أبرز 6 مؤشرات عن الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية 2026 بالمغرب
يحظى غيرُ المصوتين بل غير المسجلين أصلا للتصويت في كل انتخابات مغربية بوزن معتبر، إلا أنه رغم كل ذلك فمصير البلد يكون في نهاية الأمر بيد السلطة التي صوتت لها الأغلبية من مجموع المصوتين، وقد يبدو للرأي العام المغربي حاليا أن الفائز بالانتخابات التشريعية المغربية 2026م منحصر بين عبد الإله بنكيران أمين عام حزب العدالة والتنمية، وعزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وفقا لما هو ظاهر في ظل "القطبية الثنائية" غير المعلنة والتي فرضها الواقع، إلا أن هناك ست إضاءات من شأنها إبراز الصورة كاملة حول الحزب المحتمل أن يفوز في الانتخابات المقبلة.
أولا، سهرت الدولة في الكثير من الأحيان قبل الانتخابات التشريعية على تنظيم انتخابات ممثلي المأجورين والموظفين في القطاعين الخاص والعام (انتخابات النقابات)، وهي ما يعطي في الغالب ملامح قوية عن الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية، ذلك نظير الارتباط الكبير بين الأحزاب والنقابات.
ولعل أكبر دليل هو نتائج سنة 2021م. وما يوضح التداخل الكبير الحاصل بين الأحزاب والنقابات في المغرب، الاختلاف الذي وقع سنة 1972م بين عبد الرحيم بوعبيد بصفته زعيما لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ونقابة الاتحاد المغربي للشغل (UMT) آنذاك وقوله: "لقد تبين في النهاية، أنه لا يمكن أن يلتقي تصورنا للحزب وللنضال مع تصورهم، لأنهم لا يقبلون مناضلين جدد يصعدون من القاعدة، لا يقبلون النقد، لا يقبلون غير التصفيق والمباركة والتأييد، ومناضلو حزبنا يرفضون أن يتحول حزبنا إلى حزب للأكباش" (عبد الرحيم بوعبيد، شهادات وتأملات 1944-1961). لذا، إن تم تنظيم انتخابات النقابات قبل انتخابات الأحزاب سيوفر معطيات مهمة.
ثانيا، رغم أن وزارة الداخلية تمنع إجراء أو نشر استطلاعات رأي ذات طابع سياسي أثناء أيام الحملة الانتخابية، حرصا على "النزاهة" ونظرا لغياب إطار تشريعي يضمن أن الاستطلاعات غير موجهة (وكالة المغرب العربي، 2016م)، إلا أن ما يتم نشره قبل بداية الحملة الانتخابية من استطلاعات، خاصة الاستطلاعات الفرنسية التي تكون أقرب إلى معلومات وتسريبات أكثر من أي شيء آخر، كل هذا يفيد في أخذ فكرة عن الاستحقاق.
ثالثا، أكدت العديد من التجارب السياسية في دول مختلفة أن ترميم البيت الداخلي للحزب، وبعدها الدفع بأكثر الوجوه السياسية إقناعا للجماهير يعد عاملا حاسما في الانتخابات. وخير دليل هو الانتخابات الرئاسية التركية سنة 2023م وانهزام زعيم المعارضة وحزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو فيها، وبعد فترته، انتَخب الحزب إمام أوغلو الذي خلفه والذي ارتفعت شعبيته بشكل رهيب -وهو رئيس بلدية إسطنبول سابقا- قبل اعتقاله في مارس الماضي (بي بي سي، 2025م).
وبالفعل فإن عدة أحزاب مغربية قامت بإعادة ترتيب البيت الداخلي كالعدالة والتنمية بانتخاب عبد الإله بنكيران أمينا عاما، وعودة هشام المهاجري إلى المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة.. وأحزاب أخرى تحاول ذلك رغم الكثير من العقبات، أبرزها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وإشكالية الولاية الرابعة لأمينه العام ادريس لشكر.
رابعا، يشكل رأي مشاهير المجتمع والمؤثرين الحقيقيين فيه ومن لهم مصداقية باختلاف مجالاتهم، علامة فارقة لقياس التوجه العام للناخبين. ولعل خير برهان على ذلك ما قام به لاعب كرة القدم الفرنسي "كيليان مبابي" عندما دعا إلى عدم التصويت لليمين الفرنسي المتطرف بقوله: "لا يمكننا ترك الدولة بين يدي هؤلاء الناس.(Le Monde, 2024) "وذلك فور صدور نتائج الجولة الأولى للانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا عقب نتائج مبهرة لليمين في الانتخابات الأوروبية (France24,2024). وكان لتصريحات هذا اللاعب تأثير كبير في الإعلام والشارع الفرنسي.
خامسا، الانطباعات الشخصية للشارع المغربي والتي لا تخفى على أحد، وتترجم غالبا في الصناديق (بالنسبة لمن اختار التصويت)، وقبل ذلك يعبر عنها منذ تطورت التكنولوجيا في المغرب عبر آلاف المنشورات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكثر ما ترتبط أساسا بالنسبة للفئات الهشة -وهم الأغلبية- بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
سادسا، يشكل التصويت العقابي وبوادره أحد الوسائل الحاسمة في أي انتخابات كانت، وله عدة أوجه، أهمها؛ معاقبة الحكومة الحالية والتعبير عن الغضب من سياستها، أو معاقبة حكام سابقين يريدون العودة إلى الحكم بمنعهم من ذلك. وفي كل الأحوال فهي تبقى ورقة ضغط كبيرة تُستخدم للإطاحة ديمقراطيا بتوجه معين.
ختاما، فمصير الانتخابات التشريعية المغربية لسنة 2026م غير معروف بالتدقيق، لكن الاسترشاد بمجموعة من الوقائع الملموسة شيء طبيعي للوصول إلى نتائج -على الأقل- قريبة من المنطق والحقيقة، فالمثل يقول؛ "قبل العاصفة كانت هناك رياح لم يسمعها أحد". وأي يكن الحزب أو حتى -دعنا نَقُل- الأحزاب الفائزة، فالعبرة ليست هنا بالوصول إلى السلطة، إنما العبرة بانعكاسها على أوضاع الناس.



