احتجاجات سكان دواوير مهمشة في إقليم أزيلال تصل إلى أبواب العمالة.. ومصدر مسؤول لـ"الصحيفة": مطالبهم مشروعة وتعهدنا بتسويتها

 احتجاجات سكان دواوير مهمشة في إقليم أزيلال تصل إلى  أبواب العمالة.. ومصدر مسؤول لـ"الصحيفة": مطالبهم مشروعة وتعهدنا بتسويتها
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 23 يوليوز 2025 - 16:28

شدّ العشرات من سكان دواوير وامندنت، وتغزى، وشاور، وتداوت، أمس الثلاثاء الرحال على الأقدام في اتجاه مقر عمالة إقليم أزيلال، رافعين شعارات تطالب بفك العزلة عن منطقتهم، وتوفير الحد الأدنى من شروط الحياة الكريمة، من مسالك طرقية وتغطية شبكة الاتصال والأنترنت، إلى حقهم في التنمية والكرامة، التي يرون أنها غابت عنهم لعقود طويلة.

المحتجون، المنتمون ترابيا لجماعة آيت بوكماز، لكن القرب الجغرافي يربطهم بمناطق أيت محمد، اعتبروا أن معركتهم امتداد لما بدأه سكان أيت بوكماز قبل أسابيع، حيث خرجوا أيضا في احتجاجات مشابهة للتنديد بما وصفوه بـ"الإقصاء الممنهج" و"التهميش المتواصل"، الذي تتعرض له المناطق الجبلية التابعة للإقليم، في ظل تواضع الخدمات العمومية، وانعدام البنيات التحتية الأساسية.

وفي تصريح خص به "الصحيفة" قال مصدر مسؤول من السلطات المحلية بأزيلال إن "الاحتجاج مرّ في أجواء سلمية هادئة، وتم التعامل معه بمسؤولية، حيث جرى استقبال وفد عن المحتجين من طرف الكاتب العام لعمالة أزيلال، الذي أصغى لمطالبهم ووعدهم بدراستها وإيجاد حلول تدريجية لها وفق الإمكانيات المتاحة"، معتبرا أن "الأوضاع الآن مستقرة وهانئة، والمطالب المرفوعة كانت واضحة ومشروعة، وتهمّ بالأساس تعبيد الطرقات، وتحسين تغطية شبكة الاتصال، وتوفير شروط العيش الكريم".

وأكد المتحدث أن الساكنة المشاركة في المسيرة تنتمي إلى ثلاث أو أربع دواوير تابعة إداريا لجماعة آيت بوكماز، لكنها من حيث القرب الجغرافي أقرب إلى آيت محمد، ما يعقد أحيانا مسارات تدخل المصالح العمومية ويخلق نوعا من الهامش في التغطية التنموية.

المطالب، كما تم رفعها من طرف السكان، تعكس معاناة يومية تختزل ما يعنيه أن تعيش في منطقة جبلية نائية لا طريق معبّدة تصلها، ولا شبكة هاتف تلتقط فيها الإشارة، ولا إنترنت يُمكِّن أبناءها من مواكبة العالم.

ويريد السكان، تعبيد الطريق الرابطة بين آيت أمحمد وتيزي نترغيست عبر وامندنت، هذا المسلك الحيوي الذي تحوّل إلى رمز للعزلة، بعدما تآكلت جنباته وتعذرت معه الحركة الآمنة، خصوصا في فصل الشتاء فهذه الطريق ليست مجرد ممر للعبور، بل شريان حياة، يربط الساكنة بالمراكز الصحية، بالمؤسسات التعليمية، وبالحد الأدنى من حضور الدولة.

أما عن التغطية الهاتفية والانترنت، فالوضع هناك لا يواكب حتى الحد الأدنى من متطلبات العصر في زمن رقمي إذ يضطر سكان هذه المناطق إلى تسلق المرتفعات للعثور على إشارة هاتفية، وقد يغيب الاتصال لأسابيع، ما يعني غياب الخدمات الإدارية والتعليمية والطبية، وحرمان السكان من التواصل حتى في حالات الطوارئ، وبالنسبة لأبناء هذه الدواوير الإنترنت ليس ترفا، بل ضرورة للبقاء على قيد الحياة الإدارية، وفرصة للولوج إلى العالم الذي بات كله خلف شاشة.

وتندرج هذه المسيرة ضمن موجة احتجاجية تعرفها في الآونة الأخيرة عدد من المناطق الجبلية التابعة لإقليم أزيلال، التي تسجل هشاشة واضحة على مستوى البنيات التحتية، وصعوبات في الولوج إلى الخدمات الأساسية.

وقد شهدت منطقة أيت بوكماز، في وقت سابق، تحركات مشابهة من طرف الساكنة، عبّرت خلالها عن مطالب مرتبطة بتأهيل الشبكة الطرقية، وتوفير شروط العيش اللائق، وتحسين الخدمات العمومية، في سياق اجتماعي يتسم بارتفاع وتيرة التعبير المدني عن الاحتياجات التنموية في الوسط القروي والجبلـي.

وتُعزى هذه التحركات، إلى تراكم تحديات موضوعية مرتبطة بالطبيعة الجغرافية المعقدة للإقليم، واتساع الفوارق المجالية ومحدودية الاستثمارات العمومية الموجهة إلى المناطق الوعرة، وهو ما ساهم في بروز مطالب ترتبط بتحسين الربط الطرقي، وتعزيز التغطية بشبكات الاتصال، وضمان حد أدنى من الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليمية.

وقد واكبت عدد من الأحزاب السياسية هذه التحركات، لا سيما بعد احتجاجات آيت بوكماز، حيث عبرت فرق برلمانية عن ضرورة استحضار هذه الإشكالات في السياسات العمومية، ووجهت أسئلة كتابية وشفوية إلى القطاعات الحكومية المعنية، دعت من خلالها إلى تفعيل البرامج الموجهة لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، كما طالبت بإحداث لجان تتبع ميدانية للوقوف على وضعية البنيات والخدمات في المناطق الجبلية التي تعرف كثافة سكانية موسمية أو دائمة.

وتشير المعطيات الترابية إلى أن جماعة آيت أمحمد، شأنها شأن جماعات جبلية أخرى في الإقليم، تغطي مساحات واسعة تمتد على تضاريس صعبة، مما يطرح تحديات إضافية أمام تنفيذ المشاريع التنموية، ويجعل ربط الدواوير بالخدمات الأساسية رهينا بجهود تنسيقية على المستوى الجهوي والوطني، كما أن وتيرة التدخلات التنموية تظل متأثرة بإكراهات التمويل ومحدودية الموارد البشرية المؤهلة للعمل في المناطق المعزولة.

ويضع هذا الوضع الاجتماعي السلطات العمومية أمام أسئلة متجددة حول نجاعة البرامج التنموية الموجهة إلى العالم القروي، لا سيما تلك التي انطلقت منذ سنة 2017 في إطار "برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية"، الذي رُصدت له اعتمادات مالية هامة، وتم تمديده إلى حدود سنة 2025 غير أن انعكاساته الميدانية ما زالت متفاوتة من منطقة إلى أخرى، خاصة في الأقاليم الجبلية التي تتطلب تدخلات مخصصة من حيث طبيعة البرامج ونمط الإنجاز ومواكبة الاستغلال.

في ضوء ذلك، تبقى المسيرة التي نظمتها ساكنة دواوير آيت بوكماز واحدة من المؤشرات الميدانية على استمرار التفاوتات المجالية وعلى الحاجة إلى آليات مؤسساتية أكثر فعالية في الاستجابة للمطالب التنموية المحلية، سواء من حيث الاستباق أو التفاعل، كما تعكس هذه التحركات الحاجة إلى تعزيز حضور المؤسسات العمومية والخدمات الأساسية في المجال الجبلي، بما يضمن الحد من موجات الاحتجاج ويعزز ثقة الساكنة في آليات الوساطة والحوار المؤسساتي.

إذا كان الملك لا يثق في السياسيين فماذا بقي للشعب؟

من المشكوك فيه أن يكون السياسيون عندنا في المغرب، قد فهموا رسالة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في خطاب الذكرى الـ 18 لاعتلائه العرش، حينما تساءل قائلا: "إذا أصبح ملك ...