إيمان فاضل.. مَغربية دفعت حياتها ثمنا للشهادة في قضية روبي وبرلسكوني
قبل أشهر من نشر كتاب تسرد فيه القصة الكاملة وترضي فضول الكثير من متتبعي الحكاية المثيرة بين الحسناوات والسياسي، فارقت المغربية إيمان فاضل الحياة في قضية مثيرة للجدل زادت من غموض فيلم طويل عمره أزيد من تسع سنوات، بطولته مشتركة بين فتاتين مغربيتين والرئيس الإيطالي السابق سيلفيو بيرلوسكوني.
رحلة الموت الغامضة
وفاة إيمان الشاهدة الرئيسية في قضية "روبي" الشهيرة، بطريقة غير عادية جر وراءه الكثير من التساؤلات حول سبب وفاة الشابة البالغة من العمر 34 عاما، ومن المستفيد من تصفيتها وإنهاء حياتها.
ولأن حل اللغز يحتاج تعقب النهايات للوصول إلى أصل البداية، فنهاية إيمان كانت في الأول من مارس الماضي، عندما ودعت هذه الحياة في مصحة "هيومانيتاس"، بضواحي مدينة ميلانو شمال إيطاليا، حيث قضت أكثر من شهر تتلقى العلاج على آلام حادة في المعدة، بينما أظهرت التشخيصات الأولية على المريضة، أنها تعاني من توقف النخاع العظمي عن إنتاج خلايا الدم البيضاء والحمراء والصفائح الدموية، قبل أن تثبت البحوث بعد الوفاة على أن الأعراض ناتجة عن تلقي جسم الفتاة لمواد مشعة غير رائجة في الأسواق ومن الصعب العثور عليها أو شرائها.
حقائق طبية بيّنت وأكدت أن إيمان قد تعرضت للتسميم المؤدي للقتل العمد.
إبنة مدينة فاس كانت على يقين أنها ستفارق الحياة بسبب أعراض المرض، الذي اقتات من جسمها، وجعلها عودا نحيلا يابسا في ظرف أيام وجيزة من دخولها المستشفى، الأمر الذي دفعها للإعتراف لشقيقها طارق ومحاميها باولو سيفيسي، بشكوكها حول تعرضها للتسميم، بينما تحفظت عن توجيه أصابيع الإتهام لمن يكون وراء هذه الجريمة، تاركة خلف موتها علامات استفهام كبيرة حول هوية الجاني.
تسع سنوات من المحاكم في قضية "البونعا بونغا"
إيمان التي كانت عارضة الأزياء في إيطالية، المهنة التي فتحت لها أبواب حضور الحفلات الجنسية المعروفة باسم "البونغا بونغا"، التي كان يقيمها السياسي بيرلوسكو في فيلاته بضواحي مدينة ميلانو، كانت الشاهدة الوحيدة التي سارت عكس التيار، بعد أن تورط رئيس الوزراء السابق في قضية ممارسة الجنس مع قاصرات.
وكانت إيمان الوحيدة لخرق بيرلوسكوني للقوانين، بعدما وصفت بالتدقيق ماكان يدور في تلك الليالي الحمراء، وسردت تفاصيل سهرات كانوا يلقبونها بـ "العشاءات الفاخرة"، مثبتة التهم على رئيس الحكومة الإيطالية السابق، بأنه كان يمارس الجنس مع فتيات لم يصلن بعد سن الرشد، إحداهن كانت المغربية كريمة المحروقي المعروفة باسم "روبي".
كما كشفت إيمان خلال شهادتها، أن هذه الحفلات كانت تشهد ممارسات شاذة عن الطبيعة، وروت أنها شاهدت في احدى الليالي فتيات يدخلن بأزياء راهبات ثم يقمن بقلع كل ملابسهن والظهور عاريات أمام بيرلوسكوني، مع طلب هذا الأخير لأمور غريبة من النساء كانتحال شخصيات رجالية، وارتداء أقنعة للاعبين كرة القدم وبالخصوص وجه البرازيلي رونالدينيو.
الشابة المغربية وقبل شهر من وفاتها، أعلنت أنها ستنشر كتابا يَضّم كل التفاصيل التي رأتها في ليالي "البونغا بونغا"، مشيرة أنها ستحرص على إظهار الحقيقة وستستمر في كفاحها ضد بيرلوسكوني، الذي حسب رأيها تمكن من إخراس باقي الحاضرات والشهادات في هذه القضية عن طريق تأمين حياتهن بمبالغ كبيرة، حيث اشترى سكوتهن بما يقارب 10 ملايين أورو، كي يعتق رقبته من السجن بتهمة مضاجعة قاصر مغربية.
إيمان قالت في تصريحها الإعلامي الأخير أنها بدأت هذه الحرب في سن الـ 25، وبعد 9 سنوات من التردد على المحاكم في هذه القضية، قررت أن تنهي الجدل لصالح دخولها كشاهدة، موضحة في معرض كلامها أنها تتق في العدالة الإيطالية، غير أن القدر لم يمهلها الوقت لتكتب نهاية القصة كما أرادت.
سعاد السباعي وإقحام المغرب في القضية
ووسط الاهتمام الإعلامي العالمي الكبير بقضية إيمان، خرجت البرلمانية الإيطالية من أصول مغربية سعاد السباعي في حوار مع جريدة " لاروبابليكا"، تتهم فيه المغرب ومؤسساته بالتواطؤ لتصفية عارضة الأزياء الشابة، حيث صرحت سعاد سابقا بالقول: "يجب أن نتبع المسار المغربي في هذه القضية، فهم يعرفون جيدا كيف ماتت الفتاة".
وفي ذات السياق كشفت السباعي أن إيمان قد تكون ماتت اثر تلقيها احدى المواد المسمومة المتداولة في الأسواق المغربية، كمعدن الرصاص "اللدون". تصريحات جرّت النائبة البرلمانية إلى القضاء، بعدما اعتبرت سفارة المغرب بروما أن إقحام المغرب في هذه المسألة يعد أمرا خطيرا يضر بالمملكة ومؤسساتها.
وبعد أيام من ردة فعل الديبلوماسية المغربية، خرجت السباعي من جديد، تغير أقوالها السابقة، موضحة أنها لم تكن تقصد أن المغرب تواطأ في مقتل إيمان فاضل، بل تعبيرها كله كان مجازيا، لوصف إهمال السفير لهذه القضية، وعدم الإهتمام بالنساء اللواتي يعانين صعوبات في الغربة، كما أشارت أنه كان من واجب السفير والقنصل تتبع قضية الشابة المغربية، باعتبار أنها مواطنة مغربية ودمائها غالية.
الكلمة الأخيرة للقضاء الإيطالي
"إيمان كانت مؤمنة بعدالة القضاء الإيطالي"، بهذه الكلمات يواجه محامون وعائلة الضحية حربهم الجديد لمعرفة سبب الوفاة، حيث مازال الملف قيد البحث ولم يتم لحد الآن الجزم ما إذا كانت فعلا الشابة السمراء قد فارقت الحياة بفعل فاعل، أم أن مرض عضال ألم بها في الأشهر الأخيرة.
الكشف عن المادة المشعة داخل جسم إيمان ليس بالأمر اليقين، حيث نفت تحليلات المختبر في المرة الثانية وجود أي مواد غريبة في الجسم، الشيء الذي تناقض مع التحاليل الأولى التي أجريت مباشرة بعد أيام من موت الضحية، الأمر الذي استدعى النيابة العامة إلى تقييد البحث خوفا من أي تلاعبات قد تغير مسار القضية.
إيمان فاضل كانت واعية وهي تواجه بيرلوسكوني، وتشهد ضده، أنها تلعب مع الكبار، خاصة وأنها الوحيدة من الشاهدات الرئيسيات الثلاث، التي وقفت ضد الرئيس الإيطالي السابق، جاهرة بالحقيقة التي رأتها وعاشتها، كما أنها كانت تحلم يوما بأن تنتصررلها العدالة والعديد من النساء غيرها اللواتي تعرضن للابتزاز، وأجبرن على ممارسة الجنس أمام جبروت المال والسلطة.