هل هذه "الأوراق" كافية لدفع المغرب للتصعيد مع الاتحاد الأوروبي في قضية الصحراء؟

 هل هذه "الأوراق" كافية لدفع المغرب للتصعيد مع الاتحاد الأوروبي في قضية الصحراء؟
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الجمعة 5 مارس 2021 - 12:00

لم يكن المغرب في أي  وقت مضى أقوى في قضية الصحراء أكثر مما هو عليه الآن، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بسيادته على الأقاليم الصحراوية بشكل رسمي في دجنبر الماضي، وقبل ذلك بأيام قام بطرد عناصر البوليساريو من الكركرات وأمن المعبر ومحطيه بشكل كامل، وهو يعمل الآن على توسيع جداره الأمني وتضييق الخناق على البوليساريو أكثر وأكثر.

وبين تلك وهذه، نجح المغرب في استقطاب 19 بلدا عالميا لافتتاح تمثيليات ديبلوماسية لها في مدينتي العيون والداخلة، وهو اعتراف رسمي من هذه البلدان بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، كما ازداد عدد البلدان العالمية بشكل كبير ممن تُدعم مقترح الحكم الذاتي.

المغرب، حسب عدد من المتتعبين، أصبح في موقف قوة بامتلاكه عدد من "أوراق الضغط"، فهل يُمكن قرار قطع العلاقات مع السفارة الألمانية يوم الإثنين الماضي، بداية للتصعيد المغربي مع الاتحاد الأوروبي ككل لدفعه نحو الاعتراف بمغربية الصحراء؟ وهل هذه الأوراق التي في يد المملكة المغربية كافية لذلك؟

ورقة الدعم الأمريكي

من بين أبرز الأوراق القوية التي حصل عليها المغرب، هي ورقة الدعم الأمريكي الذي تأتت عن طريق اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بشكل رسمي بسيادة المغرب على الصحراء، وهو اعتراف حافظت عليه الإدارة الجديدة بقيادة بايدن، ولم يكن هناك أي تراجع بشأنه وفق ما كانت تأمل أطراف مثل البوليساريو والجزائر وغيرهما.

هذه الورقة دفعت بوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إلى دعوة الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الماضية، للسير على نهج الولايات المتحدة الأمريكية حيث صرح بأن على الإتحاد "الخروج من منطقة الراحة الخاصة به ودعم الدينامية الإيجابية الجارية في الصحراء المغربية".

ووفق عدد من المهتمين بقضية الصحراء المغربية، فإن المغرب يُعول على الدعم الأمريكي في الأروقة الدولية بهدف إنهاء نزاع الصحراء، عن طريق تبني الطرح المغربي القاضي بمنع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، تحت السيادة المغربية، وفق ما أكدته الولايات المتحدة في قرار اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء.

ورقة الهجرة

الهجرة هي أحد أكثر المشاكل التي يخشاها الاتحاد الأوروبي، ويحاول جاهدا إيجاد حلول لإيقاف تدفقات الآلاف من مهاجري بلدان العالم الثالث إلى حدوده، ويُعتبر المغرب النقطة الأقرب إلى أوروبا، وبالتالي فهو نقطة مُغرية للراغبين في الهجرة غير الشرعية إلى الضفة الأوروبية.

هذا القرب الجغرافي بين المغرب وأوروبا، فرض على الاتحاد الأوروبي أن يجعل من المغرب شريكا أساسيا في مجال محاربة الهجرة السرية، وبالتالي فإن المغرب يحضر في اتفاقيات واستراتيجيات محاربة الهجرة مع الاتحاد، كعنصر بارز ومؤثر في ميزان هذه الظاهرة.

المغرب يُدرك جيدا دوره الهام في إبعاد، أو على الأقل تخفيف مشكل الهجرة على حدود الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي دفع مجددا وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إلى تغيير اللهجة في الأسابيع الماضية، حيث صرح بأن المغرب "ليس دركي لحماية الحدود الأوروبية" وفق ما يعتقد بعض الأوروبيين، داعيا لإيجاد مقاربة تُنهي مشكل هذه الظاهرة بين دول المنشأ ودول الوصول، في حين المغرب هو مجرد بلد للعبور.

لكن رغم هذا التصريح من بوريطة، إلا أن المغرب يبقى عنصرا أساسيا للاتحاد الأوروبي لحماية حدوده، وبالتالي فإن هذه واحدة من "أوراق الضغط" التي قد يستعملها المغرب مع الاتحاد الأوروبي في قضية الصحراء.

ورقة الإرهاب

المغرب يُعتبر من البلدان الأكثر نجاحا في التعامل مع التهديدات الإرهابية، وتشير بعض التقارير أنه من أقل البلدان العربية والإفريقية والعالمية على التوالي، تأثرا بالإرهاب في السنوات الأخيرة، كما أن مقارباته الأمنية للتصدي لهذه التهديدات كانت ولازالت ناجحة إلى اليوم.

ويرتبط المغرب مع العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي بالعديد من شراكات واتفاقيات التعاون في المجال الأمني ومحاربة الإرهاب، كإسبانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وألمانيا وغيرها من بلدان القارة العجوز، وقد تقوت هذه الشراكات بقوة الاستخبارات المغربية التي أثبتت عن نجاح هام في هذا المجال.

ففي هذا السياق، فإن المغرب سبق أن قدم معلومات استخباراتية هامة لعدد من البلدان الأوروبية، لتفادي هجمات إرهابية كادت تفتك بالبلاد، ومنها معلومات جاءت بعد وقوع هجمات إرهابية في أوروبا ساهم فيها المغرب في إيجاد المنفذين، وبالخصوص في إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا.

ووفق العديد من التقارير الأوروبية، فإن المغرب أصبح عنصرا مهما في مجال محاربة الإرهاب الدولي، وشريكا ذات أهمية عالية للاتحاد الأوروبي في هذا المجال، فهل يستعين المغرب بهذه الورقة لممارسة الضعط على الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف يتماشى مع مصالحه في قضية الصحرء؟

ورقة الصيد البحري

إذا كان المغرب قد استطاع أن يُغير قرار الاتحاد الأوروبي في وقت سابق، عندما أقرت محكمة العدل الأوروبية بأن اتفاقية الصيد البحري الموقعة مع المغرب يجب أن لا تشمل السواحل الجنوبية التي تدخل في نطاق منطقة الصحراء وهو الأمر الذي رفضته المملكة المغربية، ودفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في الأمر، فإن ذلك يعني أن للمغرب ورقة ضغط أخرى.

اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الأخيرة، والتي دخلت إلى حيز التنفيذ في يوليوز 2019 وتستمر 4 سنوات، كان من المفروض أن لا يدخل في نطاقها الأقاليم الجنوبية للمغرب، بسبب نزاع الصحراء، لكن المغرب رفض التوقيع على الاتفاقية، مما دفع بالاتحاد الأوروبي إلى إنشاء لجنة برلمانية لأخذ رأي سكان الأقاليم الجنوبية الذين وفقوا على ضم سواحل الجنوب للاتفاق، فتم ذلك.

وبغض النظر عن كيف جرت الأمور، إلا أن ما حدث كشف أهمية هذا الاتفاق للأوروبيين، خاصة لإسبانيا التي تُعتبر من أكثر المستفيدين منه،  وأظهر من جانب آخر أن بإمكان المغرب استعمال هذه الورقة في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، في الوقت المناسب لذلك.

ورقة الحكم الذاتي

مبادرة الحكم الذاتي هي ورقة مهمة و"معقولة" يتقدم بها المغرب لإنهاء نزاع الصحراء دون إقصاء أي طرف، وهي الورقة التي عزّزت بها الولايات المتحدة الأمريكية موقفها بالاعتراف بمغربية الصحراء، حيث اعتبرت أن هذه المبادرة هي الحل العادل والدائم لهذا النزاع الذي عمّر طويلا.

ورقة الحكم الذاتي، ليست ورقة ضغط، وإنما هي "ورقة إقناع" مهمة للأطراف التي تسعى لتجنب الصراعات الدامية مع احترام كرامة المواطنين باختلاف توجهاتهم، ويُعمل بها في العديد من البلدان، مثل الجار الإسباني وبلدان أخرى، وقد نجح المغرب في السنوات الأخيرة بالحصول على دعم عدد كبير من البلدان العالمية لهذا المقترح.

ما يحتاجه المغرب، وفق عدد من المتتبعين، هو إقناع الأوروبيين وباقي الأطراف، بأن الحكم الذاتي هو الحل النهائي والشامل لنزاع الصحراء، وهو ما سيكون له نتائج إيجابية على العلاقات مع جميع الأطراف، في حين أن استمرار الوضع كما هو عليه، لا يخدم مصلحة أحد، والضحية الأكبر هم المحتجزون في تندوف في ظروف غير إنسانية، لا أقل ولا أكثر.

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...