لا أمل في الأفق.. مراكش تكتب سطرها الأخيرة قبل "الغرق" في أزمة خانقة سياحيا واجتماعيا

 لا أمل في الأفق.. مراكش تكتب سطرها الأخيرة قبل "الغرق" في أزمة خانقة سياحيا واجتماعيا
سمية الحقيوي من مراكش
الأربعاء 16 شتنبر 2020 - 14:19

هجرت البسمة، وجه مراكش المعروفة لدى المغاربة بمدينة البهجة، بعد أن حولها فيروس كورونا المستجد من مدينة تعج بالحياة ومظاهر الاحتفال والفرح إلى مدينة لا تكاد تعرف نفسها من أثر الخوف من مستقبل مبهم سببه شلل شبه كامل أصاب اقتصادها المعتمد بشكل مباشر على السياحة.

2500 مُؤسسة بين فنادق وشركات تحت رحمة "كورونا"

ومنذ إعلان الحجر الصحي في مارس الماضي، ومعه إغلاق المجال الجوي أمام الرحلات الدولية، وبعده منع التنقل بين 8 مدن من بينها مراكش، اضطرت %90 من الوحدات الفندقية بالمدينة لإغلاق أبوابها، والبقية التي استطاعت التحمل حتى الآن تتجه نحو الإقفال ما يضع مستقبل المدينة في خانة المجهول.

وحسب جهات رسمية يشغل قطاع السياحة وحده أزيد من % 55 من اليد العاملة بالمدينة التي تضم 1660 فندقا مصنفا، 260 وكالة سفر 320 شركة نقل سياحي، 320 مطعم مصنف، بينما يتولى التعريف بالمدينة الحمراء 1200 مرشدا سياحيا، وتضاف إلى هذه الأرقام سلسلة متشعبة من مهن وخدمات تشغل أزيد من 400000 شخص أغلبهم فقدو أعمالهم بسبب تداعيات الوباء.

وتستقبل المدينة أزيد من مليوني سائح سنويا، وبغيابهم توقف المحرك الأساسي لاقتصادها الذي يساهم بـ % 34,7 من الناتج الداخلي الخام لجهة مراكش آسفي والتي تساهم بدورها بنسبة %10 من الناتج الداخلي الاجمالي للمملكة.

توقف كامل لعجلة النقل السياحي

عمر متقي صاحب شركة نقل سياحي يصف الوضع الذي يعيشه القطاع بسبب انتشار الوباء بالكارثي والغير مسبوق، توقفت بسببه جل المقاولات عن العمل كليا منذ أكثر من 6 أشهر بعضها أعلن إفلاسه، وأخرى باعت أسطولها من السيارات لتستطيع سداد ديونها البنكية.

وكثير من العاملين بمختلف المجالات لم يستفيدوا من صندوق الدعم المخصص للجائحة لأنهم غير مصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، وحتى الفئة المستفيدة منهم بمبلغ الدعم غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه أسرها، أو حتى تأمين أبسط حاجياتها.

وضع مربك دفع ناشطين على مواقع التواصل وحقوقيين بالمدينة لرفع وسم #مراكش تختنق مع انتشار بؤر للفيروس تطلبت إغلاق أكثر من حي سكني بالمدينة لتطويقه.     

ودعت وزارة السياحة للتركيز على السياحة الداخلية لكن قرار منع التنقل من وإلى مراكش حال دون وصول السائح المغربي للمدينة، ويوضح عمر متقي حسب خبرة تجاوزت العشر سنوات في عمله في مجال السياحة  أن السائح الأجنبي مصدر مهم للعملة الصعبة، ومحرك لمجموعة من المقاولات الصغيرة والمتوسطة كالنقل، المطاعم، عربات الكوتشي، البازارات، المرشدين السياحين.. وأينما حل السائح الأجنبي يكون دائما بحاجة لعدة خدمات عكس السائح المغربي الذي يتوفر أو يفضل التنقل بسيارته والإقامة عند العائلة أو في شقق معدة للكراء كون العروض المقدمة من المؤسسات الفندقية تعتبر فوق قدراته المادية أحيانا.

مراكش تستغيث

وبخصوص ردود الفعل عما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية أصدرت الجبهة الاجتماعية بالمدينة بيانا استنكاريا موقعا من هيئات سياسية ونقابية وحقوقية ومدنية نددت فيه بما وصفته بفشل الاختيارات والسياسات المتبعة في التعاطي مع الأزمة بمدينة النخيل ونبهت من استفحال البطالة جراء التسريحات والطرد في ظل ضعف اليات الدعم و حماية الشغيلة من عدد من المقاولات والمؤسسات التي استغلت الأزمة للتخلص من العمال والمستخدمين واستهداف حقوقهم، كما طالب الجبهة في بيانها باتخاذ تدابير قوية عاجلة و شجاعة تروم إنعاش اقتصاد المدينة وانقاد مرافقها الصحية المنهكة و توسيع دائرة التحاليل المخبرية الخاصة بكوفيد 19.

ومنذ أن شهدت مراكش ارتفاعا في عدد الاصابات بالفيروس تزامنا مع احتفالات عيد الأضحى وبعدها، توالت تسريبات فيديوهات ومقاطع صوتية وصور من قلب مستشفيات المدينة وثقت هول العجر الخطير الذي عرفته المرافق الصحية بالمدينة في استيعاب مرضى كورونا و الوضع المرعب الذي سيطر على نفوس متعبة تواجه الموت دون أدوية ولا أسرة أو عناية أو أكسجين حيث تراكم المرضى بين الموتى ووسط القذارة مع نقص في كل شيء في انتظار شفاء مباغت.

كوفيد 19 قد يجبر مراكش على تغير وجه اقتصادها

ومع كل أزمة أو ركود يعرفه قطاع السياحة لارتباطه الدائم بالمتغيرات السياسية والأحداث العالمية من حروب ووأزمات (كالأزمة المالية العالمية سنة 2008 وحرب الخليج الأولى) تعود المطالب بإدماج مراكش ضمن مخطط تنموي مبني على التصنيع وخلق قطب اقتصادي ومالي متنوع ومتكامل تكون الصناعة والفلاحة فيه العصب الأهم، وإعادة هيكلة قطاع السياحة والاستفادة من اشعاع إسم مراكش دوليا للانفتاح على الصناعات التحويلية  والاستهلاكية والثقيلة خاصة أن تداعيات انتشار الوباء على قطاع السياحة حسب المختصين قد تستمر إلى غاية 2023.

وتتحدث تقارير ميدانية عن خسارة تقدر بـ 76 مليار درهم لحقت بقطاع السياحة في المغرب حتى الآن ما يعني خسارة أزيد من 19 مليون ليلة مبيت، وأكثر من 10 مليون سائح بسبب الإغلاق من جهة والضربة التي تلقتها القدرة الشرائية للسائح الوطني من جهة أخرى، وقد تتكبد السياحة المغربية أكثر من 130 مليار درهم في السنوات الثلاث القادمة، وتخسر بذلك المكتسبات التي استطاعت تحقيقها حتى وقت قريب  فقد كانت المملكة الوجهة السياحية الأولى إفريقيا لسنة 2019 برقم بلغ 12 مليون سائح.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...