استطلاع لـ "الصحيفة": 91% يستبعدون تجاوب الجزائر مع دعوة الملك محمد السادس للحوار "الصريح والمسؤول" لحل الخلافات بين البلدين

 استطلاع لـ "الصحيفة": 91% يستبعدون تجاوب الجزائر مع دعوة الملك محمد السادس للحوار "الصريح والمسؤول" لحل الخلافات بين البلدين
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 20 غشت 2025 - 22:45

أظهر استطلاع للرأي أجرته "الصحيفة" عقب الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش، الذي دعا فيه الملك محمد السادس الجزائر إلى فتح "حوار صريح ومسؤول" لتجاوز الخلافات الثنائية، تشاؤما واضحا في أوساط المغاربة بخصوص إمكانية استجابة السلطات الجزائرية لليد الممدودة.

المزاج العام الذي كشفته نتائج الاستطلاع بدا واضحا، فقد صوّتت أغلبية ساحقة من المشاركين، بلغت نسبتها 91 في المائة أي ما يعادل 945 شخصا من أصل 1036 شاركوا في عملية التصويت، بـ"لا"، معبّرين عن اعتقادهم الراسخ بأن الجزائر لن تستجيب لدعوة الملك محمد السادس إلى حوار صريح ومسؤول.

 في المقابل، لم يتجاوز عدد المتفائلين الذين أجابوا بـ"نعم" سوى 53 شخصا بنسبة لا تتعدى 5 في المائة من مجموع المصوتين، وهي نسبة ضئيلة تكشف حجم الفجوة بين الدعوة الرسمية والرؤية الشعبية، أما الفئة التي اختارت أن تظل في منطقة الحياد أو الترقب، فقد مثّلت 3 في المائة فقط أي 38 مشاركا فقط ممن قالوا "لا أدري" وهو ما يعكس حالة من الحذر والانتظار أكثر مما يعكس قناعة بإمكانية تغير الموقف الجزائري في المدى القريب.

نتائج استطلاع "الصحيفة".

هذه الأرقام، بما تحمله من دلالات ترسم من جهة ثانية صورة دقيقة لمزاج عام لا يراهن كثيراً على تجاوب الجارة الشرقية، بل يميل إلى قراءة الواقع بعين متشائمة تستحضر تجارب الماضي وتراكمات الحاضر، فيما أول ما يلفت الانتباه هو الحجم الاستثنائي للفجوة بين التطلّع الرسمي ومشاعر الجمهور.

وخطاب العرش وضع "عرضا سياسيا واضحا"، بضرورة فتح حوار مباشر من دون وسطاء وبلا شروط مسبقة، لتجاوز تراكم الخلافات ومع ذلك، تكشف نتيجة 91% الرافضة لاحتمال تجاوب الجزائر عن أثرٍ تراكمي لسنوات من الانسداد وانعدام الثقة.

المؤشر الثاني يتعلق بطبيعة "الرفض" التي تعلو على "عدم اليقين"، ففي المعتاد حين تكون المعطيات ملتبسة، يتوسع هامش "لا أدري" لكننا أمام 3% فقط اختاروا الحياد، مقابل رفضٍ كاسح وهذا يميل إلى الإيحاء بأن الجمهور لا يرى الملف رهنا بتقلب ظرفي بل يقرؤه كخيار سياسي جزائري مستقر يكمن في دعم معلن لجبهة البوليساريو وسردية رسمية تتهم الرباط بـ"الأعمال العدائية"، وقرارات قطيعة متتالية.

ومن يتابع خطابات الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش سنة 1999 يكتشف أن الدعوة التي جددها في خطاب العرش الأخير إلى "حوار صريح ومسؤول" مع الجزائر ليست مبادرة طارئة ولا خطابا ظرفيا، بل هي جزء من نهج متواصل أصبح بمثابة "بوصلة" ثابتة للسياسة المغربية تجاه الجارة الشرقية، فالملك وفي أكثر من محطة، شدد على أن مستقبل المغرب والجزائر لا يمكن أن يُبنى على القطيعة وإغلاق الأبواب وإنما على التعاون والتكامل لمواجهة تحديات التنمية والأمن والاستقرار في منطقة شديدة الاضطراب.

وكانت اليد الممدودة التي تحدث عنها الملك سنة 2018 مثالا بارزا لهذا التوجه، حين دعا بشكل مباشر وصريح إلى إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور مع الجزائر، في وقت كانت فيه العلاقات بين البلدين تمر بأحد أصعب فصولها ويومها، لم يشترط المغرب وسطاء ولم يضع شروطا مسبقة، بل طرح عرضا مفتوحا لتجاوز الخلافات، انطلاقا من قناعة بأن التعايش والتعاون ليس خيارا ترفيا، بل ضرورة جيوسياسية لبلدين يتقاسمان التاريخ والجغرافيا والمصير غير أن الرد الجزائري لم يتجاوز كلمات المجاملة الشكلية التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ، ما جعل اليد المغربية الممدودة تظل معلقة في الفراغ.

وتكرر المشهد ذاته في خطابات لاحقة، أبرزها خطاب العرش لسنة 2021، الذي جاء في سياق بالغ الحساسية، بعد أن أقدمت الجزائر على قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بشكل أحادي، وأتبعت ذلك بقرار إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية والعسكرية، فرغم قسوة هذه القرارات عاد الملك ليؤكد أن المغرب لن يكون سببا في تأزيم الوضع أو زيادة الهوة، مجددا التزامه بمبدأ الانفتاح والدعوة إلى الحوار وهذا الثبات على الموقف لم يكن مجرد لغة دبلوماسية، بل إشارة واضحة إلى أن الرباط تضع خيار المصالحة فوق الحسابات الظرفية، معتبرة أن التاريخ والجغرافيا وروابط الأخوة أقوى من كل ما يفرّق.

لكن في المقابل، ظل الموقف الجزائري يتسم بالتصلب والتعنت حيث يُصرّ النظام الحاكم على تبني خطاب عدائي يلقي بالمسؤولية على المغرب فيما تسميه "أعمالا معادية"، في الوقت الذي يواصل فيه الملك محمد السادس توجيه رسائل متكررة لفتح صفحة جديدة، بل إن الجزائر بدل أن تلتقط هذه المبادرات، اختارت تعميق القطيعة وتصعيد خطابها السياسي والإعلامي، مع إصرارها على دعم جبهة البوليساريو وإقحام ملف الصحراء في صلب خلافاتها مع الرباط.

وهذا التباين الواضح بين منطق "اليد الممدودة" من الرباط و"الأبواب المغلقة" من الجزائر هو ما يفسر بعمق نتائج الاستطلاع الذي أجرته "الصحيفة"، ذلك أن الرأي العام المغربي لم يعد يقرأ المبادرات الملكية في معزل عن التجربة التاريخية المتراكمة، بل يقيسها بما آلت إليه محاولات سابقة لم تفضِ إلى شيء ملموس، وهو ما يفسر نسبة الـ91 في المائة من المصوتين الذين استبعدوا تجاوب الجزائر فالخيبة المتكررة جعلت الجمهور المغربي أكثر واقعية وأشد تشاؤما، إذ لم يعد ينتظر من خطابات حسن النية سوى أن تُقابلها خطوات عملية من الطرف الآخر، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

وبذلك يصبح خطاب العرش الأخير بمثابة استمرار لسلسلة طويلة من الرسائل الملكية التي حاولت أن تفتح كوة في جدار الأزمة، من دون أن تجد من الجانب الجزائري سوى تصلب في الموقف وتشبث بخيارات القطيعة.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...