أنس لغراري.. رجل الأعمال المغربي الذي هندس ماليا وتسويقيا حلم "السوبرليغ" الأوروبي.. قبل أن ينهار خلال 72 ساعة!
لم يصمد حلم رئيس ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، أكثر من 72 ساعة، في إنشاء بطولة تضم كبار أندية قارة أوروبا، أطلق عليها رفقة المساهمين في هذا المشروع بـ "European Super League"، حيث بدأ الانسحابات تلوى الآخر من طرف الفرق الإنجليزية ثم الإيطالية مع رفض العديد من الأندية الأوروبية الأخرى الانضمام إلى هذا المشروع الضخم الذي كان سيمول من طرف بنك أمريكي بما يقارب الأربعة ملايير دولار.
وطوال الساعات الماضية، كان فلورنتينو بيريز تحت أضواء الصحافة العالمية، يَخرج بتصريح هنا، وبآخر هناك، مثل محارب يدافع عن آخر قلاع أفكاره المجنونة لعلها تصمد.
ووسط كل تلك الضوضاء التي أصابت الجسم الرياضي العالمي وأربكت الاتحاد الأوروبي لكرة القدم UEFA والاتحاد الدولي للعبة الـ FIFA كان يقبع رجل مغربي الأصل ومزدوج الجنسية (مغربي/فرنسي) يحمل إسم أنس لغرازي، في زاوية هادئة، لا يعكر صفوها إلاّ الرفض تلو الرفض لمشروع كان هو مهندس كواليسه.
وفي الوقت الذي يتحدث البعض عن أن رئيس ريال مدريد هو مهندس فكرة الدوري الأوروبي الممتاز لكرة القدم "European Super League" فإن الصحافة الدولية بدأت تكتب عن أن المغربي أنس لغراري الذي يحمل الجنسية الفرنسية، والبالغ من العمر37 سنة، هو العقل المالي والتسويقي للفكرة التي اشتغل عليها منذ سنوات، قبل أن يتبناها رئيس ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، ويخرجها للعلن بعد عشرات اللقاءات مع الممولين ورؤساء الأندية التي أعلنت موافقتها على المشروع، خصوصا بعد تداعيات فيروس كورونا، واثرها المالي، قبل أن تنسحب هذه الأندية اثر الضغوط الرهيبة من السياسين والجماهير ورفض العديد من اللاعبين للفكرة.
ويعتبر المغربي أنس لغراري، العنصر الفعال في "المجرة" المالية التي تحيط برئيس ريال مدريد، كما يصفه الإعلام الإسباني، قبل أن يطفو اسمه على السطح بعد تعيينه أمينًا عامًا لدوري الـ Superleage في نسخته الأولى، والتي بدأ التفكير في صيغتها منذ عام 2015.
علاقة لغراري برئيس "الريال"، تعود إلى سنوات قبل ذلك، حيث أنه في الثمانينيات، كان الأخير، مالك شركة "ACS" الإسبانية يتعاون مع والد رجل الاقتصاد في مشاريع البناء بالمغرب، بينما كان الشاب لغراري يستمتع بصيف مايوركا في قصر رئيس ريال مدريد.
المستشار القضائي لـ"الدون" فلورنتينو، وضع ين يديه مفاتيح التطوير المؤسسي والمالي لشركة European Super League SL، وهي شركة تم إنشاؤها خصيصا في إسبانيا لإدارة المنافسة، مع المدير التنفيذي لريال مدريد كرئيس لها، حيث ستبدأ الشركة باستثمار 3500 مليون أورو، وكما نقل لغراري نفسه إلى صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، قائلا "يمكن أن يبدأ المشروع في غضون خمسة أشهر".
وأكد لغراري على أن الأندية الأروبية الخمسة عشر الدائمة ستكون أصحاب المشروع ذات الأهمية الاقتصادية، إذ ستستفيد الأندية المؤسسة من التمويل الذي سيبدأ به المشروع، وهو حقنة لا ينبغي فهمها على أنها "مكافأة ترحيبية"، بل تعزيزاً لتطوير ملاعبها لصالح المنافسة، وهي مبالغ تقاس بها الفرق ويجب إعادتها للخزينة العامة في حالة التخلي عن المشروع، يضيف "مهندس" البطولة.
بمرور الوقت، أنس لغراري، المؤسس المشارك لشركة Key Capital، التي نشأت في مجال الخدمات المصرفية الفرنسية، نصّب نفسه كواحد من المستشارين الموثوق بهم لرجل الأعمال الإسباني، فلورنتينو بيريز، بفضل دوره الرائد في عمليتين بملايين الدولارات حيث تولى عملية هجوم ACS ضد Abertis، والذي من خلاله قامت شركة البناء بالاستحواذ على أكثر من 50٪ من صاحب الامتياز - كما رفعت التمويل الذي بدأ في إعادة البناء لملعب سانتياغو برنابيو في حلته الجديدة، وتشترك كلتا المعاملتين في نقطتين: عمل لغراري كمستشار لرئيس ريال مدريد كما العملاق الأمريكي "جي بي مورجان"، الشركة البنكية الممولة لمشروع البطولة الكروية الجديدة.
هذا، ويعتبر أنس لغراري، ثاني أكبر مساهم في شركة Key Capital بنسبة 16.61 بالمئة، التي ستعلب دور المستشار لـ"الدوري الأوروبي" وكذا جمع التمويل العام للبطولة من خلال القنوات الثلاث التي ستغذي المنافسة، في مقدمتها "جيه بي مورغان".
كما كان المصرفي المغربي، أيضا، جزءا من الفريق الذي تدخل نيابة عن فلورنتينو بيريز في اختيار "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" و"جي بي مورغان" ، اللذين ساهما بمبلغ 575 مليون أورو من أجل إعادة تصميم ملعب "سانتياغو برنابيو" بمدريد.
كما تولى فريق لغراري مهمة التفاوض على الحقوق السمعية والبصرية للمسابقة الجديدة، وهذا الجانب كان من المفترض أن يكون مفتاح نجاح المشروع، قبل أن يُقبر في مهده، حيث بدأت الصحافة العالمية تكتب عن أن لغراري أصبح شاهدا على تبخر عدة ملفات استثمارية كانت ستتحرك مع انطلاقة النسخة الأولى من المسابقة، بعد أن فتح المجال أمام أسماء مثل American Providence أو British CVC Capital Partners للجلوس على طاولة رأس المال المنافسة الجديدة، قبل أن ينهار "الحلم" خلال 72 ساعة من عمر مشروع ولد كبيرا ومات صغيرا.
