كُنْ أنتَ.. لا غَيرَك!

 كُنْ أنتَ.. لا غَيرَك!
أحمد إفزارن
الخميس 2 يناير 2020 - 7:53

- لا تكُن غيرَك!
كُن أنتَ.. كما أنتَ!
عِش حياتَك بقناعتِك.. بأعماقِك.. بأفكارِك.. وخيالِك.. وأحلامِك.. لا بتَقَمّصِ شخصيّةِ غيرك..
لا تكُن إلا كما أنتَ.. لا كما يُرادُ لك أن تكُون..
وعندما تُعبّرُ عن نفسِك، تكونُ أنتَ هو أنتَ، لا شخصًا آخرَ يُملِي عليك أو يُوجّهُك..
لا تكُن شخصًا آخر..
وإذا كنتَ فتلكَ حُرّيتُك، وقد لا تكونُ إلا حُرّيّةً مُزيّفة..
لا تَعِش بقناعاتِ الآخر!
وإذا كان ظاهرُك هو أنت، وباطنُكَ هو غيرُك، فأنتَ حتمًا شخصان، أحدُهما هو أنتَ، والآخرُ غيرُك..
انفِصامٌ في شخصيةٍ لا تَملكُ استقلاليةَ القرار، وليست على مَسلكٍ واحد..
كُن نفسَك! لا عدُوًّا لنفسِك.. ولا أحلامًا مُزيّفة.. ولا مُفَبرَكة..
عِشْ نفسَك لنفسِك، لا لغيرِك.. ولا لأوهَام.. ولا لحياةٍ هي شكلياتٌ ومظاهرُ وقُشُور..
عِش حياةً أنت فيها.. وهي فيك.. هي أنت.. وكما أنت.. وكما تريد..
لا حياةً أنت فيها على الهامش..
هو العُمقُ عُمقُك.. يَستأهلُك.. وأنت تستأهلُه، حتى في أبسطِ الأحوال..
هو ذا أنتَ كما أنتَ، في كل أحوالِك، باسمًا كُنتَ أو غاضبًا أو مُتوتّرًا..
وحتى وأنتَ ابنُ عادتِك، لا تَقبَلُ أن تكُونَ مغمورًا بزَيفِ   الحياةِ اليَومية..
لا تُخادِع نفسَك.. كُن كما أنتَ.. لا مُنافِقًا.. لا مُتَمَلّقًا.. لا انتِهازيّا.. ولا تَسبَح ضدّ تيّارِ نفسِك.. ولا تُلقّن نفسَك ما لستَ به مُقتنِعًا.. وإليه مُرتاحًا.. وما سوف يجعلُك بعد حينٍ تتخلّصُ منه، وأنت جاثمٌ بين نفْسِك، وضدّ نفْسِك..
افعلْ ما أنتَ إليه مُرتاح.. وضميرُك مُرتاح.. وأنت فيه تُبدِعُ وتَبتَكرُ وأنتَ مُرتاحُ البالِ والضّمير..
وإنك لا تُبدِعُ في حياتِك، إلا إذا كنتَ تفسحُ لنفسِك مجالاتِ حُريةِ الفكرِ والخلقِ والإبداع..
ولا تستطيعُ الإبداعَ إلا إذا كنت أنتَ في ذاتك، تُبدِعُ بذاتِك لذاتِك..
التقليدُ يَقتلُ الإبداع..
والاكتشافُ لا يكونُ إلا مع الذات.. يُخطئ حينًا.. وينجحُ حينًا.. ويربطُ بين حالاتٍ وحالات، ومَواقعَ وأخرى، وأفكارٍ وأفكار، ونجاحٍ وفَشَل، ثم يتَوصّلُ إلى خطوطٍ مُشترَكة، فإلى ما يجمعُ ولا يُفرّق..
وما يجعلُك كينونةً واحدة.. مُوحّدة..
والإبداعُ لا يكون إلا في الداخل، من الأعماق..
ويتَشكّلُ في حجمٍ مؤهّلٍ للتّسويق..
ويَصلُ إلى الناس ما كان فكرا، وأصبح حجمًا مُجسّمًا مُجَسّدًا..
وكلّ ما هو إبداعٌ يكونُ فكرا في العُمق الإنساني، ويُصبحُ الفكر متَجَسّدا في شكل مقال، أو رأي، أو لوحة، أو منحُوتة، أو غيرِها من الصّورِ الجمالية..
ويَسعَدُ المُبدِع أنه هو قد أبدَع.. وأنّ هذا المنتُوجَ قِطعةٌ منحوتةٌ في دَواخلِه، وأنّ الجماليةَ المنحُوتةَ في شكل فكرة، قد وصلت إلى المتلَقّي وهي رسالةٌ فنّيةٌ هادفة..
ويعتزّ المُبدعُ بكونهِ هو قد أبدَع، وليسَ هو استَولَى عليها من الغير..
إنه لم يَسرِقها.. ولا يَقبَلُ تنميطَ فكرِه ومشاعرِه وآلياتِه الذاتيةِ الابتِكارية..
لا يَقبلُ أن يجعل من نفسِه آلةَ الفوطُوكوبي التي تَنقُلُ صُورًا لإنتاجاتِ غيرِه، ويَنسِبُها إلى نفسِه..
والمرءُ المُتحرّرُ من الاستيلاءِ على المِلكيّة الفكرية والفنيّة والصناعية، لا يَسمحُ لنفسِه بحيازةِ ما لغيرِه، ولا بتحويلِ نفسِه إلى آليةٍ نَمَطِيّة فوطوكوبيّة يَستنسِخُ بها إبداعاتِ غيرِه، ويُقدّمُها للناسِ على أساسِ أنها مِلكيّةٌ شخصيّة..
هذه عقليّةٌ قَطِيعيّةٌ لا تَجُوز في عالَمٍ عاقلٍ مُتخلّقٍ يتميّزُ بمُنافَسةِ حلباتِ السباق، لا بمحاولةِ الاستيلاءِ على حَلَبَةِ الغير..
هذه عادةٌ سلبيةٌ وليست أهلاً للفوزِ والنّجاح..
الفوزُ يكُون مُستَحَقّا عندما يلتزمُ بأخلاقياتِ السباق، ومن ثمةَ بالاحترام التام لحقوق الآخر..
وفي "الأخلاقِ الإنتاجيّة" لا يَجُوزُ تغليبُ الغِشّ والعقليةِ التّنميطيّة، والعاداتِ السيّئة، التي لا يَهُمّها إلا الكسبُ والربحُ والانتصار، ولو على حسابِ ما يجبُ أن يكُونَ فيها: "أخلاقُ المُنافسَة"..
والأخلاقُ هي الأخرى من المفروضِ أن تتَشبّع بالأخلاق..
وإنّ قوانينَ تُعارضُ الأخلاق، ليست قوانين، بل تصوّراتٍ لما يُمكنُ أن يكون، وفي حدود ما رَسَمَه مُشرّع.. وهذا لا ينفِي احتمالَ أن يَتعرّضَ المُشرّعُ للخطأ..
وفي كلّ الأحوال، يتوَجّبُ تربيّةُ وتكوينُ الإنسانِ على أن يكُونَ إنسانًا، ويتعاملَ تعامُلَ الإنسانِ للإنسان، لا تَعامُلَ الإنسانِ للقَطِيع!
ولا تطوُّرَ يمكنُ أن ينجحَ في العالم، على أساسٍ لاأخلاقي..
اللاّأخلاق تَستَمِدُّ قُوّتَها من تقاليدَ وعاداتٍ سلبيةٍ تُشكّلُ قُوّةً مُضادّة للتّطوّر..
وإن خُرافاتٍ تطغَى على أيّ مُجتَمع، قد تتَحوّلُ إلى قُوةٍ لا تَقبلُ التّشكيكَ فيها، رغمَ ما قد يشُوبُها من قلّةِ الإثبات..
وفي غيابِ الإثباتِ المُقنِع، تَغِيبُ حُرّيةُ التّصرّف..
ومهما كانت صلابةُ الإثبات، يجبُ التّأكّد من الطّريقة التي تُقدَّم بها الإثباتات، حتى وهي ليست تشويهًا وتحريضا وسبّا وقذفا..
الطريقة من المفروضِ ألا تتَعارضَ مع احترامِ أخلاقياتِ التّخاطُب..
وتبقى الحريةُ المُنبعِثةُ من أعماق الإنسان، مقياسًا لنُمُوّ ورُقِيّ المجتمع..
وباحترامِ الحُرّيات، يتأهّلُ المرءُ لاتّخاذِ أيّ قرار يراه مناسبًا، دون أن يتَعرّضَ لأيّ إكراه، حتى لو كان مخالفًا للرأي الآخر..
وهذه الحُريّةُ الذاتية، بهذه المسؤولية، تسمحُ بإثراء النقاشِ العمومي، وتمكينِ الناس بالتنفيسِ عن همُومِهم اليومِية..
الحريةُ الحقيقيةُ لا تتَحوّلُ إلى جَبرٍ وضغط.. وهي طريقٌ سالكةٌ إلى الإفادةِ والاستِفادة، وبالتّالي التّقدّم والرّقيّ..
وكلّ مواقعِ المسؤولية بحاجةٍ إلى نقدٍ بنّاء..
النقدُ ضرورةٌ قُصوَى لتقويمِ مسؤولي القرار..
وهذا النقدُ أيضا لا يأتي من خارج الإنسان.. يأتي من أعماق الإنسان..
ومن لا يمارسُ النقدَ الذاتي، لا يُحرّرُ نفسَه، ولا يستيقظُ ولا يتغيّر..
ولا حريةَ بدون قُدرةٍ على تغييرٍ ذاتي..
غيّرْ نفسَكَ بنفسِك.. من أجلِ نفسِكَ والآخر..
ومن نفسِك يبدأ إصلاحُ العالَم!

[email protected]

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...