فرنسا تطلق حوارا مع الجزائر سعيا للإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال والصحافي كريستوف غليز
أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أن باريس شرعت في حوار ضروري مع الجزائر يهدف بالدرجة الأولى إلى الإفراج عن مواطنيها المحتجزين في الأراضي الجزائرية، وهم الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال والصحافي الفرنسي كريستوف غليز.
وفي تصريحات إذاعية أدلى بها لبرنامج "فرانس إنفو"، أكد الوزير أن حماية المصالح الفرنسية في المنطقة ترتبط بتحقيق نتائج ملموسة بشأن إطلاق سراح المواطنين الفرنسيين المحتجزين، مشيرا إلى أن صنصال موقوف منذ نحو عام ومحكوم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة "المساس بوحدة الوطن"، بينما ينتظر غليز محاكمته أمام الاستئناف بعد صدور حكم ابتدائي بسجنه سبع سنوات بتهمة "تمجيد الإرهاب".
وأوضح بارو أن الحوار مع الجزائر قد يفتح المجال أيضا لاستئناف التعاون الأمني بين البلدين، مشيرا إلى التهديدات الواقعة إلى الجنوب من الجزائر، وخصوصا في منطقة الساحل الإفريقي، حيث تنشط جماعات إرهابية مثل "نصرة الإسلام والمسلمين"، الأمر الذي يجعل من التعاون الأمني ضرورة استراتيجية لكلا الطرفين.
وبجانب الملف الأمني، أشار الوزير الفرنسي إلى رغبة بلاده في إعادة تفعيل التعاون في ملف الهجرة، بما يشمل إعادة ترحيل الجزائريين المقيمين في فرنسا بوضع غير نظامي، إلى جانب إعادة التفاوض بشأن اتفاقية 1968 التي تمنح مزايا للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، مؤكدا أن أي تعديل يجب أن يتم في إطار الاحترام المتبادل لسيادة البلدين.
وتأتي هذه التصريحات في سياق سياسي حساس تشهده العلاقات بين باريس والجزائر، والتي تتسم بتوتر ملحوظ. ففي الثاني من نونبر، أعرب وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، عن رفض بلاده لمصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية على مشروع قرار يدين اتفاقية 1968، واصفا القرار بأنه شأن فرنسي داخلي بحت، ما يعكس حجم التباين القائم بين البلدين في عدد من الملفات الثنائية.
ويبلغ الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال ثمانين عاما، ويقضي حاليا عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات في الجزائر بعد إدانته بتهم تتعلق بـ"المساس بوحدة الوطن"، حيث تم تأييد هذا الحكم استئنافيا في يوليوز الماضي، عقب تصريحات أدلى بها صنصال في أكتوبر 2024 لقناة Frontières الفرنسية، تناولت خلالها خريطة شمال إفريقيا خلال الحقبة الاستعمارية.
وفي تلك المقابلة، أشار صنصال إلى أن مناطق واسعة من الغرب الجزائري كانت تاريخياً تابعة للمغرب قبل أن تضمها فرنسا إلى الجزائر الاستعمارية، مضيفا أن أقاليم الصحراء كانت دائما جزءا من المملكة المغربية، حيث اعتبرت السلطات الجزائرية هذه التصريحات مساسا بالسردية الوطنية وتشكيكا في سيادة الدولة، لتتحول القضية سريعا إلى ملف سياسي حساس.
وتم توقيف صنصال في مطار هواري بومدين يوم 16 نونبر 2024 فور عودته إلى الجزائر، ووجهت إليه لاحقاً عدة تهم، منها "إهانة هيئة نظامية"، و"التخابر مع فرنسا"، و"نشر معلومات كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح العليا للدولة".
وخلال فترة اعتقاله، تدهورت حالته الصحية نتيجة إصابته بالسرطان، ما استدعى نقله إلى المستشفى، حيث في مارس 2025، طالبت النيابة العامة بتشديد العقوبة لتصل إلى عشر سنوات سجناً نافذاً.
أما الصحافي الفرنسي كريستوف غليز، فتوجّه إلى الجزائر لإعداد تقرير عن نادي شبيبة القبائل، ومقرّه تيزي وزو شرقي الجزائر العاصمة. لكنه أوقف في 28 مايو 2024، ووُضع تحت المراقبة القضائية لمدة 13 شهرا مع منعه من مغادرة البلاد.
وفي نهاية يونيو، صدر ضده حكم ابتدائي بتهم أبرزها "تمجيد الإرهاب" و"حيازة منشورات لأغراض دعائية تضر بالمصلحة الوطنية"، وفق منظمة "مراسلون بلا حدود".
ويواجه غليز اتهامات إضافية بالتواصل مع قيادي في نادي شبيبة القبائل، الذي يُعد أيضاً زعيم حركة تقرير مصير القبائل (ماك)، والتي صنفتها السلطات الجزائرية عام 2021 منظمة إرهابية.




