فتح حدود المغرب والجزائر.. هل تُساهم "الثورة الناعمة" للجزائريين في تحقيقه؟

 فتح حدود المغرب والجزائر.. هل تُساهم "الثورة الناعمة" للجزائريين في تحقيقه؟
الصحيفة - محمد الصالح من الجزائر
الأثنين 27 ماي 2019 - 13:30

تعتبر قضية الحدود المغلقة بين الجزائر والمغرب موضوعا بأبعاد سياسية عميقة، وأراء مختلفة بين آمال شعبية، وواقع سياسي غير واضح، يجعل العديد من الفرضيات مطروحة على الطاولة.

وبعد تصريح رئيس الحكومة المغربي، سعد الدين العثماني، حول رغبته بفتح الحدود الجزائرية المغربية، وأن يكون هذا القرار من أولوليات النظام الجزائري الجديد الذي قد يتمخض من الحراك الشعبي، سارع الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، للتبرؤ من تصريحات العثماني، مشيرا إلى أن الأخير عبر عن رغبته الخاصة، ولم يكن تصريحا رسميا للحكومة المغربية، ليتم، بعدها، فتح المجال أمام النظريات والتصريحات والأراء الخاصة بالسياسيين والمحللين في الجزائر حول تأثير الحراك الشعبي في الجلوس على طاولة المفاوضات والنظر في فتح الحدود مع المغرب.

آمال شعبية.. تاريخ واحد ودماء مختلطة 

بما أن الموضوع تكرر كثيرا ويعتبر نقطة حساسة بين الجزائر والمغرب، فإن الأراء الشعبية مخالفة تماما للقيادات والرموز السياسية في الجزائر، حيث أخذنا أراء عشرات المواطنين من طلبة وأساتذة وموظفين حول الحدود التي تفصل الجزائر عن المغرب، وهل قرار الإغلاق منذ 1994 قد أضر بالبلدين، فكانت الردود كلها في صالح فتح الحدود، لأن العلاقات بين الشعب المغربي والجزائري تاريخية وعريقة، وتجمعهم دماء واحدة ومصير واحد، وآمال الشعب مخالفة لما يقرره رؤوس السياسة في هرم السلطة. وأكد العديد من المواطنين أن الشعب المغربي يبادلهم نفس الشعور، ولكن الخلاف السياسي حول هذه النقطة ليس مقررا في يد المواطن البسيط، ولكنه قد يكون كذلك بعد أن أصبح الحراك الشعبي في الجزائر لاعبا رئيسيا في اللعبة السياسية.

شخصيات سياسية ترحب بفتح الحدود

المرشح الرئاسي، والجنرال السابق علي غديري، الذي كان ضمن سباق رئاسيات أفريل 2019 قبل تأجيلها، أكد في تصريحات رسمية، أن قضية فتح الحدود المغربية ستكون على رأس برنامجه في حال توليه زمام السلطة، حيث صرح لموقع "كل شيء عن الجزائر" قائلا :"إنها ليست نقطة جوهرية بقدر ما يتطلب الوضع حالياً إعادة بناء صرح المغرب العربي الكبير، حتى يكون للمنطقة مكانتها وكلمتها بين الأمم".

وامتد الأمر لبعض السياسيين الآخرين المرحبين بقرار فتح الحدود، ولكن الشخصيات القريبة من نظام بوتفليقة المنتهي، كلها تؤيد تأجيل هذا الموضوع، وليس الرفض المطلق، ولهذا من المتوقع أن تكون هناك آراء جديدة في المستقبل القريب.

مصلحة عامة وليس استغلال !

يرى العديد من الدكاترة والأساتذة الجامعيين والمحللين في الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة منتوري بقسنطينة، أن المشهد الإعلامي الجزائري والمغربي، يُصور أن فتح الحدود ستجعل طرفا يستغل الآخر من الجوانب الاقتصادية، ولكن الأمر أكبر من ذلك، ويصب في مصلحة الشعبين والبلدين على المدى البعيد، وكل طرف لديه النقاط والطرق التي يستفيد بها من الطرف الآخر، مع تكوين اتحاد قوي بين دول المغرب العربي، وهذا ما سيعود بالفائدة على الجميع في ظرف قياسي.

المحلل الاقتصادي الشهير، فارس مسدور، أكد هو الآخر في وقت سابق، أن الطرف المغربي والجزائري يخسران في نفس الوقت امكانية الاتفاق والتعاون الاقتصادي بفتح الحدود وتسهيل الأمور، مع وضع شروط صارمة ورقابة دقيقة على كل العمليات والاتفاقيات، رغم أنه يستبعد أن يتم هذا القرار في الفترة الحالية.

المؤسسة العسكرية الجزائرية.. لا حدث

عند الحديث عن موقف المؤسسة العسكرية الجزائرية في الوقت الحالي، من قضية فتح الحدود بين البلدين، يمكن القول وحسب المصادر الموثوقة والرسمية، أنه لم يتم رصد أي بيان أو خبر رسمي من القادة العسكريين، وعلى رأسهم الفريق القايد صالح، الذي يستمر في عملية "تنظيف" النظام الجزائري من رؤوس الفساد، تلبية للحراك الشعبي، وتماشيا مع المرحلة الحساسة التي تمر بها الجزائر.

وفي آخر السنوات، لم يتم رصد أي موقف رسمي من المؤسسة العسكرية الجزائرية حول الحدود، سواء بالقبول أو الرفض، حتى المصادر المقربة والتسريبات، لم تنجح في رصد أي صغيرة أو كبيرة حول رغبة الجيش الجزائري في المساهمة بحل مشكلة الحدود.

الرأي التونسي ..

بالعودة إلى الطرف التونسي في مربع المغرب العربي الكبير، يرى أغلب السياسيين والقادة في تونس أن الحراك الجزائري الشعبي، يدعم بشكل مطلق قرار فتح الحدود وإعادة المياه إلى مجاريها، وكسر كل القيود المفروضة على الشعبين الشقيقين، وهو ما أكده الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، عبر صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما قال :"شعب المواطنين هذا لن يسمح بتواصل إغلاق الحدود البرية مع المغرب الشقيق واحتضار الحلم المغاربي". وأضاف قائلا :"الشعب الجزائري سيعيد بعث مشروع الاتحاد المغاربي الضروري لنا جميعا اقتصاديا وأمنيا خاصة وأن كل المنطقة مهددة بانتشار الفيروس الإماراتي الذي هو بصدد تدمير ليبيا ويترصد بتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا على حدّ السواء، وخط التماس اليوم طرابلس المحاصرة بأجير محور الشر".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...