الإدريسي: سنقاوم "قانون الإضراب" والمواطن لم يعد قادرا على أداء الضرائب للدولة

 الإدريسي: سنقاوم "قانون الإضراب" والمواطن لم يعد قادرا على أداء الضرائب للدولة
حوار - هشام الطرشي
الأربعاء 25 شتنبر 2019 - 16:30

لا صوت يعلو فوق صوت الدخول السياسي لهذه السنة وخصوصيته التي يستمدها من مخرجات خطاب العرش العشرين، والذي حدد مجموعة من الأولويات التي ينبغي الحسم فيها قبل متم شهر أكتوبر المقبل. وهو ما يفسر تراجع الاهتمام بالدخول الاجتماعي والملفات الساخنة التي يلوح بها في وجه الحكومة وباقي الفاعلين الاجتماعين، نقابات وباطرونا.

ولتسليط الضوء أكثر على "الدخول الاجتماعي" المرتقب، نستضيف في هذا الحوار الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي عبد الرزاق الادريسي، الذي استمعنا لآرائه بخصوص عدد من القضايا والملفات ذات الراهنية الاجتماعية، انطلاقا من الاحتجاجات ذات النفس الاجتماعي التي تعرفها عدد من مناطق المغرب، وصولا إلى موقف الـFNE  التوجه الديمقراطي من مشروع قانون الاضراب، مرورا بتنزيل القانون الاطار للتربية والتكوين، ثم علاقة النقابة بالاتحاد المغربي للشغل، وموقفها من دعوة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لكل اليساريين إلى التوحد وتشكيل جبهة يسارية موحد. 

- كثر الحديث منذ خطاب العرش الأخير عن الدخول السياسي المرتقب، ماذا عن الدخول الاجتماعي لهذه السنة، وما هي أهم مميزاته؟

مع الأسف يبدو أن الدخول الاجتماعي الحالي لا يختلف عن سابقيه، فالجميع، بما في ذلك أطراف في التحالف الحكومي، يقرون باتساع دائرة الهشاشة والفقر، ولعل كثرة وحرارة الملفات الاجتماعية المطروفة براهنية وإلحاح على طاولة الحكومة تعكس الارتجالية في التعاطي معها، منها ضرب العمل القار والدائم واستبداله بعقد الشغل المحدد المدة، وبالتشغيل عن طريق وكالات ريعية للوساطة والمناولة والتدبير المفوض (الحراسة والنظافة والتعاقد..)، وعدم تطبيق مدونة الشغل رغم علاتها (الحد الأدنى للأجر وساعات العمل اليومية والعطل الأسبوعية والسنوية والوطنية والدينية، والتصريح لصندوق الضمان الاجتماعي، واحترام الحق النقابي..

وباتساع دائرة البطالة لتشمل حاملي الشهادات حيث تبلغ لدى الشباب في الحواضر أكثر من 40 في المئة، مع ما يقرب من ثلاثة ملايين مواطن لا يتوفرون على تقاعد، و60 في المئة من الأجراء لا يتوفرون على الحماية الاجتماعية والصحية و60 في المئة من المغاربة الذين يعيشون الفقر والحاجة، إضافة إلى أكثر من 33 في المئة يتخبطون في الجهل والأمية. 

مع الاجهاز الممنهج على ما تبقى من القطاع العمومي في التعليم من الأولي إلى العالي، من جهة وتشجيع المصحات الخاصة، من جهة أخرى، ناهيك عن مخلفات الفيضانات التي تشهدها العديد من مناطق المغرب من ضحايا كشفت هشاشة البنيات التحتية. ثم الفساد والغش في عدد كبير من المشاريع باعتراف تقارير رسمية، مع عدم احترام المعايير التقنية فيها. كلها مؤشرات وعوامل ينضاف إليها واقع الاعتقال السياسي ببلادنا كقضية طبقية، حيث يقضي العديد من معتقلي حراك الريف والصحفيين والطلبة ضريبة دفاعهم عن المجتمع وقضاياه العادلة.

إضافة إلى ما يعرفه الدخول المدرسي والجامعي الحالي، من تعثر واضح وارتجالية في التسيير تفضحها البنيات التحتية الجد مهترئة والخصاص في أطر التدريس والإدارة والاقتصاد والتأطير والمراقبة. ثم الاكتظاظ الكبير في المؤسسات التعليمية، مع توالي تغيير الكتب المدرسية بشكل مستمر وعدم توفيرها إلى حدود اليوم، واستمرار التعاطي اللامسؤول للحكومة والوزارة مع مطالب الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد وعدم الاستجابة للعديد من الملفات الفئوية والعامة والمشتركة، وتمرير مشروع قانون الإطار ضدا على إرادة الشعب ومطامحه في تعليم عمومي جيد، موحد ومجاني.

كلها مؤشرات تزكي السياسات الحكومية الممنهجة الموغلة في الارتجالية مما ينعكس على موقع بلادنا في سلم المؤشرات الدولية، فأنتم تعلمون أن المغرب يحتل اليوم في المرتبة 123 في سلم التنمية البشرية و88 في سلم الفساد و125 في سلم الديمقراطية و148 في حرية التعبير والصحافة، والمرتبة 73 من 75 دولة في التعليم، و48 من 50 دولة في تحكم التلاميذ في القراءة. كما أنه يوجد ضمن 21 دولة بأسوأ نظام تعليمي بحسب معايير اليونسكو.

خلاصة القول هي أن الوضع الاجتماعي متفاقم والشعب المغربي يقاوم هذا الوضع من خلال حِراكات واحتجاجات ينقصها التضامن والوحدة والأفق السياسي، ولا أدل على ذلك حراك الريف وجرادة وزاكورة وأوطاط الحاج واميضر وغيرها، إضافة إلى احتجاجات العطش وانتفاضة الأساتذة والطلبة الأطباء والممرضين والمهندسين والباعة المتجولين وشرائح مهمة من سكان البوادي.

- بحسبكم، ما هي أهم الملفات الاجتماعية المطروحة على طاولة الحكومة والنقابات والباطرونا أيضا؟

تعمل الدولة وحكومتها حاليا على التهييء لمزيد من التراجعات خصوصا محاولة تمرير مشروع قانون الإضراب الذي يحمل في مضامينه كل أشكال تكبيل ومنع وتجريم ممارسة العمال والموظفين والكادحين والطلبة لحقهم في الإضراب للدفاع عن مطالبهم، والتضامن بينهم في قطاعات ووحدات إنتاجية ومؤسسات مختلفة، كما تحضِّر الدولة وحكومتها للمزيد من ضرب كل مكتسبات الموظفين والوظيفة العمومية عبر استبدال الأنظمة الأساسية القطاعية والفئوية والمشتركة بدليل مرجعي للوظائف والكفاءات (REC) خاص بتدبير الموارد البشرية (GRH).

أضف إلى ذلك المقاربة المعتمدة في تنزيل الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين من خلال قانون الإطار وما سيصاحبه من تشجيع خوصصة التعليم من الأولي إلى العالي وفي مختلف المناطق وهو ما يشكل ضربا لما تبقى من مجانية التعليم. كما تحضر الحكومة لمراجعة دعم غاز البوتان والسكر، وذلك بعد تمريرها لقوانين تصفية الرصيد العقاري السلالي المقدر ب 15 مليون هكتار.

هذه إذن أبرز الملفات المفروض مواجهتها من طرف النقابات التي أنهكتها البيروقراطية والانتهازية، وهذا ما يفسر لجوء الدولة للمقاربة الأمنية لإسكات وقمع الحركة الاجتماعية ولكن إلى متى؟

أقول أنه على الحركة النقابية، ومن بينها نحن في الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، ومعها الحركة الحقوقية والطلابية وقوى اليسار المناضل، التي ترفض هاته المشاريع التراجعية، أن تعمل بشكل وحدوي لإسقاطها، وضرورة العمل على فرض احترام جميع الحقوق ومن بينها الحق في الإضراب كسلاح وحيد للطبقة المنتجة والكبيرة في المجتمع.

- طيب، ما هو تقييمكم لعلاقة الحكومة بالفاعلين الاجتماعيين، مع استحضار توجيه ملكي سابق بضرورة استدامة الحوار مع النقابات أيا كانت نتائجه؟

بعد تقرير البنك الدولي الصادر سنة 1995، أعلن الحسن الثاني في خطاب أمام البرلمان أن المغرب يعيش مرحلة السكتة القلبية، وسنة 1996 أقر ما سمَّاه مأسسة الحوار الاجتماعي كحيلة سياسية للالتفاف على مبدأ التفاوض الجماعي بين أطراف الإنتاج.

من جهتي أرى أن الحوار الاجتماعي لا يعدو كونه خدعة للتنصل من الاستجابة لمطالب العمال والفلاحين والمستخدمين والموظفين، وأستحضر هنا مسألة مهمة تزامنت مع موجة ما سمي بالربيع العربي والمغاربي، حيث عمدت حكومة عباس الفاسي من خلال اتفاق 26 أبريل 2011 إلأى زيادة 600 درهم للموظفين والمستخدمين و10 بالمئة للقطاع الخاص على سنتين، وذلك بهدف تحييد الطبقة العمالية والطبقة المتوسطة من صراع الدولة ضد حركة 20 فبراير، وهي الإجراءات التي سرعان ما انقلب عليها بنكيران وحكومته، والتي بالمناسبة جاءت أصلا لإجهاض مطالب الحركة، حيث تم إقرار سلسلة من التراجعات التي فاقمت الوضع الاجتماعي ومنها تحرير أسعار المحروقات وتصفية 90 بالمائة من صندوق المقاصة وتدمير تقاعد الموظفين وإيصال التشغيل في الوظيفة العمومية إلى هشاشة غير مسبوقة عبر التدبير المفوض وشركات المناولة والوساطة وعبر التوظيف بالتعاقد وفصل التكوين عن التوظيف.

كل هذه التراجعات الكبيرة واكبها إما حوار اجتماعي مغشوش وإما تجميد كلي لهذا الحوار مما أضرَّ بأوسع الطبقات بما فيها المتوسطة، كما أضر أيضا بالحركة النقابية ومس بمصداقيتها، وقـس على ذلك سائر الوسائط بين الدولة والمجتمع، مما اضطر الشعب إلى التوجه بمطالبه مباشرة إلى المؤسسة الملكية.

فالحكومات المتعاقبة لها علاقات صراع مع الفاعل الاجتماعي المناضل، انسجاما مع كون الحكومة هي تعبير عن مصالح الحاكمين الممسكين بالسلطة الفعلية بالبلاد، والرافضين للتوزيع العادل للثروات على عموم الشعب. وهو ما يُترجَم من خلال سياسات عمومية تراجعية في جل القطاعات الحيوية.

ونحن نعتبر أن الحكومة الحالية قدمت خدمات جليلة لأسيادها، وانتجت كل التشريعات المُفضِية إلى تفقير الفقير وإغناء الغني، والحوارات التي تجريها مع النقابات كانت دوما دون تطلعات الحركة النقابية والطبقة العاملة، لأنها تحاول من خلالها امتصاص الغضب وربح الوقت وتمرير المشاريع التراجعية.

- الظاهر أن طردكم من الاتحاد المغربي للشغل جدَّد جذوة النضال فيكم، أسستم الجامعة الوطنية للتعليم - التوجه الديمقراطي، وصرتم منافسا للنسخة الأولى لذات الجامعة، كيف يدبر الاتحاد المغربي للشغل نقابتين في التعليم؟

جذوة النضال ظلت متقدة فينا وفي كل من يؤمنون بأفق ديمقراطي للنضال النقابي والحقوقي، لكن عملية الطرد، في مارس 2012، أملتها شروط ما سمي بالربيع العربي والمغاربي في فبراير 2011، فعندما فَطِنَ المخزن لانخراط الحركة النقابية والعمالية في ثورات مصر وتونس، وتحولت موازين القوى لفائدة حركة التغيير، ارتعدت فرائسه من انخراط العمال والفلاحين والكادحين في حركة 20 فبراير فلجأ لأذرعه من البيروقراطية والانتهازية لإقصاء وتصفية التوجه النقابي المكافح، المدافع عن الديمقراطية الداخلية والشفافية المالية والتدبير الجيد للكفاح ولممتلكات الاتحاد، وذلك من خلال عملية الطرد من الأمانة الوطنية (غامري – أمين – الإدريسي) واللجنة الإدارية الوطنية، والاتحادات الجهوية والمحلية ومن عدد من القطاعات، التعليم والفلاحة والجماعات المحلية والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمالية والفوسفاط وغيرها....

فتم طردنا من مختلف الأجهزة ومنعنا من دخول كل مقرات الاتحاد على الصعيد الوطني بأي شكل من الأشكال، بل وغلق مقر الاتحاد بالرباط لمدة أكثر من سنة بالحديد والنار (السودور). كل ذلك كان الغرض منه إبادة التوجه الديمقراطي، كان الهدف قتله، لكنه استمر تنظيما مناضلا ومكافحا يلجأ له المهضومة حقوقهم كفضاء ديمقراطي مبني على الصدق والجدية.

عقدنا المؤتمر الوطني العاشر للجامعة رغم المنع والحصار المخزني، واستمرت الجامعة في بناء ذاتها ممتدة أفقيا وعموديا، وحصلت على التمثيلية العددية بقطاعي التربية الوطنية والتعليم العالي في استحقاق الانتخابات المهنية لـ 3 يونيو 2015، ونعتبر أنفسنا نقابة قطاعية وحدوية مع كل التعبيرات النقابية والسياسية والجمعوية للنضال من أجل نظام تعليمي عمومي مجاني علمي موحد وجيد ولكل بنات وأبناء شعبنا.

- لماذا لم يتخذكم أعضاء باقي القطاعات النقابية التابعة للاتحاد المغربي للشغل قدوة، بتعميم فكرة "التوجه الديمقراطي" على باقي القطاعات؟

لقد استطاع المناضلون الحفاظ في الوقت نفسه على الذات والإبقاء على جذوة النضال مشتعلة وقد تم تدبير عملية الطرد والاقصاء من خلال تنظيم وهيكلة التوجه الديمقراطي عبر المناضلين الذين بقوا داخل الاتحاد أو الذين تعرضوا للطرد وهو ما أطلقنا عليه تدبير الصمود للحفاظ على الكفاحية والوحدة وضد التشرذم والتمزيق والضعف. لذلك استرجعت بعض القطاعات موقعها داخل الاتحاد بقرارات من داخل أجهزتها التقريرية وباتفاق مع قيادة الاتحاد، وظلت الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي صامدة وقوية ومستقلة عن المخزن وخدامه ومتمسكة بالوحدة النضالية في أفق الوحدة التنظيمية التي نعمل على بلورتها ميدانيا بالمبادرة والعمل الوحدوي.

فتجربة التوجه الديمقراطي شكلت نقطة مضيئة في الحركة النقابية المغربية في صراعه ضد البيروقراطية النقابية، وفتحت أملا لكل الناقمين عليها والمتضررين من عنفها التنظيمي. ومن حق كل تعبيرات الأجراء أن يتخذوها قدوة لبناء أفق النقابة الواحدة الموحدة والديمقراطية.

- (إيديولوجيا تنتمون لليسار)، أطلق حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حملة للتواصل والنقاش بهدف اقناع الاتحاديين الغاضبين وقوى اليسار عموما بالعودة للبيت الاتحادي والتكتل من جديد، كيف تقرؤون هذه الخطوة وهل من آمال معقودة على نجاحها؟

الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي نقابة جماهيرية ووحدوية وديمقراطية وتقدمية وتضامنية ومستقلة عن الدولة والباطرونا والأحزاب، لذلك فهي غير معنية بالمبادرة التي وردت في السؤال والمبادرة داخلية تهم الحزب المذكور.

- كيف تقيِّمون تراكم سياسات الدولة في قطاع التربية والتكوين، خصوصا ما يتعلق بخصوصية كل مرحلة تعليمية؟

شكل الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 2000 أحد مخططات الدولة في قطاع التعليم، وضمت مضامينه أحد مداخل الإجهاز على كل مقومات التعليم العمومي (المجانية، التمويل العمومي، التوحيد، الخوصصة...)، وسعيا للتدرج في تمرير الخيارات الليبرالية بقطاع التعليم تم إخراج البرنامج الاستعجالي وبعده الرؤية الاستراتيجية، وكل هذه الصيرورة من الخطابات والمخططات هدفها تدمير التعليم العمومي وتوسيع نفوذ التعليم الخصوصي بتمكينه من كل الامتيازات على حساب الحق في التعليم العمومي المجاني تتحمل الدولة أعباءه.

إن السياسات المتعاقبة في مجال التعليم تبين أن حقل التعليم العمومي ظل مجالا للصراع بين التحالف الطبقي السائد ومعه المصالح الرأسمالية العالمية والقوى الاجتماعية الواسعة - انتفاضة 23 مارس 1965 - ضد المذكرة المشؤومة وحمام الدم الذي أعقبها، والنضال المرير أيضا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب والنقابات المناضلة من أجل تعليم شعبي ديمقراطي – وأيضا نضال قوى التحرر الوطني التي كافحت من أجل الحق في التعليم العصري والمجاني والجيد.

إلا أن الرؤية الاستراتيجية والقانون الاطار سيبخر آمال الشعب المغربي في تعليم مُوَحَّد ومجَّاني ومُعمَّم وعصْري، وجاء تتويجا للهجوم المكثف على التعليم العمومي بالخصوص منذ سياسة التقويم الهيكلي لسنة 1983 من منطلق تبني الدولة للرؤية الموازناتية والتقنوية بتوجيه من المراكز المالية العالمية وقد كرس دستور 2011 في المادة 31 الانتقال من الدولة الراعية إلى الدولة المستقيلة. لكن المقاومة ستستمر وستظل الجامعة الوطنية للتعليم مستميتة في مقاومة هذه المخططات وكشف عمقها وخلفياتها الطبقية.

- لكن كيف ستتعاملون مع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بعد ما تمت المصادقة عليه، خصوصا مع توالي تصريحات الوزير الوصي على القطاع والتي كان آخرها فتح آفاق للتعليم الخصوصي بالقرى؟

منذ الإعلان عن مشروع قانون الإطار وبعد اطلاعنا على مضامينه عبرنا في الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي بمعية نقابات أخرى وأحزاب سياسية وحركة حقوقية عن رفضنا له وطالبنا بضرورة سحبه، لكن منطق الدولة انتصر لخيار بيع التعليم العمومي، من الأولي (الروض) إلى العالي، ضدا على الدور المحوري للمرفق العمومي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ويشكل التصويت على هذا المشروع (يومي 22 يوليوز و2 غشت 2019) ضربة موجِعة للتعليم العمومي ومستقبله، لكننا متأكدون أن تيار الخوصصة لا مستقبل له، ورد الشعب سيكون قاسيا من أجل استرجاع كل الخدمة التعليمية لأنه لم يعد قادرا على أداء الضَّرائب للدولة وأداء خَدمات التعليم والصحة والنقل...، رغم التصريحات الوزارية التي تبيع الوهم، وذلك في ظل عدم توفر الخدمات العمومية الدُّنيا في القرى والمناطق المفقّرة والمهمَّشة، وتدمير الفلاحة وانتشار البطالة والهجرة في كل اتجاه.

- من المرتقب أن يتم الشروع في مناقشة مشروع قانون الاضراب مباشرة بعد افتتاح البرلمان، ما هي قراءتكم لمضامين المشروع وكيف تنظرون للمنهجية التي اعتمدت في صياغته؟

لقد عايشنا محاولات متعددة من طرف الحكومات في شأن مشروع قانون الإضراب، استطاعت الحركة النقابية في كل مرة إجهاضها، وفي الوضع الحالي، كل مكونات الحركة النقابية واليسار المناضل والحركة الحقوقية عبروا عن رفضهم لهذا المشروع، ولكن الواجب علينا جميعا هو ترجمة الموقف ميدانيا عبر فعل وحدوي جماهيري ضاغط لإسقاطه وفرض الحق في الإضراب دون شروط، وايقاف كل الاقتطاعات غير القانونية التي باشرتها وتباشرها الحكومة من أجور المضربين والمضربات عن العمل. وعلى الدولة أن تحترم منتجي الخيرات وحقوقهم النقابية والسياسية.

كـل الدساتير التي مرت منذ سنة 1962 نصت صراحة على الحق في الاضراب وهذا مبدأ لا يتجزأ، وبناء عليه فإن أي قانون تنظيمي يجب أن ينظم ويضمن حرية ممارسة هذا الحق، والجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي تعتبر أن المشروع  غايته تكبيل هذا الحق الدستوري، وحفاظه على نفس المضامين الحالية سيكون مناقضا لسمو النص الدستوري الذي تعترف ديباجته بسمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية ويتناقض كذلك مع 20 مادة حقوقية ومع مرتكزات عدد من المؤسسات الدستورية، لذلك فإن أي قاضي دستوري مغربي ومستقل في قراره سيرفضه حتما.

إننا في الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي سنقاوم هذا القانون التكبيلي والتجريمي للإضراب لأنه يستهدف الطبقة العاملة والمستخدمين والموظفين والطلبة، وتجريدهم من سلاحهم الوحيد لمقاومة الاستغلال والاستبداد، كما نطالب بدل ذلك بقانون تنظيمي يتيح السيادة الكاملة للعمال والموظفين في ممارسة حرياتهم وحقوقهم الديمقراطية وعلى رأسها الحق في الإضراب في مواجهة استغلال الباطرونا والدولة الطبقية.

وفي نفس الإطار الاحتجاجي على ما آل إليه التعليم العمومي وأوضاع العاملات والعاملين به، وبمناسبة اليوم العالمي للمدرِّس (5 أكتوبر)، فقد دعونا في الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي إلى مسيرة وطنية يوم الأحد 6 أكتوبر 2019 ابتداء من العاشرة صباحا بالرباط، تنطلق من باب الأحد وصولا للبرلمان مرورا بمقر وزارة التربية الوطنية.

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...