نور الدين بنسودة.. الخازن العام للمملكة الذي لا يرتاح إلا وأموال المغاربة في جيبه!

 نور الدين بنسودة.. الخازن العام للمملكة الذي لا يرتاح إلا وأموال المغاربة في جيبه!
بورتريه – بديع الحمداني
الثلاثاء 24 ماي 2022 - 12:00

إن كان ملك مصر، في قديم الزمان، قد جعل على رأس خزائن البلاد العظيمة النبي يوسف بن يعقوب لأمانته وعلمه ومكانته، فإن لا أحد يعلم إلى الآن كيف استطاع نور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة المغربية، أن يستمر في منصبه وهو الذي لا يكاد أحدٌ من المغاربة يعرف اسمه إلا وهو مرتبط بفضيحة من الفضائح الثقيلة التي تكون فيها مصلحته الشخصية فوق أي اعتبار آخر، انطلاقا من قضية "تبادل التعويضات" مع وزير المالية الأسبق صلاح الدين مزوار ووصولا إلى قضية "أرض تاركة" في مراكش.

ولعل ما يدعو للاستغراب أكثرَ من هذا الاستسهال الكبير في نيل بنسودة لثروات لا يستحقها، هو أن الأمر يتعلق بشخص من الذين يُصنفهم المغاربة في خانة "ما خصو خير".

فالخمسيني المزداد سنة 1963 في العاصمة الرباط لعائلة عريقة، كُتب له أن يرافق الملك محمد السادس نفسه في الدراسة بالمدرسة المولوية، ثم وهو في سن الثالثة والعشرين فقط، وبعد 3 سنوات من حصوله على الإجازة في القانون، عُين في ديوان وزير المالية مكلفا بالدراسات، وفي سن الثامنة والعشرين أصبح مديرا لديوان الوزير.

وبدأ بنسودة باكرا مساره السريع والحافل الذي زاوج فيه بين عوالم المالية العامة والدراسات الأكاديمية في مجال القانون، فالرجل الذي خرج من ديوان الوزارة إلى المديرية العامة للضرائب ليصبح نائبا لمديرها سنة 1993 ثم مديرا عاما لها سنة 1999، سيحصل أيضا على درجتي دكتوراه في القانون العام من جامعتي السوربون في باريس ومحمد الخامس في الرباط، ما يعني أنه أضحى أحد أكثر المغاربة دراية بحساسية الثروة التي تمر يوميا من بين يديه، وربما يكون هذا أحد الأسباب التي عجلت بتعيينه سنة 2010 خازنا عاما للمملكة.

ولم يطل صبر بنسودة كثيرا على المال العام في منصبه الجديد، ففي يوليوز من سنة 2012، وفي الوقت الذي كان المغرب قد خرج للتو من حراك احتجاجي كان إسقاط الفساد أحد شعاراته الرئيسة، وفي فترة كان لا زال فيها الدستور الجديد الذي ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة وسيلة لإقناع المغاربة بأن "مغربا آخرَ ممكن" ستخرج إلى العلن فضيحة "تبادل التعويضات" أو "عطيني نعطيك" بين الخازن العام للمملكة ووزير المالية السابق صلاح الدين مزوار.

ومُختصر القصة هي أن بنسودة، وفي العام نفسه الذي عُين فيه في منصبه الجديد، كانَ، إلى جانب وزير المالية في حكومة عباس الفاسي، وهو أيضا الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار وقتها، يتبادلان التوقيع على استفادتهما من تعويضات شهرية أو فصلية من المال العام، والأمر يتعلق بـ3 وثائق الأولى يحصل بموجبها مزوار على منحة بقيمة 80 ألف درهم بتوقيع من الخازن العام، اثنتان يحصل بموجبهما بنسودة على مِنح مُوقعة من وزير المالية قيمتها 200 ألف درهم.

ويُمكن القول إن هذه الفضيحة كانت إحدى أولى الضربات التي وُجهت لثقة المغاربة في حكومة عبد الإله بن كيران، وفي وزير العدل والحريات حينها، مصطفى الرميد، الذي كان في ذلك الوقت رئيسا للنيابة العامة أيضا.

ففي الوقت الذي ظلت الأصوات ترتفع فيه مطالبة عزل بنسودة ومحاكمته رفقة مزوار، كان الذين حوكموا هم الموظفون الذين اتهموا بتسريب تلك الوثائق للصحافة، ووقف محامي الحكومة ضدهم مرافعا لفائدة المستفيدين من المال العام، بحجة أنهما سربا وثائق سرية خطيرة.

لكن، يبدو أن هذه القضية لم تكن سوى الظاهر من جبل الجليد في علاقة بنسودة بالثراء المشبوه، لأن الرجل سيكون سنة 2018 معنيا بفضيحة أخرى كبيرة، وذلك بعدما انكشفت استفادته رفقة أسرته من أرض في ملك الدولة تقع في قلب منطقة "تاركة" بمراكش والبالغة مساحتها 20.280 مترا مربعا، مقابل مبلغ لا يتجاوز 6 ملايين و84 ألف درهم، أي ما يعادل 300 درهم للمتر المربع في حين أن الثمن الحقيقي للقطعة الموجودة في منطقة سياحية يُقدر بـ20 ألف درهم للمتر المربع، أي أن سعرها الإجمالي الفعلي يتجاوز الـ400 مليون درهم.

وفي هذه القضية، لم يظهر فقط كيف أن لُعاب الخازن العام للمملكة يسير على أموال الشعب، بل أيضا اتضح بجلاء أنه مستعد لاستغلال أي شيء في سبيل الوصول إلى مبتغاه، فالرجل استغل نفوذه ليحصل من للمدير الجهوي للأملاك المخزنية بمراكش على هذا "السعر التفضيلي المبالغ فيه" عبر واجهة صورية تمثلت في شركة عقارية عائلة أُنشئت سنة 2006 تُسمى "سليم سكن"، وذلك عبر مديرها وشريكه فيها الحسين زفاض، والذي اتضح فيما بعد أن علاقته ببنسودة فيها ما فيها!

وعلى الورق، لم يكن زفاض شريكا لبنسودة بشكل مباشر، بل لأبنائه، والأمر يتعلق بالطفلين كنزة ذات الـ9 سنوات وسليم ذي الـ6 سنوات، والذي سيُضاف إليها ابنه الثالث حمزة سنة 2014 بعد أن أصبح عمره 7 سنوات، في حين أن الإدارة أوكلت لأمهم ليلى بنجلون، لكن الذي وقع الوثائق باسم الأبناء لم يكن إلا الخازن العام باعتباره الوصي عليهم، ليتضح أن الرجل الذي استؤمن على أموال المغاربة يعمل جاهدا على أن يورث لأبنائه هذه الأموال بكل الطرق الممكنة بغض النظر عن مشروعتيها.

إنه المغرب، حيث الغير مُمكِنٍ مُمكِنٌ، وغير المباحٍ مباحٌ، والقانون يُصبح اللا قانون حينما يتعلق الأمر بأسماء "خارج الصندوق"!

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...