وزير الصناعة والتجارة رياض مزور لـ "الصحيفة": خلال ربع قرن.. المغرب حقق "قصّة نجاح صناعية" كانت ذات يوم مستحيلة واليوم أصبحت واقعا
قال رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، إن المغرب يمثل اليوم قصّة نجاح صناعية استثنائية بكل المقاييس وتستحق التأمل والتمعن في تفاصيلها، بالنظر إلى التحول الجذري الذي شهده البلد خلال ربع قرن فقط، ذلك أنه "قبل 25 سنة"، "لم يكن اسم المغرب يُذكر على خارطة الصناعة العالمية، ولم يكن يُنظر إليه كفاعل مؤثر في الاقتصاد الصناعي الإقليمي، ناهيك عن الدولي"، لكن ما بدا يوما مستحيلا، أصبح اليوم واقعا ملموسا.
وأوضح الوزير مزور، في تصريح لـ "الصحيفة"، أن هذا التحول لم يكن ليتحقق لولا الرؤية الاستباقية والطموح الثابت للملك محمد السادس، الذي أطلق منذ توليه العرش مشروعا اقتصاديا شاملا، ارتكز على الانفتاح المدروس، وتحديث البنيات التحتية، وتطوير الموارد البشرية، وتحفيز الاستثمار في القطاعات الصناعية الواعدة، مشدّدا على أنه بفضل هذه الرؤية، أصبح المغرب اليوم منصة صناعية وتجارية صاعدة تحظى باعتراف القوى الاقتصادية الكبرى، ووجهة مفضلة للرساميل والشراكات الاستراتيجية، وفاعلا قارّيا فاعلا في معادلات الاندماج الإقليمي.
وأبرز المسؤول الحكومي، أن هذه الطفرة لم تكن وليدة الصدفة، بل ثمرة سياسة انفتاح اقتصادي ممنهجة تم اعتمادها خلال السنوات الماضية، مكّنت المغرب من توقيع أكثر من 100 اتفاقية تبادل حر، شملت شركاء من مختلف القارات، ما عزز موقعه كحلقة وصل استراتيجية بين أوروبا، إفريقيا، وأمريكا.
وربط الوزير هذا التوسع باتجاه العالم بالاستثمارات الضخمة التي تم ضخها في البنيات التحتية الاقتصادية، وعلى رأسها الطرق السيارة، والموانئ الكبرى مثل ميناء طنجة المتوسط، والمناطق الحرة الصناعية، وقطاع الطاقة الذي يشكل اليوم ركيزة من ركائز الجاذبية الاستثمارية للمملكة، سواء عبر الطاقات المتجددة أو البنيات التحتية المخصصة للربط الطاقي مع أوروبا وإفريقيا.
وفي هذا السياق، توقف رياض مزور عند ما وصفه بـ"النقلة النوعية" التي شهدها قطاع صناعة السيارات، مؤكدًا أن المغرب انتقل من مرحلة التجميع إلى مرحلة التصنيع الفعلي المتقدم، حيث بلغ الإنتاج السنوي 700 ألف سيارة، بمعدل إدماج محلي بلغ 69 في المائة، وهو رقم يضع المملكة في صدارة مصنّعي السيارات على المستوى الإفريقي ويمنحها تنافسية دولية غير مسبوقة.
وأشار الوزير إلى أن هذه النتائج لم تكن لتتحقق لولا منظومة صناعية قوية تضم آلاف الموردين والمصنعين المحليين، وتستند إلى عرض استثماري متكامل يجمع بين التكوين المهني، الحوافز المالية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي.
كما أبرز وزير الصناعة والتجارة أن المغرب لا ينظر إلى الصناعة فقط من زاوية الداخل، بل من منطلق الشراكة الإقليمية والانخراط في مشاريع الاندماج القاري الكبرى، التي تعزز مكانة المملكة كقوة اقتصادية إفريقية، تواكب التحولات الجيوسياسية والتجارية العالمية.
وفي هذا الإطار، أشار مزور إلى ثلاث مبادرات محورية استراتيجية، هي المبادرة الأطلسية التي تسعى لتحويل الواجهة الأطلسية إلى فضاء للتكامل والنمو المشترك، ميناء الداخلة الأطلسي، المشروع الضخم الذي يُنتظر أن يتحول إلى بوابة جديدة نحو إفريقيا جنوب الصحراء، ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، باعتباره مشروعًا استراتيجيًا للطاقة والتعاون جنوب-جنوب.
وأكد أن هذه المشاريع ليست مجرد بنى تحتية، بل أدوات سياسية واقتصادية لترسيخ الدور الريادي للمغرب في إفريقيا، وربط الاقتصادات الإفريقية بالأسواق العالمية، مشدّدا على أنها منبع عبقرية و فخر لكل مغربي ومغربية حول العالم.
وختم مزور تصريحه لـ "الصحيفة"، مشدّدا في الان ذاته على أن المغرب لا يراهن فقط على الإنتاج، بل على إعادة تموقع استراتيجي في قلب التحولات العالمية، يجمع بين الانفتاح التجاري السيادة الصناعية، والاندماج القاري، في أفق بناء نموذج تنموي يرتكز على التكنولوجيا، الاستدامة، والشراكات الذكية.





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :