مُجتَمعُنا في حالةِ تَفَكُّك!

 مُجتَمعُنا في حالةِ تَفَكُّك!
أحمد إفزارن
الأحد 21 يوليوز 2019 - 7:14
  • ونحنُ هكذا.. نقُولُ ما يجِبُ أن يُقال..
    بشَجاعة.. وبلا لفّ ولا دَورَان.. ولا لُغةٍ خَشَبيّة..
    هو ذا مُجتمَعُنا.. ونحنُ هذا المُجتمع، بما لهُ وما عليه..
  • إنّنا مُجتمعٌ في حالةِ تَفَكُّك!
    مُجتمعٌ مريضٌ بما فَعلَته في بَلدِنا نُخبةٌ سياسيةٌ فاسِدة..
    وهذا حالُنا.. هذا واقعُنا.. نُعلنُه بصَراحة.. ووُضوح.. وهذا ما فَعلَته فينا أحزابٌ قد خَذَلَتنا، منذ الاستقلال، وما زالت تَكذبُ علينا بالليلِ والنهار..
    ولقد عانَيْنا ونُعانِي.. ونَصرُخُ من أجلِ سلامةِ الوطَن والمُواطِن..
    ورغمَ ذلك، نحنُ مُجتمعٌ واقِف..
    ونحنُ أيضّا، عانَيْنا ونُعاني.. ومِثلَ غيرِنا، فينا الغَثُّ والسّمين.. وفينا المُفيدُ ومن يَضُرّ ولا يَنفَع..
    ومُجتَمَعُنا كَكُلّ المُجتَمَعات، فينا الطيّبُ والأقلُّ طِيبَة..
    وفينا أشكالٌ وأنواع.. وأحلامٌ وطُمُوحات.. وانفتاحٌ على العالَم.. وجُروحٌ لا تُنسَى..
    وحُبٌّ لاكتشافِ الآخر.. والتّعاوُن.. والعَمَل.. وكلِّ ما هو خَيرٌ وفائِدة..
    وفينا الكرَم.. والانجِذابٌ للمَعرِفة.. والاطّلاع..
    واعتزازٌ بالوَطنِ والمُواطِن..
    ومِثلَ غيرِنا، عندَنا ما عندَنا.. ويَنقُصُنا الكثير..
    عِندَنا مُنزَلَقات، وحتى انحِرافات، لدرجةِ أنْ صِرنا نَخشَى على مُجتَمَعِنا من طُغيانِ السّلبياتِ على الإيجابيّات..
    ولا نَقبَلُ أن نُوصَفَ بمُجتمَعِ الانحِراف..
    لا نُريدُ الانحرافَ الاجتماعي، والسّياسي والاقتصادي والثقافي والدّيني…
    نُدرِكُ أنّ المُجتمَعَ المَمسُوسَ بالانحِراف هو مُجتمَعٌ مريض، مُحبَط، غيرُ آمِن.. وهو في صراعٍ مع الذّات، ومع الآخر، من حيثُ الإحساسُ بالاستِغلالِ والاستِبدادِ والاضطِهاد..
  • ثمّ بالشّيخُوخةِ المُبَكّرةِ المُتعِبَة!
    ولا أحدَ في الأُسرَةِ يَرتاح..
    ولا مَدخُولَ يَكفِي لعيشٍ كريم..
    ومِن اقتصادِنا المُختَلّ، يأتي البُؤسُ، وسُوءُ التّواصُل، وسُوءُ الفَهمِ والتّفاهُم..
    وتَستَفحِلُ البِطالة..
    وتَضِيقُ الحَياة بالوالِدةِ والوالِد.. وبالبَناتِ والأولاد.. وبالجِيران.. ويُصابُ كلُّ المُجتمعِ بحالةِ الاختِلال..
  • ثم بالانحِراف!
    وفي غيابِ سيّاسةٍ تَقويميّة، وعَدالةٍ اجتماعيّة، يُصابُ المُجتمعُ بالتّفَكّك..
    ولا الباديةُ لها قِيّمُ البادية، ولا المدينةُ مَدِينة..
    وتنحرفُ الأخلاق..
    وتَرتفِعُ الأسعار.. وتَقِلّ المَداخِيل..
    ويَكبُرُ القَلقُ على المَصير..
    والناسُ تخافُ منَ الحاضِرِ على الغَد.. ومنَ الغَد على ما بعدَ الغَد..
    وتنتَشرُ الجريمة.. ومعها مَظاهرُ الفساد: السرقة، الرّشوة، الاعتِداء، التّزوير…
  • هو ذا المُجتمعُ يَنحَرِف..
    والفَقرُ يتَحَوّلُ إلى تَفقير..
    والجَهلُ إلى تَجهِيل..
    ويَضِيعُ التّعليم.. والصّحّة.. والشّغل..
    وتنهارُ توازُناتُ الأُسرَة..
    ويَدخُلُ المُجتمعُ في نَفَقٍ مُظلِم..
    وفي الأثرياءِ من يَستَفِيدُون من فَقرِ الفُقراء.. ويُصبِحُون أكثرَ ثَراءًا..
    وتَبقَى حالتُهُم الانحِرافيّة، المُختَلّة، هي الأُخرى تُنتِج ما يُنتِجُه الفقرُ من تَوَتّرٍ اجتماعي، بمُوازاةٍ مع فَسادٍ بلا حُدود..
    ويُصبِحُ الغِنَى على نفسِ مُستَوَى الفقر، من حيث التّوتّرُ الأسَري، والانحِرافُ الذي يَصِلُ في حالاتٍ كثيرةٍ إلى مُستوياتٍ تُهدّدُ كيانَ الأُسرة، ومعها المُجتمَع..
    ولا ينفَعُ لا مالٌ ولا رَخاء، لجعلِ الأُسرةِ الثّريةِ سعيدةً بحياتِها..
    السعادةُ لا يُنتِجُها الانحِراف..
    والطريقُ إلى التّوازُن، العَقلي والنّفسي والعَصَبي، تأتي عبرَ
    إعادةِ النظرِ في شخصيةِ المُنحَرِف، غنيّا كان أو فقيرًا، من أجل استِعادةِ الشخصِ المَعنِيّ لحياةٍ سَويّة..
    والاستعادةُ قد تتَطلّبُ عِلاجًا نفسيّا، ورُبّما أيضا عقليّا وعصَبيّا، لكافةِ أفرادِ الأُسرة، لأنّ الانحرافَ عندما يَشتَدّ، ربّما لا يَقتَصرُ على أطفالٍ وشباب.. قد يكُونُ مَصدَرُه الوالديْن، ورُبّما الجَدّيْن، وربّما أيضا أفرادًا آخرِين من الأسرة..
    والعلاجُ يَستوجبُ اقتناعَ المُنحرِفِ بانحِرافِه.. وبرغبتِه في تغييرِ شخصيتِه لكي تتَحوّلَ من الانحرافِ إلى سُلُوكٍ سَلِيم..
    وهذا يَستَوجِبُ تَدخّلاتٍ طبيةً ونَفسية، وأيضا اجتماعية، نظرا لكونِ الانحرافِ قد لا يَقتَصر على أفراد، ولا على أُسرة، بل ربما قد يَصلُ إلى فئاتٍ من المُجتمع..
    وعِلاجُ المُجتَمع يَكُونُ طبّيّا ونفسيّا، وإلى هذا يكُونُ بسياسةٍ من الدولة، تتمَيّزُ بحُسنِ التّدبيرِ والتّسيِير، وعَدالةٍ اجتماعية..
    والحاجةُ هُنا إلى امتِصاصِ أوقاتِ الفَراغ..
    الفراغُ يُشكّلُ خَطرًا على السّلوكِ الفردي والمُجتَمعِي..
    ويجبُ إحداثُ فضاءاتٍ رياضية، وفنّيّة، وثقافية، لخلقِ انفراجاتٍ ومُتَنفّساتٍ لامتِصاصِ أسبابِ الانحِراف، عِلما بأن الانحرافَ بهذه السّلبية، لا يُشكلُ خطرا سلوكيّا على فردٍ دون آخر، ولا فئاتٍ دون أخرى من المُجتمَع..
    كلّ المُجتَمَعِ عُرضةٌ للانحِراف..
    والانحرافُ المَرَضِي يُنتِجُ الإدمانَ والإساءةَ لأطفال، كما يُنتِجُ الاستِغلالَ والجريمة، والعُنفَ النفسِي والجسَدي..
  • ويُصبحُ مَرَضًا اجتِماعيّا..
    المَرَضُ الاجتماعي يَمنعُ المجتمعَ من الانتِباهِ إلى مَخاطرَ أخرى قد تَنجمُ عن انحلالِ المُجتمع..
    والضّرورةُ تَستَوجبُ حُسنَ تربيةِ الناشئة، ومُراقبةِ حياةِ كلّ الأطفال، وسُلوكاتِهم اليومية، قبل أن يَبدأوا في التّفكيرِ بطريقةٍ مُنحرِفة..
    يجبُ تَدارُكُ حالتِهم، قبلَ فواتِ الأوان، حتى لا تنهارَ توازُناتُهم النّفسية والعقلية..
    وهذا، بمُوازاةٍ مع مُراقبةٍ نفسيةٍ - وعقليةٍ وعَصَبيّة - لكلّ الأُسرة، من أجلِ تدارُك المَوقِف، إذا ما لاحَظ النّفسانيّون احتمالَ تَفَكّكٍ أُسَرِي..
    وصمّامُ الأمان يَكمنُ في أُسرةٍ مُتماسِكة..
    كما يَكمُن في مُحيطِ بناتِ وأبناءِ الأُسرة: رِفاقُهم لهم تَأثيرٌ يجبُ أن يُؤخذَ في الاعتبار.. فالعلاقاتُ السّلبيةُ تؤدّي إلى سُلوكاتٍ قد تكُونُ غيرَ سويّة..
    إنّ فسادَ المُجتمع، لا يُؤدّي فقط إلى إحباط، ومرَضٍ نَفسي، بل أيضا إلى حَسرةٍ وخيبةِ الأمل..
    والتّغييرُ يَبدأُ من داخلِ المرءِ نفسِه..
    والمُعاناةُ تكُونُ أيضا، في دَواخلِ المرء..
    وفي أحيانٍ كثيرة، لا تكُونُ المعاناةُ حقيقيّة، بل وَهميّة، لأنّ مَرضَ الانحرافِ ليس جَسَديّا، بل هو فكري.. انحرافٌ فكري يُقنِعُ حامِلَهُ بمعلُوماتٍ مُشوّهة، مُزيّفة، ويَبنِي عليها قَراراتٍ شخصيةً مُضلَّلة، على أساس دلائلَ وَهميّة…
    وقد تَنشأُ عنها صِراعات..
    كما قد يَنشأ تَسفيهٌ لإنتاجٍ مُهِمّ، من طرفٍ آخر..
    وهذه المُنزَلَقاتُ الوَهميّة، يَستطيعُ التعليمُ تَصحيحَها بتَنميةِ طريقةِ تفكيرِ المُتعَلّمين، كي لا يُباغِتَهم إحباطٌ ويَأس، وبالتالي يتَعَوّدُون على العَودَةِ بينَ الحينِ والآخر إلى أنفُسِهم، فيُدرّبُونها على مُقاومةٍ ذاتيةٍ لسُلوكاتٍ قد تَقُودُهم إلى مَخاطِرَ إحباطية…
    وهذه الرياضةُ الفِكرية تُعلّمُهم كيف يَندَمِجُون في المُجتمع، وكيف يَتَجنّبُون الخَجَلَ المُفرِط، والانعزالَ عن الناس، كي يَتَكَوّنَ لدَيهِم حُبُّ الانتماءِ للأُسرةِ والمُجتَمعِ والوطَن..
    وكي يَستَخدِمُوا العقلَ في تحليلِ ما يَقَعُ أمامَهم، فيَكُونُ العقلُ صمّامَ أمانٍ لحِمايتِهم من انحرافٍ يَقُودُ إلى تَقليدٍ أعمَى لغَيرِهم..
  • التّوعيّة.. ثم التّوعية!
    لتشغيلِ العَقل، في مُعالَجةِ الأحدَاث، حتى لا تَقعَ الناشئةُ في سُلوكٍ مُنحَرِف…
    [email protected]

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...