ما تفعله النصيحة بالناس

 ما تفعله النصيحة بالناس
حكيم مرزوقي
الثلاثاء 12 أكتوبر 2021 - 10:06

كانت أمي تكالمني حين كنت خارج البلاد، تطمئن عليّ ثم تنهي حديثها بجملة عتاب لست أدري من أين استنبطتها “توقف عن حياة الاستهتار، فالكثيرون ممن في سنك صاروا رؤساء وملوكا”. وظلت جملة العتاب هذه على لسانها في كل مرة تتحدث فيها إليّ حتى فاجأتها بسؤالي “بالله عليك يا أمي.. وأنت.. ألست في سن أنديرا غاندي ومارغريت تاتشر؟”.

سمعت أنفاسها على التليفون فيما يُشبه من أُسقط في يده، وأحسست أنها في ورطة منطقية ثم لعنت شقاوتي وأطبقت السماعة ولم تعد تذكر لي جملة العتاب تلك إلى أن توفاها الله.

أعرف الكثيرين ممّن “توقفوا عن حياة الاستهتار” ولم يصبحوا رؤساء ولا ملوكا.. هذا هو منطق سقراط، أليس كذلك؟ سقراط المستهتر الذي اتهموه بإفساد شباب أثينا، وليس لاعب كرة القدم البرازيلي الشهير طبعا.

سقراط الذي عندما كان صغيرا، كان يكره الاستيقاظ مبكرا للذهاب إلى المدرسة. وكانت أمه تكره هذا التصرف منه لأنها كانت تحلم أن تراه يوما مهندسا، وفي يوم ذهبت أمه معه إلى المعلمة، وكانت قد اتفقت معها على أن تسرد له فوائد الاستيقاظ مبكرا.

المعلمة: سقراط، سوف أقص عليك قصة جميلة وتقول لي ماذا استفدت منها، حسنا.

سقراط (وهو يتثاءب): حسنا.

المعلمة: كان هناك عصفوران أحدهما استيقظ باكرا وأكل من الحشرات وأطعم صغاره، والثاني استيقظ متأخرا فلم يجد ما يأكل.. ماذا استفدت من القصة سقراط؟

سقراط: استفدت أن الحشرات التي تستيقظ مبكرا تأكلها العصافير.

ورطة المنطق هذه، والأخذ على القياس، ما تزال تسبب لي الكثير من الإحراج وتصيبني بالصداع حين تأتي على شكل نصيحة مثل قولهم “إسمع كلام اللي يبكيك ولا تسمع كلام اللي يضحكك“.

كيف أسمع كلام من يبكيني يا إله الرحمة والغفران؟ هل على المرء أن يدمن التجهم والكآبة وأفلام الميلودراما الهندية فيمضي الوقت في عصر مناديل الدموع؟ أم عليه أن يمتثل لأقوال القساة والجلادين وسادة غرف التعذيب، والذين انتزعت الرحمة من قلوبهم؟

وفي المقابل، كيف لا أستمع إلى من يضحكونني كالسمّار الظرفاء وسادة البهجة من نجوم الفكاهة وحس الظرافة، والضحك الذي يطيل الأعمار بشهادة الأطباء والمتخصصين؟

ربما يكمن الخلل في سوء اختيار الأمثلة الواردة واستعمال الصيغ اللغوية غير الموفقة، وليس في النوايا المضمرة، لكن المنطق “يتعسّف” حتى على صاحبه أحيانا، فيذهب نحو مفارقات ومجاهل أخرى.

كل هذا يذكرني بالمتحذلق الذي أطنب في الحديث عن الخنفساء التي صمدت لملايين من السنين ولم تستطع الأسلحة النووية إبادتها، لكنها تنتهي بمجرد لطمة من صحيفة.

ردّ عليه أحدهم “فهمتك سيدي.. وأقدّر قوة ما يمكن أن تفعله الصحافة كسلطة رابعة”.

*صجيفة العرب اللندنية

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...