أساتذة التعاقد: الحكومة الحالية أسوأ من سابقاتها بانتهاجها أسلوب "السرقة الموصوفة" من أجور الأساتذة طيلة 7 سنوات
تستمر أزمة قطاع التعليم في مراكمة أسباب الصدام بين المهنيين ووزارة التربية الوطنية، التي تواصل توقيف سبعة أساتذة دون تسوية ملفاتهم للعودة إلى الأقسام، فيما ترتفع المطالب بإرجاع ما يزيد عن 10 ملايين سنتيم، قال المهنيون إن الوزارة قد اقتطعتها من أجورهم منذ سبع سنوات بصفة "غير مشروعة"، وهو ما ينذر من جهة ثانية بانطلاق الموسم الدراسي الجديد على إيقاع محموم خصوصا مع توعّد التنسيقية لشكيب بنموسى بإنزال برنامج نضالي جديد.
ويبدو أن احتفاء الحكومة منذ أشهر بما وصفته على لسان الناطق باسمها مصطفى بايتاس، بـ "اللحظة الاستثنائية" لطي صفحة ملف الأساتذة المتعاقدين نهائيا قد كان متسرّعا تماما، الأمر الذي ترجمته البلاغات المتتالية لتنسيقية الأساتذة وأطر "الدعم المفروض عليهم التعاقد"، التي اعتبرت ذلك إخلال الحكومة بتعهداتها وتمعّنها في نهج سياسة "الإجهاز على أي حراك في قطاع التعليم مستقبلا".
وترى التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر "الدعم الذين فرض عليهم التعاقد"، أن تعديلات النظام الأساسي "لا تستجيب لمطلب الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية وبالتالي استمرار حرمان أزيد من 120 ألف أستاذ وأستاذة وإطار مختص من حقهم العادل والمشروع"، حيث استنكرت ما وصفته بـ "حالة النكوص اللاقانونية واللاشعبية التي باتت عنوان سياسة الترهيب والتخويف والزجر عن المطالبة بالحقوق العادلة والمشروعة".
وتستمر وزارة شكيب بنموسى للشهر السابع على التوالي، في احتجاز أجرة ومستحقات سبعة أساتذة من قادة الحراك التعليمي، وفق التنسيقية التي اتهمت الوزارة بـ"الانتقام" من الأساتذة المحتجين والموقوفين أيضا من خلال تجميد عضويتهم في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (cnops) ومنعهم من الاستفادة من خدماته، وهو ما تعتبره "سياسة فاشلة زعمت بها الإجهاز على أي حراك مستقبلا".
واستنكرت التنسيقية الوطنية للمتعاقدين من الأساتذة وأطر الدعم، استمرار عقد جلسات "المحاكمة الماراطونية الفاقدة للشرعية" في حق أفواج من الأساتذة والأستاذات المتابعين بتهم تعتبرها "ملفقة"، مشيرة إلى "عرض ثلة من الأساتذة والأستاذات على أنظار المحكمة يومه 16 من يوليوز الجاري مع عرض غيرهم يوم 24 من الشهر نفسه إتماما لمسلسل التضييق على حرية التظاهر السلمي والمطالبة بالحقوق التي من المفترض التمتع بها دونما حاجة إلى الاحتجاج".
وفي وقت نددت التنسيقية نفسها بـ"الاستمرار في احتجاز الأساتذة الموقوفين والعقوبات الجائرة في حقهم"، وهي تطالب بـ"التسوية العاجلة لوضعيتهم الإدارية والمالية إضافة إلى تسوية الوضعية المالية لجميع المستأنفين وسحب العقوبات فورا من ملفاتهم"، توعّدت وزارة بنموسى بمواصلتها النضال المبدئي فهما وممارسة دفاعا عن المدرسة والوظيفة العموميتين، وتشبثها بـ"إسقاط مخطط التعاقد والإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية بمناصب مالية ممركزة".
وعلاقة بالاقتطاعات التي طالت أجور الأساتذة خلال أشهر الإضراب، جدد "أساتذة التعاقد" مطالبتهم "وزارة بنموسى" بـ"إرجاع كل الأموال المسروقة من أجور الأستاذات والأساتذة وأطر الدعم الذين مارسوا حقهم الكوني في الإضراب"، منددين بـ"استمرار المحاكمات الصورية في حق الأساتذة وأطر الدعم المتابعين".
وفي تصريح لـ "الصحيفة"، قال ربيع الكوري منسق جهة الدار البيضاء، وعضو التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، إن الحكومة الحالية أخلفت بوعودها للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ولم تنجح نهائيا في طي هذا الملف كما سبق وادّعت وهي تحتفي بتنزيل ما وصفته بـ إرادتها السياسية القوية في إنهاء موضوع التعاقد" بعد سنوات من الاحتقان التي سارت القطاع بسبب القرارات "غير العقلانية" التي اتخذتها حكومة عبد الإله بن كيران والرامية إلى تدمير المدرسة العمومية وإنهائها.
واعتبر الكوري، وهو واحد من الأساتذة السبعة الذي تم توقيفهم وتجميد أجرتهم منذ 7 أشهر، أن حكومة عزيز أخنوش لم تختلف عن الحكومتين السابقتين "وإن لم تكن أسوأ، في ظل تمعّنها في نهج أسلوب السرقة الموصوفة لما يزيد عن 10 ملايين سنتيم من الاقتطاعات التي طالت أجور الأساتذة من الفوج الأول طيلة 7 سنوات دون سند قانوني، وهي بالتالي اقتطاعات غير مشروعة بالمطلق، وعلى الدولة إرجاعها لأصحابها". حسب وصفه.
وبحسب الإطار النقابي، فإن الحكومة الحالية بدورها راضخة لبند المنظمات الدولية المتعلق بالأجر مقابل العمل، وهو ما يُفسر أيضا محاولتها تسريع وتيرة تمرير قانون الإضراب لتكبيل الاحتجاجات القطاعية، خصوصا التعليم والصحة، بوصفهم "قطاعات غير منتجة"، وفق تقدير الحكومات وسبق وعبّر عنه عبد الإله بنكيران سابقا عندما قاله إنه حان الوقت لترفع الدولة يدها عن التعليم والصحة.
ويرى المتحدث أن عزيز أخنوش، يسعى بدوره إلى الاجهاز عن الوظيفة العمومية بناء على توجه الدولة الذي سارت فيه منذ 2016، لافتا إلى أن الإدماج الذي تدّعيه الحكومة الحالية، وجب أن يكمن في إخضاع جميع الأفواج منذ 2016، لظهير 1958 المنظم للوظيفة العمومية.
وتابع الكوري ضمن التصريح ذاته، "إذا كانت الارادة السياسية والادماج الفعلي الذي تدّعيه حكومة عزيز أخنوش متوفرة فعلا فيجب أن يحصل الاساتذة على قرارات التعيين على غرار تلك التي كانت قبل 2015، أما ما يحدث اليوم فيحيل إلى أن هناك ذهاب في إطار تفكيك الوظيفة العمومية، في وقت أن جميع الدول المتقدمة تعتبر أن قطاع التعليم هو قاطرة التنمية".
وكانت الحكومة قد أعلنت في 25 يناير الماضي، طي ملف التعاقد نهائيا، وفقا للحوار المؤسساتي، بعدما أزالت مصطلح "الأطر النظامية" بتغيير القانون رقم 07.00 بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين"، مؤكدة أنها أنهت المشكلة وأسّست لشراكة جديدة مع رجال ونساء التعليم لاستكمال الإصلاح الذي ننشده جميعا في إطار هذه التحولات الكبيرة التي يعرفها البلاد"، كما انعقد مجلس للحكومة، يومها للتداول والمصادقة على مشروع المرسوم رقم 2.24.62 بسحب المرسوم بقانون رقم 2.23.781 الصادر 5 أكتوبر 2023 بتغيير القانون رقم 07.00 بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، قدمه شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :