محلل نفسي يُشَرِّح أسباب رغبة المغاربة في إعدام قاتل عدنان

 محلل نفسي يُشَرِّح أسباب رغبة المغاربة في إعدام قاتل عدنان
الصحيفة – حمزة المتيوي
الثلاثاء 22 شتنبر 2020 - 12:00

في الخامس من شتنبر سنة 1993، اقتيد العميد الممتاز محمد مصطفى ثابت من سجنه إلى غابة خارج المدار الحضري لمدينة الرباط، حيث أُنهيت حياته رميا بالرصاص في قضية لا زالت بالنسبة للكثيرين عصية على الفهم إلى حدود اليوم، بعدما تورط الرجل في أكثر من 500 عملية اغتصاب وابتزاز جنسي كان يوثقها على أشرطة فيديو لم تسلم منها حتى القاصرات والمسنات، ليصبح بذلك آخر شخص ينفذ فيه حكم الإعدام في المغرب إلى اليوم.

وعلى الرغم من أن القانون الجنائي المغربي في الفصل 392 ينص على عقوبة الإعدام في حق المتورطين في جرائم القتل المسبوقة أو المُصاحَبة أو التي يُعقبها القاتل بجريمة أخرى، وينص عليها أيضا في الفصل 393 إذا اقترنت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، إلا أن الدولة اختارت طيلة 27 عاما أن تمسك العصا من المنتصف لتوازن بين المطالب الحقوقية الرافضة لهذه العقوبة وبين المطالب الشعبية الداعية إلى تطبيقها في حق مرتكبي الجرائم البشعة، فكان أن تركت المجال مفتوحا أمام القضاة لإصدار حكم الإعدام لكنها علَّقت عمليا تنفيذه.

غير أن قضية الطفل عدنان بوشوف، الذي تعرض للاختطاف والاعتداء الجسدي والجنسي والقتل ثم الدفن، من طرف "بيدوفيل" بمدينة طنجة، أعادت بإلحاح فتح نقاش حكم الإعدام بعدما بلغ الأمر درجة الصدام بين الأصوات الحقوقية الرافضة للعقوبة رغم فظاعة الجريمة والأصوات الشعبية الداعية إلى إنزال أقصى درجات القصاص في حق القاتل، لدرجة أن بعض المُطالبين بذلك فضلوا أن يتم الأمر وسط ساحة عمومية.

البيدوفيليا.. المستهدف الرئيس

ويفرض هذا التوجه فهم الأسس النفسية لمطلب الإعدام الذي تعالت به الأصوات في قضية اغتصاب وقتل عدنان صاحب الـ11 ربيعا، بشكل يتجاوز نظيره في جرائم أخرى اتسمت بدورها بالبشاعة، مثل جريمة إمليل في دجنبر من سنة 2018، حين قام 3 شبان يدينون بالولاء لتنظيم "داعش" بمهاجمة سائحتين دانماركية ونرويجية تبلغان من العمر 24 و28 عاما تواليا وقتلوهما ذبحا فيما تولى شخص رابع تصوير العملية، وهو الأمر الذي يفسر خلفياته لـ"الصحيفة" الطبيب والمحلل النفسي الدكتور جواد مبروكي.

د. جواد مبروكي

ويرى مبروكي أن جزءا كبيرا من المغاربة يدعون إلى إعدام البيدوفيليين المتورطين في جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال سواء ارتبط الأمر بجريمة قتل أم لا، موردا أن قطاعا عريضا من الناس "يحلون محل المحكمة ويعلنون حكم الإعدام بالرجم في مكان عام حتى يكون هذا الحكم عبرة لكل من أراد ممارسة الجنس مع الأطفال، وهو الأمر الذي تكرر في الجريمة التي راح ضحيتها الطفل عدنان"، مستطردا "لكن تاريخ البشرية أظهر لنا أن هذا الشكل من العقاب لم يقلل أبدا من الجريمة".

وبلغة الأرقام، يقول الخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي إن المغرب يشهد تعرض 3 أطفال للاعتداء الجنسي يوميا، حسب ما ورد في تقرير للائتلاف المغربي ضد الاعتداء الجنسي على الأطفال سنة 2015، أما حسب دراسة لجمعية "Colosse aux pieds d´argile" الفرنسية فإن المعتدي يكون جزءا من محيط الطفل في 94 في المائة من الحالات، وفي كل 9 من أصل 10 حالات اعتداء جنسي لا يتم إبلاغ السلطات، والأخطر من ذلك أن 20 في المائة من أفراد المجتمع تعرضوا لاعتداء جنسي أو لمس ذي طبيعة جنسية.

اعتداءات مسكوت عنها

وينطلق مبروكي من هذه الأرقام للوصول إلى نتيجة ملفتة، مفادها أن من بين أولئك الذين يطالبون بعقوبة الإعدام في حق البيدوفيل، ربما نجد عددا كبير منهم، يُقدر بنحو 20 في المائة، كانوا ضحايا اعتداء جنسي خلال طفولتهم أو ضحايا سِفاح القربى، لكنهم لم يُبلغوا السلطات بتعرضهم للإيذاء الجنسي.

ويستنتج المتحدث نفسه أن المطالبة بالإعدام هنا "ليست مُطالبة بالعدالة، بل هي رغبة في الانتقام"، مضيفا "بعبارة أخرى وبصورة أوضح، لقد وقع في المجتمع عدد ضخم من ضحايا الاعتداء والاغتصاب الجنسي أثناء الطفولة دون أن يتمكنوا من التنديد بالمعتدين عليهم، وبالتالي يتم إسقاط ألمهم وإحباطهم على البيدوفيل المعتقل من طرف الشرطة، حيث الحكم عليه بالإعدام سوف يُمكّن كل الضحايا من الحصول على تعويضاتهم النفسية" على حد وصفه.

الإعدام أم الإفصاح؟

ويرى المحلل النفسي أن المغاربة بصفة عامة "يفضلون الموت عوض "الشوهة" أمام الناس"، وهو ما يفسر في نظره عدم إقدام عدد كبير منهم على الإفصاح عن ما تعرضوا له من اعتداء جنسي في طفولتهم وعدم التبليغ عنه حتى بعد أن يصبحوا راشدين، موردا "في رأيي، بدلاً من أن يطلب هؤلاء الضحايا الصامتون بإعدام البيدوفيل، سيكون من المفيد لهم ولمجتمعنا أن يذهبوا الآن وفورا لتقديم شكوى للسلطات حتى لو وقع لهم الحدث المؤلم قبل عشر سنوات أو حتى قبل أربعين عاما".

ويخلص مبروكي إلى أن "السلاح الوحيد ضد البيدوفيليا هو كسر حاجز الصمت والتنديد بالمعتدين، ولا يهم إن كانوا من الأقرباء الذين تبلغ نسبتهم في هذه الحالة أكثر من 90 في المائة، كما لا يهم متى وقع الاعتداء الجنسي، ولا يهم إن كان المعتدي قد مات أو أصبح شيخا على باب الموت"، مضيفا "أؤكد لكم أن هذه العملية التي تتطلب شجاعة كبيرة سوف تكون عبرة لكل بيدوفيل أكثر من الإعدام، وسوف يصبح عدد الضحايا معروفا في مجتمعنا".

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...