هل تدفع الجزائر البوليساريو لمواجهة عسكرية مع المغرب لفك عقدة "حرب الرمال" وصرخة بن بلة "حكرونا"؟

 هل تدفع الجزائر البوليساريو لمواجهة عسكرية مع المغرب لفك عقدة "حرب الرمال" وصرخة بن بلة "حكرونا"؟
الصحيفة - وسام الناصيري
الأربعاء 11 نونبر 2020 - 17:40

يبدو أن المغرب مُصر على فتح معبر الكركارات في الأيام القليلة المقبلة وإن تطلب الأمر استخدام قوات الجيش الملكي لإبعاد عناصر جبهة البوليساريو الانفصالية من المعبر حيث يوجد العشرات من أعضاء الجبهة يُعرقلون حركة السير منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع.

وفي الوقت الذي تتوالى بلاغات جبهة البوليساريو الانفصالية بمضامين التهديد والوعيد بـ"العودة إلى الحرب" تشير جميع المعطيات أن موازين القوى العسكرية بين المغرب والجبهة الانفصالية المدعومة جزائريا بعيدة جدا، وهو يجعل بلاغات الدخول في حرب بالنسبة للجبهة الانفصالية عبارة عن انتحار محتوم.

غير أن العديد من القراءات بدأت تصعد من محلليين خصوصا من الجزائر تؤكد أنه في حال نشوب حرب بين الجبهة والمملكة المغربية، ستكون فعليا هي حرب بين المغرب والجزائر، والبوليساريو ستلعب دور "الوكيل" فيها، وهو ما ترغب فيه الجزائر بـ"قوة" منذ حرب "الرمال" سنة 1963، حينما انهزم الجيش الجزائري أمام الجيش المغربي، وأطلق الرئيس الجزائري حينها أحمد بن بلة صرخته الشهيرة "حكرونا"، والتي أصبحت منذ ذاك الحين عقيدة للنظام الجزائري ضد المغرب مازالت راسخة إلى اليوم.

وتشير العديد من التحاليل والقراءات إلى أن الجزائر ترغب في حرب فعلية مع المغرب لـ"رد الاعتبار" لجيشها الذي انهزم ضد الجيش المغربي سنة 1963. وبالرغم من أن هذه العقد التاريخية تجاوزتها الأحداث والتطورات الدولية غير أن النظام الجزائري مازال يبني عقديته اتجاه المغرب على هذا الحدث التاريخي الذي مرّت عليه قرابة 50 سنة.

كما أن الجزائر تحاول "التخلص" من جبهة البوليساريو بدفعها لمواجهة مع المغرب "تفضي إلى نتيجة" لأن جمود الملف أمميا ودوليا يُكلف الجزائر سياسيا وماليا الشيء الكثير خصوصا وأن العديد من الأصوات الجزائرية بدأت تطرح تصورات تخالف ما اعتاد عليه النظام منذ عهد بن بلة، كما هو حال الأمين العام الأسبق، لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني الذي اعتبر أن "الصحراء مغربية من الناحية التاريخية"، متهما قادة جبهة البوليساريو "بتبديد أموال المساعدات الجزائرية".

هذا في الوقت الذي يعتبر ملف الصحراء مكلفا ماليا واستنزاف كبير للديبلوماسية الجزائرية في ظل تقلص الموارد المالية لخزينة الدولة، وانكماش الاحتياطات الأجنبية بعد الهبوط الحاد لأسعار البترول خلال السنوات الماضية، كما أن التغيرات السياسية في المنطقة لم تعد في صالح الجزائر بعد تزايد الضغوط الدولية والداخلية عليها لجعل النظام منفتحا أكثر على التطورات الدولية دون الانكماش داخل عقيدة نظام طالب الحراك الشعبي في الجزائر بتغييره بعد تراكم الفساد المالي والسياسي على مدى عقود.

ولأن كلفة بقاء البوليساريو على الأراضي الجزائرية دون تحريك الملف أو الذهاب إلى مسار "تقرير المصير" الذي قد يؤدي إلى استقلال منطقة الصحراء أصبح مستبعدا، وثقيلا سياسيا وماليا على الجزائر التي أصبحت مواردها المالية تعاني من ضغط المطالب الاجتماعية والتغييرات في سوق المحروقات التي تعتبر المورد الرئيسي للدولة، فإن "الخلاص" من البوليساريو عبر حرب مع المغرب بالوكالة، أو حرب "استنزاف" يبدو أنه خيار من بين خيارات يراهن عليها النظام الجزائري بعد إقبار حلم "استقلال الصحراء" الذي كلف الخزينة الجزائرية قرابة 320 مليار دولار منذ بداية السبعينات إلى اليوم.

وفي ظل كل هذه القراءات والتحاليل، يتعامل المغرب مع الوضع على واجهتين، الأولى تعزيز تواجده العسكري على مقربة من معبر الكركارات حيث تم دَعم التواجد العسكري بالأليات الثقيلة منذ أسبوع، كما تم رسم خطط وسيناريوهات مختلفة لفتح المعبر دون استبعاد خيار المواجهة العسكرية مع عناصر جبهة البوليساريو والتي قد تتطور إلى مواجهة غير مباشر أو حتى مباشرة مع الجيش الجزائري في حال تفعيل ما قالت جبهة البوليساريو عن وجود اتفاقية لـ"الدفاع المشترك" وقعتها مع الجزائر، وهو ما يعني دعم الجيش الجزائري "وفق هذا الاتفاق" للجبهة الانفصالية، ما سيفضي لمواجهة مباشرة بين الجيش المغربي والجيش الجزائري في عودة لسيناريو حرب الرمال سنة 1963.

على الواجهة الأخرى تعمل المملكة على تدعيم موقفها الديبلوماسي عبر قنوات مفتوحة مع الأمم المتحدة لاطلاعها على الأوضاع في المعبر، واحتمالات انزلاق المنطقة لسيناريوهات مختلفة منها الحرب المفتوحة، هذا مع العلم أم بعثة الأمم المتحدة للصحراء "مينورسو" وثقت العديد من الخروقات التي قام بها عنصار جبهة البوليساريو خلال الأسابيع الماضي من بينها اعتداءات قام بها عناصر الجبهة اتجاه البعثة الأممية في الصحراء، كما تم تخريب العديد من معدات "المينورسو" وسياراتهم التابعة للأمم المتحدة، هذا في الوقت الذي عبر وزير خارجية فرنسا عن قلقه البالغ للوضع في الكركارات، كما أن المملكة يبدو أنها نسّقت مع موريتانيا التي قامت بتعزيز تواجدها العسكري على طول الشريط الحدودي مع المغرب تحسبا لأي مواجهة بين الجيش المغربي وعناصر البوليساريو حسب ما نقلته وسائل الإعلام الموريتانية.

وبين كل هذه الفرضيات الموضوعة على الطاولة، يبدو أن المغرب مصر على انهاء إغلاق معبر الكركارات خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما تشير إليه كل المعطيات سواء الديبلوماسية التي يقوم بها، أو ما يوازيها من تعزيز كبير للقوات العسكرية بمحيط المعبر الذي يعتبر نقطة محورية، ومنفذا للتجارة وعبور الأشخاص بين المملكة والدول الإفريقية.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...