كتيبة بلماضي تحت "رادار" شنقريحة.. هل يَسقط "الخضر" في دوالا جراء تحميل المنتخب وزر إخفاقات السياسة؟

 كتيبة بلماضي تحت "رادار" شنقريحة.. هل يَسقط "الخضر" في دوالا جراء تحميل المنتخب وزر إخفاقات السياسة؟
الصحيفة - عمر الشرايبي
الأربعاء 19 يناير 2022 - 10:50

يتواصل الضغط السياسي الممارس على المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم، عشية مباراة الأخير أمام منتخب كوت ديفوار، الحاسمة في تحديد هوية المتأهل إلى دور ثمن نهائي بطولة أمم إفريقيا التي تحتضنها دولة الكامريون، لغاية سابع فبراير القادم.

خسارة "الخضر" أمام منتخب غينيا الإستوائية، مساء الأحد، والتي وضعت حدا لأسطورة سلسلة "اللا هزائم"، لم تخلف فقط ردود أفعال عادية لدى الشعب الجزائري المتتبع لكرة القدم، وإنما حركت الدوائر العليا بالبلاد، والتي تجعل من منتخب "الخضر" واجهة للدولة، في خصم ما تعيشه الأخيرة من أزمات، سياسية واقتصادية واجتماعية.

شنقريحة وتبون... ضغوط رئاسية وعسكرية على منتخب الكرة

أعلن رئيس أركان الجيش الوطني الجزائري، الفريق السعيد شنقريحة، مساء الاثنين، عن تشجيعه الدائم لمنتخب بلاده لكرة القدم، قائلا عبر منشور على صفحة وزارة الدفاع الوطني، إن "تشجيعنا لكم لن يتوقف وتعثركم لن ينسينا الأفراح التي لطالما صنعتموها، ثقتنا فيكم كبيرة ووقوفنا إلى جانبكم مستمر في كل الظروف والأحوال. حظ موفق في المقابلة القادمة".

تدخل قائد الجنرالات العسكري، ليس الأول ولن يكون الأخير، حيث سبق له أن نشر بلاغات أخرى، تخص منتخب "الخضر"، آخرها ذلك الذي أعقب التعادل أمام منتخب سيراليون، في افتتاحية بطولة أمم إفريقيا، والذي تزامن أيضا مع تغريدة عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، ليلة 11 يناير، والتي ختمها بالقول "نحن معكم دوما وأبدا، في السراء والضراء"، ولم يظهر منذ تلك اللحظة على منصاته الرسمية في مواقع التواصل الإجتماعي.

تغريدة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على حسابه في "تويتر"

وإن كانت الجزائر تعيش منذ سنوات على إيقاع الاحتقان الإجتماعي، فإن توجه قادة البلاد سار لاحتواء الوضع، باستغلال شعبية منتخب كرة القدم، الأخير الذي تمكن من التتويج بلقب كأس أمم إفريقيا سنة 2019 بمصر، ثم تحقيق نتائج جيدة طيلة المرحلة التي تلت الإنجاز القاري، آخرها التتويج بالبطولة العربية في قطر وتحقيق التأهل للدور الفاصل المؤهل لنهائيات كأس العالم "قطر2022".

نجاح كروي، استثمرت فيه الجزائر، مسخرة كل الإمكانيات من أجل أن يلعب المنتخب الوطني لكرة القدم، دور "الشجرة" التي تخفي الغابة، وهو ما رفع حجم الضغوطات على الإطار الفني جمال بلماضي ولاعبيه، والذي أصبح مطالبا، بشكل رسمي، ببلوغ أدوار متقدمة في نهائيات كأس العالم المقبلة، وليس فقط الحفاظ على المكاسب الحالية.

عقلاء الجزائر تفطنوا للوضع.. السياسة تدخلت في الكرة!

تفطن بعض الجزائريين من "النخبة"، إلى الضغوطات الممارسة على المنتخب الجزائري لكرة القدم، والتي لمح إليها بوعلام زياني، المنتج السينمائي الجزائري، عبر تدوينة على حسابه الشخصي في "فايسبوك"، يتحدث فيها عن هزيمة "الخضر" أمام منتخب غينيا الاستوائية، والضجة التي أحدثها "سقوط" كتيبة المدرب جمال بلماضي.

وأكد زياني، إن اللاعبين تعرضوا لضغوطات كبيرة من المسؤولين في البلاد، واصفا ذلك بـ"بيانات العسكر والسياسيين"، مشيرا في الآن ذاته إلى أن المنتخب الجزائري، ذهب لخوض كأس أمم أفريقيا بمهمة بعيدة عن كرة القدم، وهي تحميله مسؤولية التعويض عن باقي الإخفاقات السياسية.

وكتب زياني، إنه "عندما يجد الفريق الوطني نفسه في مهمات أخرى غير لعبة كرة القدم، أي تسند إليه بطريقة غير مباشرة مهمات أخرى ليست من اختصاصه، أكيد سيجد نفسه خارج الإطار وكأننا نحمله مسؤولية التعويض عن باقي الإخفاقات السياسية".

تدوينة المنتج السينمائي الجزائري عبر "فايسبوك"

وأضاف "سقف طموحات الجماهير وردة فعل الإعلام ورسائل وبيانات العسكر والسياسيين في مبارة التعادل الأولى، هي ممارسة لضغط كبير غير مدروسة العواقب على مدرب (وزير السعادة) أخرجته عن مهمته فأصبح منرفز وفاقد لأعصابه لأتفه الأشياء، ومارس بدوره ضغوطات على اللاعبين ففقدوا الثقة في النفس فخرجوا من دورة لم يدخلوها كلاعبين، بل يعتقد الكثير أنهم حقيقة محاربون راحو ليحرروا الجزائر من شيء ما !؟!".

التدوينة الأخيرة، سرعان ما تم تداولها من قبل شريحة كبيرة من الجزائريين، بينهم الإعلامي جمال جبالي، مراسل قنوات "بيين سبورت" في العاصمة الإسبانية مدريد، والذي ارتأى أن يشخص الوضع بعقلانية، بعيدا عن حملة "البروباغندا" الإعلامية الرسمية، والتي انخرط فيها زميله حفيظ الدراجي، المعلق التلفزيوني في نفس المحطة.

حفيظ الدراجي وقناة النهار.. الجبهة الأمامية لـ"البروباغندا" الإعلامية

تفاجأ المتتبع الجزائري ومعه المتفرج العربي، بالرسائل التي أراد حفيظ الدراجي، تمريرها للرأي العام، خلال وصفه الحي لأطوار المواجهة التي جمعت منتخب بلاده بنظيره غينيا الاستوائية، حيث لمح بالحرف أن "شيء ما" ساهم في "سوء الطالع" الذي رافق زملاء رياض محرز، وهو ما تبناه الإعلام المحلي عبر قنواته الرسمية، مبرزا نظرية "المؤامرة".

الدراجي، الذي لا تكفيه 90 دقيقة التي يطل فيها على الهواء، يستغل أيضا اسمه عبر منصات التواصل الإجتماعي، من أجل تمرير رسائله، حين كتب عبر صفحته الشخصية، أن "المنتخب الجزائري يسعد الجزائريين عندما يفوز ويسعد بعض المعقدين عندما يخسر"، واصفا الأمر بـ "الظاهرة المرضية"، في تناسق تام لخطابه مع الخط التوجيهي الذي تسير به الجزائر في مواجهتها الخارجية، سياسيا وليس رياضيا.

ساعات قليلة بعد نشره لـ"السموم" في خطاباته، ظهر الدراجي وهو يتبادل أطراف الحديث مع رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، على هامش زيارة الأخير لدولة قطر، علما أن إعلاميين جزائريين كثر يشتغلون في الدوحة، ولم يحضروا للقاء، وهو ما يطرح تساؤلات حول الدور الذي يلعبه الدراجي في السياسة التواصلية لبلاده.

حفيظ الدراجي عبر صفحته على "الفايسبوك"

استغلال الدراجي من قبل جهات عليا بالجزائر، قد يبدو منطقيا، في إطار التدخل السياسي الوطني في شؤون كرة القدم، علما أن الواصف الرياضي يحظى بمهمة التعليق على مباريات المنتخب الوطني في "الكان" عبر القناة المالكة حصريا لحقوق البث التلفزيوني في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

بدوره، يحاول لإعلام الرسمي بالجزائر، التأثير على الرأي العام المحلي، حيث أن أي إخفاق متجدد للمنتخب في مواجهته المقبلة، سيدفع إلى تبني نظرية "السحر والشعودة"، والتي بدأت تطبخ على نار هادئة، مع ظهور بعض الرقاة الشرعيين وآراء الشارع المتفرقة حول ذات الموضوع.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...