من شباط إلى مزوار.. قصّة سقوط جثث سياسيين على أعتاب "تصريحات مُعدِمة"

 من شباط إلى مزوار.. قصّة سقوط جثث سياسيين على أعتاب "تصريحات مُعدِمة"
الصحيفة - هشام الطرشي
الأثنين 14 أكتوبر 2019 - 13:30

يشاء مكر القدر السياسي أن يتحقق "الموت السياسي" لصلاح الدين مزوار بنفس السلاح الذي قَتَل به حميد شباط سنة 2016 حين كان أمينا عاما لحزب الاستقلال، حيث أصدر مزوار الذي كان يشغل حينها منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون بلاغا شديد اللهجة ردا على تصريحات شباط التي وصفت بـ"الطائشة" حيث تحدث في لقاء نقابي عن "الحدود الموريتانية المغربية".

حميد شباط الذي كان يشغل منصب الأمين العام لحزب الاستقلال وفي لقاء مع عدد من عضوات وأعضاء عن المركزية النقابية التابعة لحزبه صرح بأن "موريتانيا تعد أراض تابعة للمغرب"، وهي التصريحات التي كلفته رئاسة الحزب والمشهد السياسي برمته، لينتهي به المطاف بعيدا عن كل فعل أو مجرد مشاركة رمزية في المشهد السياسي المغربي.

نفس السياق والملابسات تتكرر اليوم مع صلاح الدين مزوار الذي تحدث في مؤتمر بمراكش، بصفته رئيسا للاتحاد العام لمقاولات المغرب، عن ضرورة تقاسم الجيش الجزائري للسلطة مع باقي الأطياف، لتسارع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إلى اصدار بلاغ غاضب من هكذا تصريحات، ليجد مزوار نفسه مضطرا إلى التفاعل السريع مع الموقف الرسمي من خلال تعميمه لقرار استقالته من رئاسة الـCGEM".

الزلَّة التي أعدمت مزوار سياسيا

تصريح عاثر لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب صلاح الدين مزوار كلفه كرسيه على رأس أكبر تجمع للباطرونا بالمغرب، والأكيد أنه سيكون السبب الرئيسي في تواريه عن الأنظار خلال الفترة المقبلة، والتي قد تطول بحسب حدة الرجّة والتداعيات التي من المحتمل أن تكون تصريحات مزوار قد أحدثتها.

مزوار وفي مداخلة له خلال مؤتمر انعقد بمراكش، نهاية الأسبوع الماضي، صرّح أن الاحتجاجات في الجزائر تبعث على الأمل، وأنه على الجيش في الجزائر أن يَقبل مشاركة السلطة مع باقي الأطياف، مؤكدا في ذات السياق أن "الجزائر لن تعود إلى الوراء"، وهو التصريح الذي خلق حالة استنفار قصوى في أروقة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج التي تفاعلت معه بشكل سريع بإصدارها لبلاغ عبَّرت من خلاله عن انتقادها الشديد لتصريح رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، معتبرة إياه "تصرفا أرعنا وغير مسؤول ومتهور"، وذلك في محاولة منها التقليل من الأضرار الجانبية التي قد يحدثها تصريح مزوار.

مؤكدة على أن رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب "لا يمكنه الحلول محل حكومة الملك في اتخاذ مواقف حول القضايا الدولية ولاسيما التطورات في هذا البلد الجار"، مشددة على أن "موقف المملكة المغربية بهذا الخصوص واضح وثابت".

بلاغ يعتبر رصاصة الرحمة التي أُطلِقت على المسار السياسي لصلاح الدين مزوار الذي انطلق بتعيينه وزيرا للصناعة والتجارة وتأهيل الاقتصاد سنة 2014، ثم وزيرا للاقتصاد المالية سنة 2007، وأخيرا وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون سنة 2013.

بعد البلاغ الصارم لوزارة ناصر بوريطة، سارع مزوار إلى تعميم قرار استقالته من رئاسة الـCGEM، حيث خاطب عضوات وأعضاء الاتحاد بالقول: "أتأسف على حملي لكم خبر استقالتي من رئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب نظرا لإكراهات شخصية، مضيفا قوله "كما لا يفوتني أن أعبر لكم عن شكري الجزيل على ثقتكم ودعمكم متمنيا أن يكمل القطاع الخاص في تأدية مهمته النبيلة وهي المساهمة في تنمية بلادنا"، واضعا بذلك حدا لمساره السياسي الذي زاوج فيه بين حقائب وزارية ومسؤوليات في قطاعات وهيئات مهنية.

شباط مرددا: "باش قتلتي باش تموت"

شبه كبير في السياق والمآلات بين قصة السقوط السريع لصلاح الدين مزوار من على كرسي رئاسة الباطرونا بسب تصريحات غير محسوبة العواقب تتعلق بالشأن الداخلي لدولة شقيقة هي "الجزائر" وما وقع لحميد شباط سنة 2016 بعد تصريحاته خلال لقاء مع عضوات وأعضاء عن المركزية النقابية الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابي لحزب الاستقلال، قال فيها: "إن الحدود المغربية تصل إلى النيجر، وموريتانيا تعد أراض تابعة للمغرب، وإن هناك مؤامرة تقودها الجزائر وموريتانيا لإنشاء خط فاصل بين المغرب وإفريقيا..".

تصريحات شباط التي وصفت بالطائشة وغير المسؤولة، خصوصا في ظل تنامي وضع ديبلوماسي متسم بالتأزم بين المملكة المغربية والجمهورية الموريتانية، دفعت حزب الاستقلال إلى إصدار بلاغ حاول من جهة التقليل من حدة ووقع تصريحات أمينه العام، ومن جهة ثانية التأكيد على سمو الموقف الرسمي المغربي الذي عبرت عنه وزارة الشؤون الخارجية والتعاون في حينه من خلال بلاغ شديد اللهجة ضد تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال.

حيث أكدت أنها "ترفض بشدة هذه التصريحات التي تضر بالعلاقات مع بلد جار وشقيق وتنم عن جهل عميق بتوجهات الدبلوماسية المغربية التي سطرها جلالة الملك نصره الله والقائمة على حسن الجوار والتضامن والتعاون مع موريتانيا الشقيقة "، مشددة على أن "المغرب يعلن رسميا احترامه التام لحدود الجمهورية الإسلامية الموريتانية، المعروفة والمعترف بها من طرف القانون الدولي، ووحدتها الترابية".

بعد أيام قليلة على تصريحات شباط، وحرصا من المغرب على الحد من تداعياتها التي أثرت بشكل كبير على مسار ترميم العلاقات الديبلوماسية المغربية الموريتانية، توجه رئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بنكيران بتكليف من الملك محمد السادس إلى موريتانيا، حيث سلم الرئيس محمد ولد عبد العزيز رسالة ملكية، وأكد من هناك على الموقف الرسمي للمغرب من تصريحات شباط ومن عمق العلاقات التاريخية والديبلوماسية بين المغرب وموريتانيا.

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...