مَغربُ الفَضاء!
1986: كنتُ أشتغِلُ في إذاعةِ ميدي1..
وتنبّهتُ إلى بِضعِ كلماتٍ ورَدَت في قُصاصةٍ إخبارية .. تُفيدُ أنه تمّ اختيارُ "مطار محمد الخامس" بالدّار البيضاء مَطارًا احتياطيّا، في حالةِ وُقوعِ عطبٍ تِفني خلالَ اللحظاتِ الأُولى لإطلاقِ مَركبةِ الفضاءِ الأمريكية "شالَنجَر"..
أخبَرتُ مُديرَ التّحرير، وهو فرنسي، واقتَرحتُ أن تكُونَ الإذاعةُ حاضِرةً صباح الغد في المطار..
كُنتُ هناكَ في الوَقتِ المُحدّد..
والتقيتُ "رائدَ فَضاء" سابق - أمريكي - وسجّلتُ بعضَ ارتِساماتِه..
وفي مَوعدِ إطلاقِ المَركبَة، لم يحدُث خطأٌ تِقنِي فقط، بل انفجَرت "شالَنجَر"، وماتَ رُوادُها السّبعَة..
كنتُ الصّحافي الوحيد - في العالم - الذي قامَ بتَغطيةِ الحدَث منَ الدّار البيضاء..
وحَصلتُ منَ المُدير العامّ - للمطار - على ميدالية..
وفي مُراسَلاتِي، في يومِ انفجار الشاحنةِ الفضائية الأمريكية، كنتُ أُردّدُ أن المَغربَ قد دَخَل "نادي الفَضاء"..
- لماذا هذا التّذكير؟
لأنّ المغرب يُكرّسُ وَجودَه الفَضائي العالَمِي، أكثرَ فأكثر..
وله أقمارٌ اصطِناعية، ويتأهّب لإقامةِ بِنيةٍ تَحتِيّة للصّناعات الفضائية..
وهذا مَغرِبُ الفَضاء..
المَغرِبُ يَتَأَهّلُ لإنتاجِ أقمارٍ صِناعية..
لقد أصبحَ بلدُنا في نادي الفضاء..
وهذا تَطوُّر كبيرٌ بفَضلِ المَهاراتِ المَغربية..
والحديثُ عن الأقمَار، هو حديثٌ عن أدوارِها التّخصُّصية، ومَدارَاتِها، ومَجالاتِ الاتصالِ والمُراقبةِ والتّنصُّتِ عن بُعد...
وعن ضَبطِ مَواقعِ النّجوم والمَجرّات، وكذا الكواكبِ التي قد تكُونُ فيها حياة...
ورُبّما حَضاراتٌ مُتطَوّرة!
وبإيجاز: لقد وُلِدَ مَغربُ الغَد.. مَغربُ المُستَقبَل..
وعلينا نحنُ المغاربة، قِمّةً وقاعِدة، أن نَضعَ يدًا في يَد، لتَشجِيعِ كلّ ما يُطوّرُ بلدَنا..
ونحنُ على الطّريقِ الصّحِيح..
المَطلوب: تشجيعُ أدمِغَتِنا الفضائية، ومنها كفاءاتٌ عالية في أمريكا واليابان وبمُختلفِ المواقعِ المُتخَصّصة بالدول الكُبرى، وأن نشتغلَ على استراتِيجيّة فضائية، بشراكةٍ مع دُولٍ صديقة..
المُستقبلُ المغربي ليس على الأرضِ فقط، إنه أيضًا في الفَضاء.. ومُستقبَلُ الإنسان في الفضاء..
الحياةُ نفسُها، وهي القلبُ النابِض، ما زالت تَتوَقّعُ في الفضاءاتِ العُليا أنواعًا وأشكالاً من الحياة العاقِلةِ الذكيّة، والحضاراتِ التي قد تكونُ أكثرَ تطوُّرًا من الأرض..
وما زال أمامَنا مجهُودٌ فضائي أكبر..
لماذا؟ لأنّ كلّ ما هو "عِلمُ فَضَاء"، هو مَعرفةٌ وتَقَدُّمٌ وتكنولوجيا واستكشافٌ ورُؤيةٌ عن بُعد..
والمنطقُ يقول: مَن لا يسيرُ إلى الأمام، يَتراجع..
وبلادُنا قد راكمَت حتى الآنَ مُكتَسباتٍ علينا بتطويرِها..
ونحنُ قادِرُون على أن يكُونَ لنا مكانٌ ومكانةٌ، في السباقِ العالمي إلى الفضاء..
- المطلوب: تدريسُ علُوم الفَضاء..
لِمَ لا تكُونُ لنا جامِعةٌ فَضائية؟ هي تُكوّنُ وتؤطّرَ مَغربياتٍ ومَغاربةً، وتؤهّلُهُم لتِقنِيّاتٍ ورَحلاتٍ إلى خارجِ الغلافِ الجَوّي للأرض..
ويستطيعُ المغربُ في وقتٍ غير بعيدٍ أن يَدخُل في شراكاتٍ فضائية.. وهذه ستكُونُ نِبراسًا لتَطوير المعرفةِ
الكونية، ومِن ثَمّةَ تكونَ مَجالاً للاقتِصاد والترفيهِ والحياة..
وفي الفَضاء مداراتٌ كثيرة.. وآفاقٌ بلاَ حُدُود..
وهذه من أحلامِنا!
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :