قُيُودُ الجَهل!

 قُيُودُ الجَهل!
أحمد إفزارن
الخميس 26 ماي 2022 - 17:26

■ الجَهلُ مَعرَكَتُنا الكُبرَى..
الجَهلُ قضِيّتُنا.. قضيّةُ كلّ البَلَد..
ولا إشكاليةَ مع الجَاهِل..
الجاهِلُ إنسان..
شَخصٌ هو اليومَ في حَال، وغدًا في حالٍ آخَر..
والإنسانُ قد يُصلِحُ نَفسَه، فيتَغيّرُ للأَحسَن..
ويَكُونُ بعدَئذٍ واعيّا، ورُبّما أكثرَ نبَاهةً وتَدارُكًا للأخطَاء..
وقد يُساهِمُ حتّى في تَوعيّةِ غيرِه..
▪︎إنّنا في مُواجَهةِ الجَهل..
إشكاليّتُنا الكبيرةُ اسمُها "الجَهل".. والجَهلُ صُلبُ المَوضوع..
وخَطَرٌ على مَسارِنا وتَنْمِيّتِنا واستِقرارِنا الوَطنِيّ البنّاء..
ورغمَ المَجهُوداتِ المَبذُولةِ في بِلادِنا، على مُختَلفِ المُستَويات، نُطالِبُ بالمَزِيد: تَعبِئةٌ شامِلةٌ لتَطوِيقِ مَخاطِرِ الجَهلِ المُستَفحِلِ أكثرَ فأكثَر..
ونحنُ مُطُالَبُونَ بأَنْ نتَحَرّرَ أيضًا مِنَ التّجهِيلِ والجَهالةِ والجاهِليّة..
وما زالَت في مَسارِنا "قُيُودُ الجَهل" التي تَستَوجِبُ جُهدًا مُستَمِيتًا..
▪︎وَعَلَيْنَا بالتّحرُّرِ من الجَهل.. 
وهذا مُمكِنٌ بالإرادةِ والعزيمةِ والعَمَل..
وهذا الإصرارُ يَنطَبِقُ علينَا جميعًا..
وعِندَما نَعتَزِم، نَضعُ يدًا في يَد..
وفي هذا الاتّجاهِ اشتَغَلنا معًا، نحنُ "شَعْبُ المَملكة".. والنّتيجةُ إيجابيّة: تحقِيقُ الوَحدَةِ التُّرابيّة، والتّعامُلُ بالنّدّ للنّذ، حتى في التّحدّي لدُوّلٍ ذاتِ أطماعٍ تَوسُّعِيّة..
وتَمكّنَت بلادُنا، قِمّةً وقاعِدة، مِن فَرضِ "وَحدَتِنا التُّرابية"، وجَعلِها في الذّهنيّةِ العالميّة فوقَ كلّ اعتِبار..
وهذا تَحَدِّينَا الذي لا مُساوَمةَ فيه..
ودِبلوماسِيتُنا مُتألّقةٌ في حَركيّةٍ مُتَميّزةٍ مُستَمِرّة..
وقضايانا الكُبرَى تُعالَجُ بكفاءةٍ ومَهارةٍ عَاليّتيْن..
وما زال أمامَنا المَزِيدُ منَ العَمل، في مِلفّاتٍ اجتِماعية، وعلى رَأسِها "حقُوقُ الإنسان"، وتَطوِيقُ الخَلَل في المَسألةِ الدّيمُقراطيّة، والتعليم، والصّحة، والشُّغل، ومُكافحةِ الفَساد…
نحنُ بينَ مَدٍّ وجَزر..
وتُدِيرُ عَزِيمتَنا حُقوقٌ مُشترَكةٌ لا تَنازُلَ عنها..
ولا نَفقِدُ الأمَل، قِمّةً وقاعِدة، لمُواصلةِ حُسنِ استِثمارِ وتسيِيرِ وتدبِيرِ ثرَواتِنا الطبيعيّة.. ومعَها العَدالةُ والحِمايةُ الاجتِماعيّة..
الفَسادُ مِلفٌّ يَشغَلُ بالَنا، في ربُوعِ بِلادِنا.. وكذلك التّفاوُتُ الطّبَقِي.. وقضايا أُخرى على الرّفُوف.. تَنتَظِرُ مَوعدَ الحَسم..
■ والجَهلُ مَعركَتُنا..
مِلَفٌّ عَوِيصٌ هو أيضًا يَنتَظِر.. إنهُ مِن أَثقَلِ القضايا التي تقُضُّ مَضاجِعَنا..
الجَهلُ في حَياتِنا، يُؤدّي إلى اضطِهادٍ نَفسِيّ وفِكرِيّ وبَدَنِيّ وعَقلِيّ..
وهذا ليس بسِيطًا..
وَحْشٌ يُشكّلُ خَطَرًا عَلَيْنا وعلى غَيرِنا..
وفِيهِ يقُولُ "فيكتُور هوجو": "تَبدَأُ الحُرّيةُ حيثُ يَنتَهِي الجَهل"..
▪︎إنّ الجَهلَ يَتصَوّرُ أنهُ أفهَمُ من غيرِه وأعرَفُ وأقوَى وأمتَن.. بينَما لا يُوجَدُ أضعَفُ وأهَشُّ مِن الجاهِل.. يعِيشُ الجاهِلُ على أوهام..
ويَحسِبُ أنه يرَى كُلّ شيء..
ويَحسِبُ الحِسابَ لأيّ شيء، ولا يُخطِئُ ولا يَنزلِق..
إنها أوهَامٌ وأضغاثُ أحلام..
الجَهلُ شديدُ الهَشاشة..
قد يَسقُطُ في أوّلِ مُنزَلَق..
■ وأضرارُ الجَهلِ بلاَ حُدُود..
وهذا حَالُهُ في أيّ مُجتَمَع: وَباءٌ يُعَرقِلُ مَسارَ أيّ بلدٍ لا يُكافِحُ الجَهل..
والأدهَى والأَمَرُّ عِندَما تُمارِسُ حُكومةٌ استِبداديّةٌ "سياسةَ التّجهِيل".. إنّ بعضَ الحكوماتِ تَعتبرُ التّجهيلَ ظاهرةً عاديّة، وهي ليست كذلك.. التّجهيلُ مَنهَجِيةٌ حُكوميةٌ مُتعَمَّدَة..
حَربٌ على التّوعية.. وعلى التّعليمِ العُمُومي..
وأيُّ بلدٍ لا يَعتَنِي بالعَقل، هو يُمارِسُ سياسةَ التّجهيلِ والتّكلِيخِ وإبعادِ المُجتَمعِ عن الوَعيِ بحُقوقِه ووَاجباتِه، ويُمهّدُ لمُنحَرَفاتٍ إلى اضطِراباتِ العَقل الاجتِماعي، وبالتالي الإضرار بسَلامةِ الاستِقرار العُمومي..
وهذا يَنطبِقُ على حُكومَتِنا المُنبَثِقةِ من أحزابٍ مَنفُوخٍ فيها، وفي عَمَلِها تَضُرُّ ولا تَنفَع، ولا تُحسِنُ قراءةَ التّاريخِ وعِلمِ الاجتِماعِ والعُلومِ الإنسانيّة..
▪︎لا يُوجدُ بَلدٌ يَتَطوّر، بدُونِ تعلِيم..
التّطوُّرُ لا يكُونُ بالاعتِمادِ على الجَهلِ في رَسمِ خارِطةِ الانتِخابات، وبِناءِ حياةٍ ديمُقراطية..
▪︎الجَهلُ بِطَبعِه يَخلُق بيئةً غيرَ صالحةٍ لإنتَاجٍ سليم: بيئةٌ تُعِيقُ التّنمية وتُهدّدُ الاستِقرارَ المُجتَمعِي..
▪︎وهذا الجهلُ بهذا الضّغط، لا يأتي وحدَه.. يأتي معَ أفكارٍ وتصوُّرَاتٍ سلبيّة، وخُرافاتٍ وشَعوَذة..
ولا يحُلُّ مَشاكلَ البلد، بل يَخلقُ مزيدًا من المشاكلِ والأمراضِ العَقليةِ والنفسية والعصَبيّة التي يَستَعصِي حَلُّها..
▪︎وهذه مِنَ الصُّورِ المُضِرّة التي تُقَدّمُها مَجالسُ نيابيّة، على ظَهرِ الجَهل، من أجلِ الوُصول إلى مجالسِ القرار..
▪︎متَى نتَحرَّرُ من قُيودِ الجَهل؟
ومِن هذا الوَحشِ الكاسِر؟
■ لقد أدخَلَتنا الأحزابُ في خَندَقٍ أُنبُوبِي..
فما هي الفِئةُ المُستَفِيدةُ مِن ظُلُماتِ الجَهلِ المُرَكّب؟
وما الأحزابُ المُستَفِيدَةُ مِنَ الاتّجارِ في الدّين؟
▪︎الدّينُ في أساسِه ليسَ تِجارة.. ليسَ بيْعًا وشِراءًا.. وليس مُقايضات..
الدّينُ للهِ وحدَه..
وليسَ استِغلالاً اقتِصاديًّا أو تِجاريّا.. لماذا؟ لأنّ الهَدفَ مِنَ التّجارة، ومِن أيِّ نَشاطٍ اقتِصاديّ، هو الرّبح.. ولا يَجوزُ أن يُجَرَّ الدّينُ لكي يكُونَ وسيلةً لكَسبِ الرّبح.. أو لجَلبِ أصوَاتِ النّاخبِين إلى تصويتٍ ذِي أبعادٍ سياسيّةٍ تُطلِقُ عليها الأحزابُ مُصطَلَحَ "اللُّعبةِ السّياسية"..
▪︎ويَبقَى الدّينُ دِينًا، والسياسةُ سياسَة..
الدّينُ في مَكانِه.. والسّياسةُ في مَكانِها..
ويجبُ الفَصلُ بين الدينِ والسياسة..
وهذا يَعنِي الفصلَ بينَ التّعبُّدِ لله، وهو خِطابٌ رُوحِيّ، واللُّعبةِ السياسيةِ التي هي طريقٌ "انتِخابيّ" إلى الحُكم..
وهذا المَسلَكُ ليسَ ادّعاءًا إلى استِقامةٍ ونَزاهة..
وقد تُثبِتُ الأيّامُ أنّ بعضَ المُتَسيّسِينَ والمُناضِلين، يَنقُصُهُم الإدرَاكُ والوفاءُ وعَدمُ الإلمامِ بالقضايا التي يُقدّمونَها وُعودًا إلى النّاخِب..
▪︎والإلمامُ الناقِصُ يَقُودُ إلى معلُوماتٍ ناقِصة، واستِنتاجاتٍ ناقِصة، وقد يُفِيدُ - فقط - في اللّفِّ والدّورَانِ في اللُّعبةِ السياسية، وبالتالي الإساءة للأخلاق الدينيّة، وللمَسؤوليةِ السياسية..
▪︎مُلاحَظة: كثيرٌ مِنْ تُجّارِ الدّين يَلجَؤونَ إلى تفسِيراتٍ وتأويلاتٍ خاطِئة، وإلى مَرجِعيّاتٍ غيرِ مَضبُوطة، لتَضلِيلِ الناخِبين..
ويتَرَتّبُ على هذه الاختِلاقاتِ اللاّمَعقُولة، واللاّمَنطِقيّة، انحِرافُ أجيالٍ لا تَرَى إلاّ بعُيُونٍ مُتَطرّفة، لفائدة دَجّالين يتَمَكّنُون، في وقتٍ أو آخَر، من إحداثِ ثقُوبٍ سَوداءَ في الأحزاب والنُّخَب والبرلمانِ بغُرفتَيْه، وحتّى في الحُكومة..
وأحيانًا تَجِدُ الجَهلَ ألعُوبةً في قبضَة فئةٍ انتِهازيةٍ مُتَراميّةٍ على الحُكم..
▪︎أبِهَذِه النّماذِجِ المُستَعصِيّة على الفَهمِ والإفهام، يتَأتَّى التّغيِيرُ الاجتِماعي إلى أَفضَل؟
أينَ التّحرُّرُ الفِكرِي؟
متَى يتَحرّرُ المُجتَمعُ مٍن عُقْمِهِ الفِكرِي؟
■ وأيُّ حِوارٍ مع الجَهل؟
الحِوارُ لا يكُونُ مُوَفّقًا، ما دام الجَهلُ لا يقِفُ عند حَدّ.. وإذا انتَشَرَ الجهلُ وتَعَمّم، تزدادُ تعقِيداتُه، ولا يَتَسَنّى إحداثُ مُرُونةٍ حِواريّة، وخاصّةً في بيئةٍ مُجتَمعيةٍ مُتعَصِّبةٍ تزِيدُ الجهلَ انتِشارًا وإحباطًا، وقد تَجعَلُه يَستَمِدُّ مِن مُحِيطهِ العَدَدِي قناعةً انتِصارية..
▪︎وعندَها لا يَعتَمِدُ الجَهلُ على قُوّةِ العقلِ والإقناعِ والاقتِناع، بل على بيئةٍ بَشريّة تُشارِكُهُ نفسَ الأفكار التي لا تَهُمّهُ حَقائقُ جديدة، بل تهُمّهُ الكثافةُ البَشريةُ التي تُسانِده..
وعَقليةُ الجاهل لا تَثِقُ في مَعلُوماتٍ تَأتيهِ من أشخاصٍ يَملِكُون قُوّةَ المَعرفةِ والإثبات..
◇ وفي الجَهلِ أنوَاع:▪︎جاهلٌ يَعِي ضَرُورةَ تغيِير نَفسِه عبرَ تعلُّمِ الجديد.. • الجاهلُ لا يَعتَرِفُ بجَهلِه،  ويَرفُضُ كلَّ أشكالِ التّعلُّمِ والتّغيُّر • الظّلاميُّ الذي يتّخذُ من الجَهل مَنهجًا، قد يَصِلُ لِحَدّ مَنعِ الآخَرِين منَ التّعلُّمِ والاستِنَارة..
◇ التّعامُلُ معَ الجاهِل: ▪︎عَدَمُ الدّخُولِ في أيّ نِقاشٍ معَ شخصٍ مُعتَدٍّ بجَهلِه.. ولا يجُوزُ النّزُولُ إلى مُستَوَى تفكيرٍ سَخيفٍ لجاهِل..▪︎ وليس ضرُوريًّا أن نُعامِل الناس، لا على أساسِ تَحصِيلِهِم الأكاديمِيّ، بل وِفقَ سُلوكِهِم..▪︎وعلى أيّ إنسانٍ أن يُسَلّحَ نَفسَهُ بالمَعرِفة، لكَي يَستَعِدّ للتّعامُلِ مَع الشّخصِ الجاهِل، حتى لا يَتَمادَى في جَهلِه..
 ■ وماذا عن أَعمَى البَصِيرَة؟
ذُكِرَ على لسانِ الأقدَمِين قَولُهم: "أعمَى بَصَر، ولا أعمَى بَصِيرة"..
وفي زمانِنا ، الأولَوِيةُ أصبحَت للبَصر، لا للبَصِيرة، في مَدارِسنا..
ووَحدَهُ التّحليلُ النّفسِيّ أَوْلَى الاهتِمامَ للحَدسِ والإحسَاس..
▪︎وأضافَ أحَدُ الحُكماءِ التّعمِيمَ إلى الجَهل، فقال: "التّعمِيمُ لُغةُ الجُهلاءِ والحَمْقَى وذَوِي العاهاتِ الفِكريّة"..
وعِندَما يَزعُمُ أَحَدُهُم أنّ كلّ الناس هُمْ كذا وكذا، يَسقُط في لُغةِ تعميمِ التُّهمة التي يُوَجّهُها إلى الجميع، وكأنّ كُلَّ الناسِ هُم "سبَبُ الخَرابِ والدّمارِ والظُّلمِ والعُدوانِ والجُور…"..
أَمَعقُولٌ هذا؟
أَيُعقَلُ أن يُؤدّيَّ بَرِئٌ جَريرةَ مُخطِئ؟
▪︎أحَدُ الحُكماءِ يَربطُ بَصمَةَ الجَهلِ بمَن يُعَمِّم..
▪︎و"شِكْسبِير" يُؤكّدُ أنّهُ "لا يُعَمِّمُ إلاّ الأغبِيّاء"..
وهكذا يُشِيرُ بأُصبُعِهِ إلى ضرُورة التّحرُّرِ مِن قُيُودِ الجَهل..
■ وَجَبَ تَحرِيرُ العَقل!
لقد قِيلَ في حَقّه: "إن أصعبَ احتِلالٍ عرَفَتهُ الانسانيةُ هو احتِلالُ العَقل"..
والجَهلُ هو أكبرُ احتِلالٍ للعَقلِ البشرِيّ..
ومن هُنا يَبدأ أيُّ تحرير..
ولا نستطيعُ أن نتَحرّرَ في أيّ مَجالٍ بدُون تَحريرِ عُقولِنا..
مِن هُنا تَبدَأ الحُرية..
▪︎حُرّيةُ الإنسانِ تَبدأُ في نِهايةِ الجَهل!
[email protected]

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...