أزيد من 30 ألف سؤال برلماني منذ افتتاح الولاية التشريعية أُجِيب على 60 في المائة منها.. المُعارضة تعتبره ضعف في التفاعل والأغلبية: هذه حصيلة إيجابية
اختتمت المؤسسة التشريعية دورة أبريل 2025 على وقع مفارقة لافتة بين كثافة استعمال البرلمان لأدواته الرقابية، وتواضع تجاوب الحكومة مع تلك المبادرات، خاصة في الشق المتعلق بالأسئلة الكتابية، التي لا تزال نسب الإجابة عنها دون المستوى المأمول، رغم وعود متكررة من الجهاز التنفيذي بتحسين أداءه التواصلي مع البرلمان.
وخلال الجلسة الختامية، قدّم رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي حصيلة الرقابة البرلمانية التي ميزت الدورة، مبرزا أن عدد الأسئلة الكتابية الموجهة إلى الحكومة بلغ 2394 سؤالا، لم تتلقَّ المؤسسة التشريعية بشأنها سوى 1420 جوابا، ما يعادل نسبة تجاوب لا تتعدى 59 بالمائة وهي معطيات تكشف، رغم الجهود المبذولة في تفعيل الرقابة، عن خلل مزمن في التواصل المؤسسي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
أما بخصوص الأسئلة الشفهية، فقد أشار الطالبي العلمي إلى أن المجلس عقد 12 جلسة عمومية أسبوعية، تم خلالها برمجة 401 سؤال شفوي، منها 134 سؤالاً آنيا وتركزت المواضيع المطروحة على قضايا حيوية، أبرزها التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، علاوة على ملفات ذات طابع اقتصادي واستثماري، كما تم تخصيص جلستين شهريتين لمساءلة رئيس الحكومة، تمحورتا حول إصلاح منظومة التعليم وتعزيز الحق في الصحة.
من جانبه، عرض رئيس مجلس المستشارين، محمد ولد الرشيد، حصيلة الرقابة بالغرفة الثانية، مشيراً إلى أن المجلس تلقى خلال الدورة 1256 سؤالا شفويا، تم برمجة 301 منها خلال 13 جلسة أسبوعية، بينها 113 سؤالاً آنياً.
وتوزعت هذه الأسئلة بين قضايا اقتصادية بنسبة 38 في المائة، واجتماعية بنسبة 25 في المائة. كما بلغ عدد الأسئلة الكتابية 1170 سؤالا، أجابت الحكومة عن 726 منها، بمعدل تجاوب قدره 62 بالمائة، وهي نسبة تعكس بدورها استمرار التأخر في التفاعل مع عدد هام من تساؤلات المستشارين والمستشارات.
وفي سياق متصل، أكد رئيس مجلس المستشارين أن الحكومة قدمت أجوبة بشأن مآل عدد من تعهداتها السابقة، خاصة تلك المرتبطة بدورة أكتوبر 2024، وشملت قطاعات العدل، التجهيز والماء، التربية الوطنية، التجارة والصناعة، والشباب والثقافة، والسياحة غير أن هذه الخطوة، ورغم أهميتها لم تكن كافية لطمأنة عدد من البرلمانيين الذين نادوا بتفعيل ملموس للتعهدات، يتجاوز الطابع الإخباري أو النظري للإجابات.
وفي ظل هذه المؤشرات، كان الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، قد أكد في جوابه عن سؤال كتابي، أن الحكومة توصلت منذ افتتاح الولاية التشريعية الحالية إلى غاية 7 يوليوز 2025 بما مجموعه 30.571 سؤالا كتابيا، أجابت عن 21.295 منها، أي بنسبة استجابة عامة تناهز 69.66 في المائة كما أشار إلى أن الغرفة الثانية أحالت على الحكومة خلال نفس الفترة 7729 سؤالاً كتابياً، تمت الإجابة عن 5313 منها، بنسبة تفاعل بلغت 68.74 في المائة.
وشدد بايتاس على أن الحكومة "حريصة" على توطيد علاقتها بالمؤسسة التشريعية، وتتخذ الإجراءات الكفيلة بتحسين وتيرة التفاعل، من بينها نظام إلكتروني مندمج لتدبير الأسئلة البرلمانية، وتنسيق دائم مع مختلف القطاعات الوزارية بهدف احترام الآجال المنصوص عليها في النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان.
لكن المسؤول الحكومي أقر بوجود إكراهات موضوعية تؤثر على آجال الرد، منها الطبيعة المحلية لبعض الأسئلة، أو تضمنها لمواضيع متشعبة تتطلب تنسيقا بين أكثر من قطاع، إضافة إلى الطفرة المسجلة في عدد الأسئلة الكتابية، التي أصبحت متزايدة بفعل بساطة مسطرتها، مقابل محدودية الحصيص بالنسبة للأسئلة الشفهية.
ولتجاوز هذه التحديات، أوضح بايتاس أن الحكومة تعتمد على آلية اللقاءات الدورية بين الوزراء والمكلفين بالشؤون البرلمانية داخل القطاعات الوزارية، من أجل التدارس المشترك لسبل الرفع من جودة ووتيرة التفاعل مع الرقابة البرلمانية، بما يعزز الشفافية ويكرّس مبدأ التعاون بين السلطتين.
ورغم هذه التوضيحات، تبقى أرقام التفاعل أقل من سقف الانتظارات، خاصة في ظل تنامي عدد الأسئلة المرتبطة بملفات اجتماعية واقتصادية ملحة، يرى فيها البرلمان وسيلة دستورية لمساءلة الأداء الحكومي ودفعه نحو مزيد من النجاعة، وبينما يقرّ الجميع بحق الحكومة في تدبير الزمن الإداري بحسب الإمكانيات، فإن المؤسسة التشريعية ترى في ضعف التجاوب إشكالاً بنيوياً يتطلب إرادة سياسية أقوى، لا مجرد حلول تقنية ظرفية.