار نجلاء بودن على رأس الحكومة التونسية وعبرتم عن تضامنكم معها باعتبارها أول امرأة عربية تشغل هذا المنصب.. في نظركم ماذا قدمت رئيسة الحكومة كبرنامج من أجل الخروج من الأزمة الراهنة؟ 

نحن نصحناها عندما هنأناها بذلك المنصب، قلنا لها، نحن ننصحك أن تكوني حقيقة في مستوى هذا الموقع الرفيع، أن تكوني ممثلة جيدة للمرأة التونسية البورقيبية، التي تحتل موقعها القيادي باستحقاق، لا لمجرد تعيين وتزكية فقط، لكن للأسف الشديد، لم تكن في مستوى أمال الشعب التونسي، وأمال المرأة التونسية، بالعكس هي بصدد الإساءة للمرأة التونسية، لأنها أعطت انطباعا بأن المرأة، عندما تحتل موقع قرار قيادي في الصف الأول، تكون تابعة، وتكون مجرد واجهة لتبييض الحاكم بأمره الذي يتشدق يوميا بأنه قام بتعيينها.

لم نر لها قرارت، ولم نر لها رفض لما يقوم به قيس سعيّد من نسف لحقوق المرأة. نحن استنكرنا بشدة مصادقتها هي وبقية الوزيرات على مرسوم القانون الانتخابي، الذي ألغى الضمانات المخولة للمرأة، لم نر لها موقف واضح بخصوص الاصلاحات الاقتصادية التي ينتظرها التونسيين، كما أنها ليست شفافة في طريقة عملها، واليوم نحس بأنها في ورطة، لأنها على علم بأن الدولة التونسية في وضع اقتصادي ومالي رديئ جدا، و في حاجة إلى التمويلات بأكبر سرعة، ومن مواقف قيس سعيد الغامضة، لأنه إلى اليوم لم يصدر أي موقف من ما يسمى إصلاحات الطلبات التي تقدم بها صندوق النقد الدولي للخروج من هذه الأزمة.

بخلاصة، هي مجرد تابعة لقيس سعيد، وأداة لتنفيذ ما يريد أن يقوم به، ونحن حذرناها من تَحَمُل كل الفشل في النهاية، لأن قيس سعيد معروف لدى كل من تعامل معه، وكل من قربه، أنه في النهاية يمسح الأخطاء ويعلق الفشل على شماعة من يتعاملون معه.

  - هناك تناحر على السلطة في تونس جعل الوضع الاقتصادي متردي والواقع الاجتماعي خانق والبلاد تسير إلى المجهول بسب ثقل الديون المترتبة على الدولة، والعديد من المؤسسات سائرة نحو الإفلاس.. في نظركم هل قيس من أوصل تونس إلى هذا المنحدر الخطير؟ 

طبعا "الإخوان" (حزب النهضة) هم المسؤولون رقم واحد عن هذا الوضع، لكن الوضع الذي نعيش فيه اليوم من انحدار اقتصادي، خاصة من إفلاس مالي نتيجة تسيير الدولة لسنوات من قبل "الإخوان" والتهديم الممنهج للاقتصاد التونسي، لأنهم تعمدوا ضرب منظومة الإنتاج الوطني لصالح التوريد من الدول التي يدينون لها بالولاء، ويحملون معها مشروعا سياسيا، وهو ما جعلنا اليوم، نعاني من تدهور المنظومة الإنتاجية الوطنية.

هذا، بالإضافة إلى الأزمة العالمية التي زادت الوضع سوءا. لكن قيس سعيد يتحمل مسؤولية كبرى في أنه لم يضع حدا للدمار الذي تركه "الإخوان"، وزاد في تعميق الأزمة، وعُزلة تونس، حيث انكب على إرساء منظومته السياسية، وتغيير الدستور كما يريد، والسيطرة على مفاصل الدولة، والهيمنة على كل السلط، وتركيز حكم الديكتاتورية الذي يحلم به، وأهمل الجانب الاقتصادي.

اليوم، قيس سعيّد ينظر إلى الشعب التونسي وهو يجوع، ويفتقد لأهم الموارد الأساسية، في حين هو يريد أن يقنعه، بأن ذلك راجع إلى الفساد والاحتكار و لمضاربة، مع العلم أن المواطن البسيط ليس خبير في الاقتصاد، وليس له المعطيات الدقيقة ولا يعلم جيدا أن الأزمة أعمق من المضاربة والاحتكار. الأزمة هي مالية بالأساس بسبب إفلاس خزينة الدولة، و عجزها على توريد المواد الأساسية.

- لنتحدث عن السياسة الخارجية لقيس سعيد.. لطالما كانت الدولة التونسية دولة مدنية التزمت الحياد من عهد بورقيبة فيما يخص قضية الصحراء المغربية، وخاصة احترام دول الجوار، ما تعليقك على الأزمة التي تسبب فيها قيس سعيد  باستضافته لزعيم البوليساريو؟

نحن صرحنا بموقفنا علنا داخل تونس، وقلنا إننا نرفض هذا الانحراف عن ثوابت السياسة الخارجية التونسية. نحن في الحزب الدستوري الحر ملتزمون بثوابت السياسة الخارجية البورقيبية، والتي اعتمدتها الدولة التونسية منذ الاستقلال، والتالي رفضنا ما قام به الرئيس قيس سعيد، وأَدّنا هذا الاستقبال، وقلنا أننا نرفض الزج بتونس في صراعات إقليمية أو دولية، ونرفض أن تتم الإساءة لعلاقاتنا مع أصدقائنا وأشقائنا.

تونس معروفة أنها دولة تتميز بالحكمة، والرصانة، وبحسن العلاقات مع دول الجوار، و مع كل دول العالم. دولة تعترف وتلتزم بالشرعية الدولية، وبالتالي لا حاجة لنا بمثل هاته الأزمات، ومثل هاته التصرفات التي تسيء إلى صورة تونس. وهذا عَبّرنا عنه وأصدرنا فيه البيانات، وصَرّحنا بهذا الموقف في وسائل الإعلام.

- هناك عديد الاتهامات وصلت لدرجة انه قيل بأن  قيس سعيد لا يخطو أي خطوة دون اللجوء إلى النظام الجزائري، لدرجة أن هناك أحد المحللين التابعين للنظام الجزائري شبّه تونس بأنها مقاطعة جزائرية. ما تعليقك؟

 هذا طبعا من التصرفات التي تنحرف عن الثوابت الأساسية للسياسة الخارجية، والتي تفتح المجال لمثل هاته التأويلات، وتفتح المجال لمثل هاته الأقاويل، وهذا هو مصدر معارضتنا. نحن لا نريد أن نكون مصدرا للتنذر أو تحميلنا مواقف ليست مواقفنا، أو حشرنا في صراعات، أو تصوير تونس وكأنها تابعة لأي جهة أو محور. نحن ضد الاصطفاف وراء المحاور، نحن نتمسك بالسيادة الوطنية التونسية، وباستقلالية القرار التونسي الوطني.

احترامنا وعلاقتنا وأخوتنا للجزائر لا جدال فيها، ولا تنازل عنها، ونحن أيضا نرفض أن تسوء العلاقات بيننا وبين المغرب، وأي دولة شقيقة وصديقة، من أجل تصرفات غير مطابقة للبروتوكولات المتفق عليها داخل الدولة التونسية، وبالتالي نحن لا نريد أن نكون في هذا الوضع الذي وضعنا فيه قيس سعيد.

- في نظركم.. هل يسير قيس سعيد للاعتراف بجبهة البوليساريو الانفصالية، تماشيا مع سياسة الجزائر في المنطقة؟

نحن للأسف الشديد في تونس، لا علم لنا بما يبرمجه، ويقرره قيس سعيد، باعتباره لا يشرك أي طرف في اتخاذ القرارت، ولا نعلم بأي قرارات يمكن أن يقدم عليها. يعني نحن نتفاجأ بها كما يتفاجأ العالم، لكن كل ما يمكن أن نقوله، إننا لن نسمح بأن يتم الانحراف عن سياساتنا الخارجية الثابتة، ولن نسمح بإدخال تونس في متاهات لا حاجة لنا بها.

نحن الحزب الدستوري الحر الوطني المعارض، نستمد جذورنا من البورقيبية، ومن دولة الاستقلال، ولدينا وزن وحجم كبير داخل المجتمع التونسي، لهذا، يمكنن القول إننا لن نسمح بمثل هذا الإنحراف.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...