هل دعت رئيسة وزراء أستراليا السابقة المهاجرين المسلمين إلى أن يتأقلموا أو أن يغادروا؟

 هل دعت رئيسة وزراء أستراليا السابقة المهاجرين المسلمين إلى أن يتأقلموا أو أن يغادروا؟
الصحيفة - أ.ف.ب
الأثنين 26 أكتوبر 2020 - 10:28

تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي بلغات عدّة حول العالم تصريحاً منسوباً لرئيسة وزراء أستراليا السابقة جوليا جيلارد يدعو المسلمين لمغادرة البلد إن لم يتأقلموا مع عاداته وقيمه. إلا أن هذا الادعاء خطأ وجوليا غيلارد لم تصرّح بشيء من هذا القبيل.

نسب المنشور إلى جوليا غيلارد قولها: "إن المسلمين الذين يطالبون بالشريعة الإسلامية طُلب منهم مغادرة أستراليا" وإن المساجد في أستراليا ستُفتّش، وإن أي شخص لديه اعتراض على الثقافة الأسترالية أو الديانة المسيحية ورموزها "حرّ في المغادرة إلى أي مكان في العالم".

وحصل هذا المنشور على آلاف المشاركات على موقعي فيسبوك وتويتر، وبلغات عدّة منها العربية والفرنسية.

المنشور المتداول على مواقع التواصل

وبحسب ما وقع عليه صحافيو خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، ظهر هذا المنشور باللغة الإنكليزية أول الأمر عام 2010، ولم يُنسب حينها لجوليا جيلارد، بل نُسب إلى أستراليا على وجه العموم.

بعد ذلك ظهر بصيغ مختلفة، منها ما ينسب القول إلى جوليا غيلارد، التي تولّت رئاسة حكومة أستراليا بين العامين 2010 و2013، ومنها منشورات باللغة السلوفاكية تنسب هذا الكلام إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أو منشورات باللغة البرتغالية تنسبه إلى جون هاورد الذي تولّى رئاسة حكومة أستراليا بين العامين 1996 و2007.

بحثاً عن مصدر الالتباس

في المراحل الأولى من التحقيق في هذا الخبر، لم يعثر صحافيو فرانس برس على أي تصريح لجوليا جيلارد يطلب من المهاجرين أن يتأقلموا مع المجتمع الأسترالي أو أن يغادروا.

إثر ذلك جرى التفتيش في تصريحاتها حول شؤون الهجرة، بحثاً عن أي عبارة قد تكون مصدرا للالتباس.

وتبيّن أن غيلارد ألقت خطاباً في السادس من تموز/يوليو من العام 2010 تحدّثت فيه عن الهجرة غير القانونيّة.

وفي ختام هذا التصريح قالت: "أظنّ أن الأستراليين مستعدون لاستقبال المهاجرين الحقيقيين، لكنهم يتوقعون أيضاً أن يتعلّم هؤلاء المهاجرون القواعد التي تُنظّم حياتنا وأن يحترموها".

وأوضحت أن المطلوب من المهاجر هو أن "يتعلّم اللغة الإنكليزية، وأن يبحث عن عمل، وأن يرسل أطفاله إلى المدرسة مثل ما يفعل كلّ الناس"، ولم تأت على ذكر الإسلام أو المسلمين أو الثقافة المسيحية في المجتمع الأسترالي لا من قريب ولا من بعيد.

وفي سبتمبر من العام 2012، قالت في مؤتمر إن "التعدّد الثقافي هو لقاء بين الحقوق والمسؤوليات، بين حقّ (المهاجر) في الحفاظ على عاداته ولغته ودينه، وواجبه في تعلّم اللغة الإنكليزيّة والعثور على عمل واحترام عادات الأستراليين وإرثهم الثقافي وقبول المساواة بين الرجال والنساء".

وجاء كلامها يومئذ عقب تظاهرات عنيفة شارك فيها جزء من المسلمين في سيدني احتجاجاً على فيلم مسيء للإسلام.

لكنها في هذا الخطاب أيضاً لم تطلب من الذين لا يحترمون قيم أستراليا أن يغادروا ولم تأت على ذكر المسيحيّة.

ما هو مصدر هذه التصريحات إذاً؟

أرشد التفتيش على محرّكات البحث باستخدام كلمات مفتاح من الواردة في المنشور باللغة الإنكليزية إلى تصريحات مشابهة لوزير المال السابق بيتر كوستيلو (1996-2007) قالها في مقابلة مع إذاعة محلية في سيدني. وكان ذلك في 23 أغسطس 2005.

وقال حينها: "إن كنتم لا تحبّون قيمنا وتفضّلون العيش في مجتمع يطبّق أحكام الشريعة الإسلامية (..) ربما ستكونون أكثر سعادة في دول أخرى في العالم"، وأدلى لاحقاً بتصريح مشابه أيضاً.

ولم تكن جوليا جيلارد حينها رئيسة للحكومة التي شغل فيها كوستيلو منصب وزير المال.

من أين جاءت سائر عناصر التصريح المزعوم؟
أما تتمة التصريح المنسوب زوراً لجيلارد، فيمكن العثور على عناصر منه في مقال كتبه عضو مجلس النواب الأميركي باري لودرميلك بعيد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وجاء في المقال: "أحبّوا أميركا أو غادروها (..) نحن الأميركيين لدينا ثقافتنا ومجتمعنا ولغتنا وأسلوب حياتنا، وهي تطوّرت مع قرون من النضال لملايين الرجال والنساء بحثاً عن الحريّة. إذا أردتم أن تعيشوا في مجتمعنا تعلّموا لغتنا!".

وأضاف: "نثق بالله. لقد اعتمدنا هذا الشعار لأن رجالاً ونساءً مسيحيين أسسوا هذه الأمّة على أسس مسيحيّة".

ويبدو أن هذا المقال هو الذي ألهم مؤّلفي المنشورات المضلّلة عن رئيس الوزراء الأسترالية السابقة.

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...