إجراء جزء من مناورات "الأسد الإفريقي" على الحدود الشرقية للمغرب يدفع إسبانيا لتفادي المشاركة في هذا التدريب العسكري تفاديا لمزيد من التوتر مع الجزائر

 إجراء جزء من مناورات "الأسد الإفريقي" على الحدود الشرقية للمغرب يدفع إسبانيا لتفادي المشاركة في هذا التدريب العسكري تفاديا لمزيد من التوتر مع الجزائر
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 29 مارس 2024 - 14:30

فتح تغيّب إسبانيا عن النسخة الـ 20 من مناورات "الأسد الإفريقي 2024" التي ستحتضنها المملكة المغربية بشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية في شهر ماي المقبل، باب التخمينات التي تصب في حساسية مشاركة الجيش الإسباني في تداريب عسكرية تُنظّم جزئيا على مقربة من الحدود الشرقية، فيما مدريد لا نية لها في تأجيج التوترات الدبلوماسية الحالية مع قصر المرادية.

ويقوم المغرب والولايات المتحدة بوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل النسخة العشرين من مناورات الأسد الإفريقي العسكرية، حيث تتسارع الاجتماعات في أكادير، مع ممثلي القوات المسلحة الملكية والجيش الأمريكي، إلى جانب وفود من عشرات البلدان الشريكة، لتحديد الاستراتيجيات والأنشطة الخاصة بالتمرين الذي سينظم في الفترة الممتدة ما بين 20 إلى 31 ماي المقبل.

ويعد هذا التمرين السنوي الرئيسي الذي تجريه واشنطن والرباط، ذو أهمية بالغة للدولتين اللتين تعملان على تعزيز تعاونهما الدفاعي والدبلوماسي منذ عدة سنوات، حيث يشارك سنويًا أكثر من 10000 عسكري في هذا التمرين من دول عربية وإفريقية وما يقارب من 20 بلدا ملاحظا.

وستكون الدورة العشرين من هذه المناورات "استثنائية"، بحضور ممثلين عن الجيوش الأوروبية، والمملكة المتحدة، البرازيل، فرنسا، إيطاليا، هولندا.. ممن سيحلون بالمغرب في غضون الأسابيع المقبلة استعدادا للتدريب الذي يرمي إلى تحسين إمكانية التشغيل البيني بين الدول، فيما ستغيب إسبانيا هذه المرة على الرغم من موقعها القريب بوصفها الجارة الشمالية للمغرب وذات الحدود الجنوبية للحلف الأطلسي مع المملكة، والحليف الكبير للمغرب خصوصا بعد موقفها الداعم لمغربية الصحراء.

وبحسب موقع "إل ديبات" الإسباني المتخصص في الشؤون العسكرية، فإن السبب وراء تراجع إسبانيا عن المشاركة للمرة الثانية على التوالي في هذه المناورات هو أن بعض هذه التدريبات تجرى جزئيا بالقرب من الجزائر، فيما ترغب الحكومة الإسبانية في تجنب تأجيج التوترات الدبلوماسية الحالية مع الجزائر.

وأجرت القوات المسلحة الإسبانية في السنوات الأخيرة، مجموعة من المناورات العسكرية مع نظيرتها المغربية، خاصة في المجال البحري؛ على غرار التدريب العسكري البحري "PASSEX”، الذي أجرى في شتنبر الماضي بالقرب من السواحل الإسبانية والذي عرف مشاركة الفرقاطة المغربية "طارق بن زياد" والفرقاطة "مينديز نونيز" عن الطرف الإسباني، لكنها ومنذ سنتين أرجأت المشاركة ضمن هذه المناورات.

وتعيش العلاقات الإسبانية الجزائرية، منذ ما يزيد عن عامين على وقع التوتر عقب إعلان مدريد اعترافها بمغربية الصحراء، وتأييدها لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الأكثر "جدية وواقعية ومصداقية"، وهو الوضع الذي ترفضه الجزائر الداعمة الأولى للجبهة الانفصالية.

وأعقب التحول الطارئ على خطاب الدبلوماسية الجزائرية منذ بداية العام الجاري، حدوث بعض التقاربات، مثل عودة السفير الجزائري إلى مدريد واستئناف التجارة والرحلات الجوية بين البلدين، لكن لقاء سانشيز مع الملك محمد السادس شهر فبراير الماضي في الرباط تسبب مرة أخرى في جعل العلاقة بين مدريد والجزائر في منطقة "عدم الراحة"، خصوصا مع تأييد إسبانيا لمشاريع تنموية في الصحراء المغربية، مثل خط أنابيب الغاز الذي سيمتد من نيجيريا إلى المغرب، مرورا بعدة دول في غرب إفريقيا.

وستشمل التدريبات العسكرية المرتقبة،  تمرين مركز القيادة وتمارين التدريب الميداني، وعرضًا بالذخيرة الحية، وفعاليات برنامج المساعدة الإنسانية المدنية، بالإضافة إلى ذلك، ستشمل بعثات المساعدة المدنية الإنسانية مزيجا من المساعدة الطبية في ظروف الطوارئ.

وكان أحد العناصر الأساسية للنجاح الذي عرفته مناورات "الأسد الأفريقي" في السنوات الأخيرة هو إدراج دول أخرى في شمال وغرب أفريقيا كمضيفين للتمرين، إذ أنه وفي هذا العام، تستضيف غانا والسنغال وتونس فعاليات تدريبية كبرى في بلدانهم، حيث تقوم بدمج الوحدات الأمريكية بالإضافة إلى شركاء أوروبيين وأفارقة آخرين في خططهم التدريبية.

ويُعد تمريد الأسد الأفريقي نموذجا للشراكة المتميزة تربط المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، إذ يعكس تقاطع أهداف البلدين وأجندتها فيما يخص تعزيز وضمان أمن واستقرار القارة السمراء وضرورة إشراك العديد من الدول في هذا المسعى في إطار المسؤولية الدولية المشتركة.

وكانت النسخة التاسعة عشرة لمناورات "الأسد الإفريقي"، قد عرفت مشاركة حوالي ستة آلاف جندي من أكثر من عشرين دولة تثمل مختلف القارات، إضافة إلى 27 بلدا ملاحظا؛ فيما يعكس توالي دورات هذه التظاهرة العسكرية وتوسيع برنامجها سنة بعد أخرى رهانا أمريكيا واضحا على استمرار وديمومة التجربة الأمنية والعسكرية المغربية والاستقرار الذي يتمتع به هذا البلد في محيط إقليمي مشتعل.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...