100 سنة على "أنوال".. معركة غيّرت وجه إسبانيا، وملحمة ألهمت الثوار في العالم
تزامن يوم عيد الأضحى في المغرب مع ذكرى مرور 100 سنة على معركة "أنوال" المجيدة، التي تُعتبر من أعظم المعارك التي حقق فيها المغاربة انتصارا مدويا بلغ صداه إلى كل بقاع العالم، وتحولت المعركة في حد ذاتها إلى مرجع للكثير من الحركات الثورية التي ظهرت خلال القرن العشرين.
ففي 21 يوليوز من سنة 1921، صُعقت إسبانيا ومعها الإمبريالية الأوروبية، بإعلان خبر هزيمة الجيش الإسباني المزود أنذاك بأحدث الأسلحة الثقيلة وبالآلاف من الجنود، على يد المئات من المقاومين في الريف المغربي، في منطقة أنوال التي تقع بين مليلية والحسيمة، بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي.
الخبر الصاعق الذي تناولته الصحف الإسبانية والدولية تجلى في العدد المهول من القتلى في صفوف الجيش الإسباني، حيث سقط أكثر من 12 ألف جندي، بما فيهم الجنرال القائد للجيش الإسباني مانويل فرنانديز سلفستري، فيما فر بضعة آلاف عائدين إلى مليلية التي كانت بدورها قاب قوسين أو أدنى من السقوط في يد قوات محمد بن عبد الكريم الخطابي لولا تراجعه بسبب ما وصفه في مذكراته بخشية "تعقيدات دولية"، وقد أعرب فيما بعد عن ندمه على عدم تحريرها.
وكان القوات الإسبانية مزودة بالعتاد والأسلحة قد توجهت بحوالي 25 ألف جندي يقودهم سلفستري، من أجل إخماد مقاومة الريفيين الذين كبدوا الإسبان عدة خسائر متفرقة، وإرساء الاستعمار الإسباني في شمال المغرب، إلا أن نتائج المعركة لم يكن متوقعا وأطلقت عليها الصحافة الإسبانية عشية وصول الأنباء بـ"كارثة أنوال"، ولازالت توصف إلى اليوم بهذا الوصف.
وكشف محمد بن عبد الكريم في مذكراته عن حجم الخسارة التي كبدها للجيش الإسباني بإظهار ما غنمته المقاومة المغربية الريفية من هذه المعركة حيث قال "ردت علينا هزيمة أنوال 200 مدفع من عيار 75 أو 65 أو 77، وأزيد من 20000 بندقية ومقادير لا تحصى من القذائف وملايين الخراطيش، وسيارات وشاحنات، وتموينا كثيرا يتجاوز الحاجة، وأدوية، وأجهزة للتخييم، وبالجملة، بين عشية وضحاها وبكل ما كان يعوزنا لنجهز جيشا ونشن حربا كبيرة، وأسرنا 700 أسير، وفقد الإسبان 15000 جندي ما بين قتيل وجريح ".
وكانت هذه "الغنائم العسكرية"من الأسباب التي أدت إلى تقوية شوكة المقاومة المغربية في الريف وأدامتها إلى غاية سنة 1926، أي حتى اضطرار إسبانيا للتحالف مع فرنسا للقضاء على مقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي، تفاديا لتعاظم نفوذه، فاستُعملت شتى الطرق والوسائل القانونية وغير القانونية للإطاحة به، ولازالت تقارير ومصادر تاريخية إلى اليوم تتحدث عن استعمال مواد كيماوية سامة لإجبار زعيم الريف على الاستسلام.
تداعيات معركة "أنوال" كانت كبيرة جدا على إسبانيا، وغيرت ملامح مشهدها السياسي والعسكري بشكل بالغ، وأدت إلى سقوط الملكية في البلاد سنة 1926، واشتعال حرب أهلية دامت لعدة سنوات، انتهت بتولي الجنراف فرانشيسكو فرانكو للحكم في إسبانيا بالاعتماد على العديد من القوات المغربية.
وعلى المستوى الدولي، فإن التكتيك العسكري الذي استعمله محمد بن عبد الكريم الخطابي، المعروف حاليا بـ"حرب العصابات" أصبح مرجعا للكثير من الحركات الثورية والتحررية، مثل الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، وقد سار على نهج محمد بن عبد الكريم الخطابي أسماء معروفة، كهوشي منه، وتشي غيفارا وعمر المختار وغيرهم.