أَيصطدم الاستثمار في 15 مليون هكتار من الأراضي السلالية بتخلف ترسانة القانون؟

 أَيصطدم الاستثمار في 15 مليون هكتار من الأراضي السلالية بتخلف ترسانة القانون؟
الصحيفة - هشام الطرشي
السبت 24 غشت 2019 - 12:00

توقف الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى السادسة والستين لثورة الملك والشعب عند الإمكانات المتوفرة بالعالم القروي، وفي مقدمتها الأراضي الفلاحية السلالية، والتي دعا إلى تعبئتها قصد إنجاز مشاريع استثمارية في المجال الفلاحي من طرف الدولة والخواص، وذلك في إطار البحث عن حلول بديلة للنموذج التنموي الحالي والذي يقر الجميع بفشله في توفير سبل العيش الكريم للمواطن وتحقيق التنمية وخلق الثروة.

ولأن المساحة الاجمالية للأراضي السلالية تشكل حوالي 15 مليون هكتار، تستفيد منها ساكنة تقدر بما يقارب 10 ملايين نسمة، موزعة على 4563 جماعة سلالية ويمثلها 8500 نائب ونائبة، وهو ما يجعل منها رصيدا عقاريا مثاليا لأن يكون مدخلا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالعالم القروي، فقد كان من الضروري التفكير في استثمار أمثل لهذه المساحات الشاسعة من الأراضي الفلاحية عن طريق خلق مشاريع تنموية، ناهيك عما يمكن أن توفره مجموعة من القطاعات غير الفلاحية، كالسياحة القروية والتجارة والصناعات المحلية وغيرها.

وبالرغم من أن المسار التشريعي المرتبط بهذه الأراضي قد بدأ بأول ظهير ملكي تم إصداره قبل مئة سنة، وانتهى بمصادقة البرلمان على ثلاث مشاريع قوانين تُعنى بأراضي الجماعات السلالية، ويتعلق الأمر بمشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، ومشروع قانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، وبمشروع قانون رقم 64.17 المتعلق بتغيير الظهير الشريف رقم 1.69.30 الصادر في 10 جمادى الاولى 1389 (25 يوليوز 1969) بشأن الأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري.

إلا أن الملف لم يظهر إلى العلن بشكل قوي ومنظم إلا سنة 2007 مع أولى احتجاجات النساء السلاليات والتي دعمتها وواكبتها مجموعة من الجمعيات النسائية، سواء بالترافع أو التكوين أو بالضغط عن طريق تنظيم عشرات الوقفات الاحتجاجية للتعريف بالمعاناة التي تطال هذه الفئة من النساء بسبب إجحاف القوانين التي ترتكن في غالبيتها إلى الأعراف والتقاليد بدل الانصاف والمساواة.

وفي هذا السياق تؤكد نجية تزروت وهي عضوة مكتب الرابطة انجاد، غياب الوضوح في مضامين بعض القوانين المصادق عليها مؤخرا، من قبيل وجود تنافر بين عنوان مشروع قانون 17-62 ومضمونه، ذلك أن العنوان يشير إلى أن الأمر يتعلق بمشروع قانون لتغيير وتتميم ظهير 27 أبريل 1919، بينما تنص المادة 37 من مشروع هذا القانون على نسخ هذا الظهير وليس إلغاء مقتضياته.

إضافة إلى اقتصار هذا القانون على مذكرة تقديم سلطت الضوء على الأراضي المملوكة للجماعات السلالية من حيث مساحتها وأنواعها وأهميتها في تحقيق التنمية الاقتصادية، وهو ما يغلب البنية الاقتصادية على الجانب البشري وتحديدا مساهمة النساء السلاليات اللواتي خضن بمعية المجتمع المدني نضالات طويلة لانتزاع حقهن في المساواة في الانتفاع من الأراضي السلالية.

الفاعلة المدنية في صفوف فدرالية رابطة حقوق النساء وهي تثمن التطور التشريعي لضمان حقوق النساء في الأراضي السلالية، دعت إلى الاجتهاد أكثر في البحث عن مداخل أكثر ديمقراطية وإنصافا للمرأة في أفق تجويد المنتوج التشريعي، وذلك من خلال اعتماد معالجة شمولية لموضوع الأراضي السلالية، عن طريق إعداد وصياغة مدونة شاملة تنسجم مع منطوق وروح دستور 2011، خصوصا الفصل 19 الذي ينص على مبدأ المساواة بين الجنسين، ومع مضامين الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان والتي تضمن ولوج النساء بشكل مساوي للرجال إلى الأراضي الجماعية، والإنهاء مع كل النصوص الموروثة على عهد الاستعمار.

إضافة إلى التنصيص على الغاء الأعراف والتقاليد التي شكلت عبئا على عاتق النساء وحالت دون انصافهن، مع التنصيص على مراعاة إدماج مقاربة النوع الاجتماعي والسهر على احترام مبدأ المساواة بين الجنسين وحضر التمييز بشكل كلي ونهائي. الباحثة الجامعية في قضية النساء السلاليات وهي تؤكد في تصريحها على أن تعبئة أزيد من 15 مليون هكتار من الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية، تعتبر خطوة مهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهو قرار سيساهم، من وجهة نظرها، في خلق طبقة فلاحية متوسطة قادرة على إحداث فرص للشغل في الوسط القروي وخاصة في صفوف النساء والشبان والشابات.

وربطت نجاح هذا الورش بتثمين الرأسمال البشري النسائي ووضعه في صميم استراتيجية تنمية المجال القروي بالمغرب وفي عمق النموذج التنموي المراد بلورته، وجعل حقوق النساء السلاليات أولوية على مستوى كافة المستويات المؤسساتية والتشريعية والسياسية.

منبهة في ذات التصريح إلى أن تضافر حرمان النساء السلاليات من الحق في الاستفادة من أراضي الجموع، من جهة، وعدد من مظاهر الإقصاء والتهميش الذي تعاني منه النساء عموما كالأمية والفقر من جهة ثانية، يدفعهن اضطرارا إلى البحث عن بدائل اجتماعية واقتصادية متدنية (عاملات موسميات، خادمات في البيوت، عابرات بممر باب سبتة، بائعات متجولات..)، ناهيك عما يصاحب كل هذا وذاك من انتهاكات لحقوق وكرامة المرأة، مما يرفع من نسب زواج القاصرات ويولد العنف اللفظي والمادي في أحيان كثيرة وغيرها من الإشكالات المجتمعية التي يخصص لها المغرب البرامج والمخططات والامكانيات المادية للحد منها.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...