كيف وظفت الجزائر شخصيات أمريكية بارزة بعقود مالية ضخمة لدعم "استقلال الصحراء" ومُعارضة قرار ترامب

 كيف وظفت الجزائر شخصيات أمريكية بارزة بعقود مالية ضخمة لدعم "استقلال الصحراء" ومُعارضة قرار ترامب
الصحيفة - خالد البرحلي
الأحد 20 دجنبر 2020 - 20:54

يبدو أن على المغرب أن يخوض "معركة" أخرى بين "صقور واشنطن" من اللوبيات المؤثرة في صناعة القرار الأمريكي، والتي تضغط بقوة، سياسيا، وإعلاميا، من أجل جعل الرئيس الأمريكي المنتخب جون بايدن، يلغي قرار دونالد ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، بعد أن أصدر مرسوما رئاسيا بذلك، تم نشره في السجل الفيدرالي الأمريكي.

وإن كانت الأصوات المعارضة لقرار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، بالاعتراف بمغربية الصحراء، قد أثارت الكثير من الجدل السياسي، فإنها في المقابل تجاوزت ذلك إلى الاعتراض حدّ الهجوم على "صفقة ترامب مع المغرب"، التي رعاها صهره ومستشاره الخاص جاريد كوشنر.

والملاحظ أن أغلب من تهجموا على قرار دونالد ترامب باعترافه من خلال مرسوم رئاسي بمغربية الصحراء، وبعضهم ينتمي لحزبه الجمهوري، يشتغلون كـ"جماعة ضغط – Lobbyist" من خلال شركات ومؤسسات أغلبها لها عقود بملايين الدولارات مع الجزائر، يمكن الاطلاع على تفاصيلها من خلال القائمة التي تنشرها وزارة العدل الأمريكية، بشكل دوري.

وتوجد في واشنطن وحدها حوالي 6500 شركة تتخصص في "Lobbyist" تشتغل مع الدول كما الشركات والجماعات والأفراد وكل من يدفع أكثر، لتحقيق مصالحهم عند سَاكن البيت الأبيض، وأعضاء مجلسي الكونغرس والشيوخ من خلال عقود بملايين الدولارات توقع وفق القوانين التي تحكم عمل هذه الشركات، وتنشر تقارير سنوية بذلك.

ومن بين الأسماء التي انتقدت قرار ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، وطالبت بايدن بمراجعة هذا القرار، هناك خمسة أسماء برزت بشكل كبير في وسائل الإعلام، وفي القنوات، وعلى صفحات أهم الجرائد والمجلات الأمريكية، وهي: مستشار الأمن القومي، السابق، جون بولتون، والمبعوث الأممي السابق للصحراء، جيمس بيكر، وسوزان شولت رئيسة "المؤسسة الأمريكية من أجل دعم الصحراء الغربية"، ورئيس لجنة الدفاع بالكونغرس الأمريكي، السناتور جيم انهوف، والإعلامي النافذ صاحب شركة Keene Consulting ديفيد كين.

جون بولتون.. عرّاب إعياء اللاعبين في ملف الصحراء حتى "الاستنزاف"

يعتبر جون بولتون، من المحافظين الجدد الذين يؤمنون بتغيير الأنظمة بالقوة المرتبطة بالحروب، حيث كان من مهندسي الحرب على العراق، ومن الأشخاص الذين أقنعوا ترامب بإنهاء الاتفاق النووي مع إيران، كما دعا أكثر من مرة للهجوم عسكريا على سوريا، وكان من الداعمين للحرب في ليبيا..

ويعتبر بولتون الذي تقلد آخر مناصبه مستشارا للأمن القومي في إدارة ترامب قبل أن يطرده الأخيرة ويصفه بـ"أغبى الأشخاص في الحكومة" مشيرا في تغريدة له على "تويتر" أن بولتون لا يجيد غير قول: "يا إلهي، فلنخض الحرب"، (يعتبر) من صقور اليمين المحافظ في الولايت المتحدة الأمريكية، ومن المتشددين في العديد من الملفات الدولية، من بينها قضية الصحراء.

 بولتون الذي يعتبر من أشد أعداء المغرب فيما يتعلق بالصحراء، والذي دَعَم إجراء استفتاء تقرير المصير وشارك في بلورة مخطط جيمس بيكر الثاني لتقسيم صحراء المغرب في العام 2003، بعد أن سبق وأن كان مساعدا للمبعوث الشخصي للأمم المتحدة لقضية الصحراء بين سنتي (1997-2000)، وهو نفسه الذي كان وراء تقليص المدة الزمنية للبعثة الأممية في الصحراء "مينورسو" من سنة إلى ستة أشهر للضغط على المغرب سياسيا وديبلوماسيا، و"إغراقه" في البحث عن توافقات تسبب له "الإنهاك" الديبلوماسي، بعد تعيينه مستشارا للأمن القومي سنة 2018 ضمن إدارة فريق دونالد ترامب.

وكان بولتون، قد كتب، الأسبوع الماضي، مقالا مطولا في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية يدعو فيه الرئيس المنتخب، جو بايدن بإعادة النظر في قرار ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء لأنه "يقوض السياسة الأمريكية". وقال بولتون: في مقاله الذي احتفت به الصحف الجزائرية، والمواقع التابعة لجبهة البوليساريو الانفصالية "كان إعلان ترامب  في 11 ديسمبر بشأن اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء بمثابة تدني آخر لإدارته". وأضاف: "في قراره المتهور، لم يتشاور ترامب مع (جبهة البوليساريو) التي مثلت الصحراويين منذ فترة طويلة، ولا الجزائر وموريتانيا، الدول المجاورة الأكثر قلقا".

ويعتبر بولتون عضوا نشطا في الكثير من المؤسسات البحثية التي تعد دراسات تعتمدها المؤسسات الأمريكية، وله يَد طولة في العديد من الشركات التي تشتغل في الـ "Lobbyist" لصالح العديد من الدول والمؤسسات، كما أنه مستشار لمؤسسة فريدوم كابيتال لإدارة الاستثمارات، وشارك بولتون أيضا مع عدد من المراكز الفكرية ومعاهد السياسة المحافظة سياسيا، بما في ذلك معهد إيست ويست ديناميكس، والاتحاد القومي للأسلحة، واللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، ومجلس السياسة الوطنية (CNP)، ومعهد غيتستون.

ويعتبر جون بولتون شريك في المصالح مع ديفيد كين، الرئيس السابق للجنة الوطنية الجمهورية والمستشار السياسي الأمريكي، الذي أكدت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن الجزائر تخصص له 30 ألف أورو شهريا للدفاع عن مصالح الجزائر وانتقاد المغرب عند صناع القرار في واشنطن.

ديفيد كين.. عقد مع الجزائر بـ 360 آلف أورو سنويا لمهاجمة المغرب

وضعت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، الجمهوري ديفيد كين في موقف صعب أمام صلابة مواقفه اتجاه قضية الصحراء التي كان يترافع من أجلها من باب "حق تقرير مصير الشعوب"، قبل أن يتبين أن الأمر يتعلق بعقود وقعها مع لجزائر من خلال شركته Keene Consulting قيمتها تقارب 360 ألف أورو تجدد سنويا، وهو العقد الذي تم تفعيله منذ سنة 2018 ويجدد سنويا منذ ذاك الحين.

ويعمل الجمهوري ديفيد كين على تسويق صورة الجزائر والدفاع عن صورتها داخل الكونغرس ومجلس الشيوخ وعند قوى الضغط في واشنطن، كما يعمل على نشر العديد من المقالات التي تتحدث عن قضية الصحراء وفق المصالح الجزائرية للملف، كما يقوم بالترويج للدور الإقليمي للجزائر في المنطقة وبأهميها كدولة مهمة يمكن الاعتماد عليها في العديد من الملفات.

   وبعد قرار ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، عمل ديفيد كين على انتقاد القرار، وهاجمه بشكل مفتوح، موجها نقده أيضا إلى كاتب الدولة الأمريكي في الخارجية مايك بومبيو، وجاريد كوشنر، بعد اتخاذ قرار الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، حيث خصص العديد من المقالات التي تعارض قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وتدعوا إلى استقلالها، معتبرا ذلك من "حق الشعب الصحراوي".

ويعتبر ديفيد كين وجها إعلاميا معروفا، حيث سبق له أن كان مسؤولا عن قسم الرأي في صحيفة "واشنطن تايمز"، وله نفود على العديد من وسائل الإعلامية المحافظة التي تتبنى أفكار جماعته، كما يستغل علاقاته داخل الحزب الجمهوري وبأعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ لتنفيذ أجندات الجزائر وتسويق رؤيتها لقضية الصحراء وفق العقود المبرمة مع شركته والتي تبلغ 360 ألف أورو سنويا، تدفع من الخزينة الجزائرية.

سوزان شولت.. الناشطة التي تخصص كل وقتها لمعاداة المغرب

تعتبر سوزان شولت، الناشطة السياسية، ورئيسة "المؤسسة الأمريكية من أجل دعم الصحراء الغربية" التي تعتبر الجزائر سخية بشكل مفرط في دعمها ماليا، مُقربة أيضا من خلال المصالح المشتركة، مع مستشار الأمن القومي السابق، جو بولتون، ومن الإعلامي الجمهوري، ديفيد كيين، صاحب شركة Keene Consulting التي لها عقد سنوي مع الجزائر بـ 360 ألف دولار.

ولا تفوت سوزان شولت فرصة لانتقاد المغرب في مختلف المحافل الدولية، خصوصا فيما يتعلق بقضية الصحراء، حيث تسوق رؤيتها للملف في تناغم مع رؤية الجزائر ومصالحها في المنطقة.

وشعرت شولت بخيبة أمل كبيرة بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي، المنتهية ولايته، دونالد ترامب اعترافه بمغربية الصحراء من خلال قرار رئاسي نشر في السجل الفيدرالي الأمريكي، حيث أعلنت شورت عن غضبها من خلال رسالة إلى ترامب تدعوه فيها إلى التراجع عن اعترافه بما وصفته بـ"السيادة المزعومة للمغرب على الصحراء". كما دعت إلى "إنهاء احتلال الصحراء من طرف المغرب منذ 1975".

ولا تكتفي سوزان بالمواقف الصادرة من الإدارة الأمريكية لتكون مناسبة لمهاجمة المغرب، بل أيّدت في وقت سابق قرار محكمة العدل الأوروبية القاضي بعدم صلاحية الاتفاق الأوروبي-المغربي حول تجارة المنتجات الزراعية والصيدلية على أراضي الصحراء.

وتعمل سوزان شولت كجماعة لوبي ضاغط في واشنطن لصالح الجزائر، حيث تعتبر من الأصدقاء المقربين من مستشار الأمن القومي السابق، جون بولتون، كما كانت إلى وقت قريب من المقربين "جدا" من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وسبق أن كتبت مقالا مطولا سنة 2018 على موقع dailycaller تحرض فيه ترامب على المغرب، وتتحدث عن أن المملكة دعمت منافسته في الانتخابات الرئاسية لسنة 2016، هيلاري كلينتون بـ 12 مليون دولار من خلال مؤسستها. كما دعت في نفس المقال، دونالد ترامب لإنهاء مشكل الصحراء حينما كتبت: "هناك فرصة هائلة لكم في السياسية الخارجية لحل مشكل الصحراء الغربية، التي تعتبر المستعمرة الوحيدة المتبقية في إفريقيا". حسب وصفها.

وتوجهات سوزان شورت نحو المملكة ليس بجديدة، فقد سبق أن دفعت ترامب لنشر تغريدة تتحدث عن التمويل المغربي لمؤسسة كلينتون من أموال المكتب الشريف للفوسفاط، التي قالت شورت إنه يستغل ثروات الصحراء لتمويل مؤسسة كلينتون، وهو ما جعل ترامب ينشر تدوينته سنة 2016 المنتقدة ضمنيا للمغرب، قبل أن تتغير توجهاته نحو المملكة، ويربط مصالح إدارته بالمصالح المشتركة للمغرب في قضية الصحراء.

وتشكل سوزارن شورت وجون بولتون بالإضافة إلى دفييد كيين جماعة مقربة بمصالح مشتركة، تربطهم توافقات مالية، مقابل تصريف مواقفهم السياسية، حيث توجهاتهم السياسية ومواقفهم مرتبطة بقواعد أيديولوجية توظف بشكل موجّه لخدمة أجندات دول أو شركات أو جماعات، وحتى أفراد معينيين من خلال الضغط على صناع القررا في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بمقالات في كبريات الصحف والظهور في القنوات الأمريكية أو من خلال الندوات الصحافية والضغط على أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكي عن طريق الدعم الخلفي للبعض منهم، واشتباك مواقفهم مع مصالحهم المالي للشركات التي يمثلونها.

ويبرز التناغم بين سوزان شورت، مثلا، وجون بولتون، بشكل كبير في مقال نشرته شورت سنة 2016 بصحيفة واشنطن تايمز دعت من خلاله دونالد ترامب إلى تعيين بولتون وزيرا للخارجية، مؤكدة أنّ بولتون "يفهم تحديات الأمن القومي التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية"، كما أن لديه "سجل حافل من المفاوضات الناجحة" و"الأهم من ذلك، أنه يعرض أعظم سمات المثل العليا الأمريكية للحرية والديمقراطية". وهو المقال الذي حاولت من خلاله سوزان شورت دعم صديقها، جون بولتون عند دونالد ترامب، بما يتوافق مع توجهاتها، ويدعم أطروحاتها، ومصالحها المشتركة رفقة بولتون، وكيين، وهو نفس الضغط الذي استمر لسنوات حتى تعيين ترامب لبولتون في منصب مستشار للأمن القومي لشهور قبل أن يطرده واصفا إياه بـ"أغبى رجل في حكومته".

جيمس بيكر.. مستشار أهم الشركات النفطية وعرّاب تقسيم الصحراء

لم ينتظر جيمس بيكر، وزير الخارجية الأمريكي السابق على عهد بوش الأب، ومبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء ما بين (1997- 2004)، طويلا، ليبرز معارضته لقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء.

وعلى صفحات "الواشنطن بوست" عنون بيكر مقال له بـ"اعتراف ترامب بالصحراء الغربية هو ضربة خطيرة للدبلوماسية والقانون الدولي". وكتب جيمس بيكر يقول في بداية المقال "إن إعلان الرئيس ترامب الأخير بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية يعد تراجعا مذهلا عن مبادئ القانون الدولي والدبلوماسية التي تبنتها الولايات المتحدة واحترامها لسنوات عديدة". وحذّر بيكر من أن "القرار يهدد بتعقيد علاقاتنا مع الجزائر، شريك استراتيجي مهم، وله عواقب سلبية على الوضع العام في شمال إفريقيا".

الجزائر كانت دائما حاضرة في "خوف بيكر" من قرار ترامب، كما أن مصالح عقود النفط لكبريات الشركات الأمريكية التي يمثلها جيمس بيكر ملفوفة في العديد من تفاصيل مقال المبعوث الأممي السابق للصحراء في "الواشنط بوست".

ولم يخف بيكر معارضته لقرار ترامب عند اعترافه بمغربية الصحراء، وهو الذي أقر عندما كان مبعوثا شخصيا للأمين العام للصحراء بخطة لتقسيم الجنوب المغربي، اقترحتها جبهة البوليساريو والجزائر، وعرضها على مجلس الأمن الدولي، قبل أن يصيغ خطة أخرى سميت حينها بـ "خطة بيكر الثانية"، تفضي إلى تقرير "مصير الشعب الصحراوي"، بعد سنوات من الحكم الذاتي، وهو ما عارضه المغرب بشدة، وخرجت تقارير حينها تشير إلى أن جيمس بيكر يخدم أجندات شركات الطاقة الأمريكية في الجزائر التي تعتبر من أكبر مصدري الطاقة في العالم، حيث تبين أن بيكر كان مستشارا لشركة "Enron" العملاقة، التي كانت إحدى كبريات شركات الطاقة الأمريكية، حينها، قبل أن تعلن إفلاسها في وقت لاحق.

ولم يعمر بيكر في منصبه طويلا بعد عرض خطته، حيث اضطر بيكر إلى تقديم استقالته مبعوثا للأمم المتحدة إلى الصحراء سنة 2004 بعد ضغوط كبيرة من المغرب، وبرر بعدها مغادرته لمنصبه بـ "تباعد الرؤى بين الأطراف المتنازعة في الصحراء"، وهو ما جعله منذ ذاك الحين يصبح "عدوا شرسا" للمملكة، وفق تعقيدات المصالح التي كان يربطها بيكر مع كبريات شركات الطاقة الأمريكية التي كانت تبحث عن دعم استثماراتها في الجزائر الغني بالنفط والغاز.

ومعروف على جيمس بيكر أن مصالحه مع كبريات الشركات التي يُملثها كمستشار بملايين الدولارات سنويا، لم تقتصر على المنطقة المغاربية، بل تعدتها إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث تشابكت مصالحه مع شركات الطاقة العالمية، لتصل إلى عائلة بن لادن السعودية.

وأثناد ضرب برجي التجارة العالمي سنة 2001 من طرف تنطيم القاعدة بقيادة زعيمه أسامة بن لادن، كان جيمس بيكر، حينها، يتابع التغطية التلفزيونة للهجمات من فندق "ريتز كارلتون" في واشنطن العاصمة، رفقة ممثلين عن عائلة أسامة بن لادن المساهمين في مجموعة "The Carlyle Group" والتي يشغل جيمس بيكر كبير مستشاريها، وأقدمهم.

ومثل جون بولتون، وسوزان شورت، ودفيين كين، فجيمس بيكر يبحث عن مصالح الجهات التي يمثلها بعيدا عن القواعد السياسية والقانونية التي تحدث عنها في مقاله في "الواشنطن بوست"، حيث وجوده في منصب كبير المستشارين لكبريات شركات الطاقة والصناديق السيادية للدول النفطية، يجعل من أجنداته في العديد من دول المنطقة العربية تعتمد على المصالح التي يمثلها، والعوائد منها، ضمن برغماتية أمريكية لقوى النفوذ في واشنطن.

وهي البرغماتية الأمريكية التي كان يعل عنها الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، صراحة، في تغريداته وتصريحاته، وبشكل علني بأن "مصالح أمريكا أولا". ولغة الصفقات هي الطاغية عند جماعات الضغط في الكونغرس ومجلس الشيوخ، ومكاتب الدراسات ووسائل الإعلام، حيث وقودها النزاعات الحدودية والعرقية في دول منطقة الشرق الأوسط، وإفريقيا المليئة بالخلاف التي مازالت عالقة من عهد الاستعمار الذي مازال يغذيها إلى اليوم.

السيناتور جيم إينهوفي.. رئيس لجنة القوات المسلحة بالكونغرس المدافع عن الانفصال

اعتبر السيناتور الجمهوري، جيم إينهوفي، الذي يرأس لجنة الدفاع بالكونغرس الأمريكي، أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "تعرض للتضليل بخصوص التقليل من شان التداعيات الخطيرة التي سيحدثها اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء".

وأشار جيم إينهوفي، الذي يشغل حاليا منصب أكبر سيناتور من ولاية أوكلاهوما، في إحاطة أمام رئيس لجنة الدفاع والامن بالكونغرس الأمريكي، أن "أنه خلال تسييره لملف الصحراء الغربية طيلة السنوات الـ 30 الماضية تأكد لديه أن "اللوبي المغربي على مستوى مجلس الشيوخ الأمريكي اثر على السياسية الأمريكية وحال دون  تمكين الشعب الصحراء الغربية من حقه في تقرير المصير".

ولم ينس انهوفي، أثناد مداخلته، تجميل الدور الجزائري، حينا قال إن "الجزائر أكدت من جهتها على أن "النزاع في الصحراء الغربية يبقى مسألة تصفية الاستعمار والتي لا يمكن حلها إلا من خلال الرجوع الى القرارات الدولية والميثاق الراسخ للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ذات الصلة التي تنص على حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال". حسب ما نشرته وكالة الأنباء الجزائرية.

ولم يخلو خطاب السيناتور الأمريكي من لغة تهديد وحرب حينما أشار إلى أن عناصر البوليساريو كلهم "إصرارا على القتال من أجل العودة إلى ديارهم".

مجلة "جون أفريك الفرنسية" أفردت مساحة مهمة لدعم السيناتور الجمهوري لمصالح الجزائر في المنطقة، وإبراز حق البوليساريو في "الاستقلال" حينما أشارت في عددها الأخير إلى أن أن الأخير قام في فبراير 2019، بزيارة الجزائر، حيث التقى على رأس وفد من أعضاء الكونغرس الأمريكي، برئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، قبل زيارة مخيمات تندوف، لاسيما وأن جيم إينهوفي هو رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، وهو المنصب الذي يسمح له بإبراز التعاون الدفاعي الجزائري-الأمريكي.

كما تبين العديد من الصور المنشورة على من مواقع جبهة البوليساريو أن رئيس لجنة الدفاع في الكونغرس الأمريكي، التقى بزعيم الجبهة، إبراهيم غالي، والتقط العديد من الصور التي تحمل الكثير من الود.

وبعيدا عن أخلاقيات "تقرير مصري الشعب الصحراي"، يواجد السيناتور الجمهوري في خضم فضيحة من العيار الثقيل كشفتها قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، تتعلق بعملية تداول داخلية لأسهم في البورصة، جمعت السيناتور مع ثلاث آخرين، حيث قاموا على إثرها ببيع أسهم بملايين الدولارات قبل تفشي وباء فيروس كورونا بالبلاد.

وقام السيناتور ببيع أسه له في بورصة "وول ستريت"، بأثمنة مرتفعة بعد حصوله على معطيات على تفشي فيروس كورونا في البلاد بناء على منصبه السيادي، قبل أن تنهار هذه الأسهم بعد أسابيع قليلة، وهو ما تحقق فيه المباحث الفيدرالية الأمريكية، ومن الرجح أن تكون فضيحة كبيرة خلال الأسابيع القليلة القادمة.

وكما هو حال، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، والسيناتور ورئيس لجنة الدفاع في الكونغرس، جيم إينهوفي، ووزير الخارجية، والمبعوث الأمم السابق إلى الصحراء، جيمس بيكر، والإعلامي صاحب أهم شركات "اللوبينغ" في واشنطن، ديفيد كين، والناشطة في "جماعات الضغط" سوزان شورت، تخصص الجزائر ملايين الدولارات سنويا لدعم نفوذها في واشنطن، والعديد من العواصم العالمية، لتسويق رؤيتها لملف الصحراء، في "حرب استنزاف" طويلة ضد المغرب، من أجل الريادة في المنطقة المغاربية، وتحجيم دور المملكة في إفريقيا، وهي حرب وقودها ملايير الدولارات من خزينة تصدير محروقات "سونطراك" التي تعتبر الصندوق الأسود للنظام الجزائري، وبلاعبين هم عبارة عن "جماعات ضغط" من السياسيين وزصحاب شركات "اللوبينغ" قادرين على بيع "الديمقراطية الأمريكية" لكل من يَدفع أكثر.

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...