في بيان يتضمن تناقضات واضحة.. الجزائر تُعرب عن "أسفها" لموقف المملكة المتحدة الداعم للمغرب في قضية الصحراء
أعربت الجزائر في عن "أسفها" لاتخاذ المملكة المتحدة موقفا داعما للمغرب في قضية الصحراء، حيث أعلنت لندن اليوم الأحد، عن تأييدها لمقترح الحكم الذاتي كحل "أكثر مصداقية وبراغماتية وقابل للتطبيق"، في تطور مهم في موقفها من هذه القضية حسب تعبير وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، عقب اجتماع الدورة الخامسة للحوار الاستراتيجي بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة اليوم في الرباط.
وسارعت الجزائر بعد ساعات قليلة من إعلان المملكة المتحدة عن موقفها الجديد في بيان مشترك مع المغرب، (سارعت) لإصدار بيان عبر وزارة الخارجية، تضمن تناقضات واضحة، تتأرجح بين "الأسف" لهذا الموقف، وبين محاولة تقليل أهميته بدعوى أن المملكة المتحدة "لم تتطرق للسيادة المغربية المزعومة على إقليم الصحراء الغربية".
وقالت الجزائر في بيانها إنها تُعرب "عن أسفها لقيام المملكة المتحدة بدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي"، مشيرة إلى أن "هذا المقترح وطوال السنوات الثمانية عشرة التي أعقبت تقديمه، لم يتم عرضه على الصحراويين كأساس للتفاوض"، وهو ما يتناقض مع الواقع، حيث اقترح المغرب مرارا التفاوض على الحكم الذاتي، لكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، كانت ترفض أي حديث عنه وتصر على ما تسميه بـ"الاستفتاء وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره".
وادعت الجزائر في بيانها، بأن مقترح الحكم الذاتي "لم يتم التعاطي معه يوما على محمل الجد من قبل مبعوثي الأمم المتحدة الذين تداولوا على هذا المنصب. فقد أقر جميعهم بأن المبادرة المغربية فارغة المحتوى وغير قادرة على الإسهام في التوصل إلى تسوية جادة وذات مصداقية للنزاع في الصحراء الغربية"، وهو ادعاء لا يجد أي دلائل تسانده، حيث سبق أن اطلع مبعوثو الأمم المتحدة على مقترح الحكم الذاتي، ولم يصدر عن أي منهم بأنه "فارغ المحتوى".
وزعمت الجزائر في ذات البيان، بأن "الغاية من مخطط الحكم الذاتي المغربي لم تكن يوما الاستناد إليه كأساس حل سياسي لهذا النزاع، بل كانت مراميه الحقة تمثل على الدوام في شغل الساحة من أجل قطع الطريق أمام أي مساع جادة للتوصل إلى تسوية حقيقية، والسماح للمغرب بكسب المزيد من الوقت وتعويد المجموعة الدولية، بشكل تدريجي، على الأمر الواقع الاستعماري المتمثل في الاحتلال غير الشرعي للصحراء الغربية"، وهو زعم يرى كثيرون أنه يتناقض مع الحقيقة، حيث طالب المغرب مرارا بالاعتماد على الحكم الذاتي كحل لتسوية حقيقية لنزاع الصحراء، وهو ما كانت ترفضه البوليساريو معها الجزائر.
هذا وبعد أن أعربت الجزائر عن "أسفها" لموقف المملكة المتحدة، عادت في بيانها لتقول إنها تُسجل "بأن المملكة المتحدة لم تتطرق للسيادة المغربية المزعومة على إقليم الصحراء الغربية، ولم تقدم أي دعم لها، وهي بذلك لا تزكي الاحتلال غير الشرعي لهذا الإقليم المصنف كـ'إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي' وفقا للشرعية الدولية"، مما يثير تناقضا كبيرا وتساؤلات عن ماذا بالضبط تأسفت الجزائر مادام أن موقف المملكة المتحدة لم يحدث فيه تغيير كما تُلمح في هذه الفقرة.
وزعمت الجزائر في ذات السياق، بأن "كاتب الدولة البريطاني قد أَكَّد بشكل علني ورسمي تمسك المملكة المتحدة بمبدأ الحق في تقرير المصير"، في محاولة لتقليل أهمية موقف لندن الداعم لمقترح الحكم الذاتي، وتقريبه أكثر إلى "الحق في تقرير المصير"، في حين أن موقف المملكة المتحدة كان واضحا، بأن الحكم الذاتي هو المقترح "الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق".
وختمت الجزائر بيانها في تناقض صارخ مع مقدمته قائلة "وعلى ضوء هذه الخاصية المزدوجة التي يتميز بها الموقف البريطاني الجديد من قضية الصحراء الغربية، تأمل الجزائر في أن تواصل المملكة المتحدة، بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن، العمل على مساءلة المغرب عن مسؤولياته الدولية، والسهر على احترام الشرعية الدولية، وعلى وجه الخصوص عقيدة الأمم المتحدة في مجال تصفية الاستعمار".
ويتضح من خلال هذا الخروج السريع للجزائر بهذا البيان وتناقضاته، أن الجزائر دخلت مرحلة الارتباك في ظل الوتيرة السريعة التي تسير بها الرباط نحو طي ملف نزاع الصحراء، تحت مقترح الحكم الذاتي وفي ظل السيادة المغربية، خاصة أن بريطانيا تنضم اليوم إلى دول مؤثرة وفاعلة على المستوى الدولي، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا.
وكانت المملكة المتحدة قد اعتبرت، بشكل رسمي، اليوم الأحد، أن "مقترح الحكم الذاتي، المقدم (من قبل المغرب) في 2007، بمثابة الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، مشيرة في بلاغ مشتركة صدر عقب لقاء وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، أنها "ستواصل العمل على الصعيد الثنائي، لاسيما في المجال الاقتصادي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقا لهذا الموقف، من أجل دعم تسوية النزاع".
وأضاف البلاغ أن لندن "تدرك أهمية قضية الصحراء" بالنسبة للمغرب، مبرزا أن تسوية هذا النزاع الإقليمي "من شأنها أن توطد استقرار شمال إفريقيا وتعزز الدينامية الثنائية والاندماج الإقليمي".
كما أكدت المملكة المتحدة، في البيان المشترك الموقع اليوم بمقر وزارة الشؤون الخارجية، أن "الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات قد تنظر في دعم مشاريع في الصحراء"، خاصة في إطار "التزام الهيئة بتعبئة 5 مليارات جنيه إسترليني لدعم مشاريع اقتصادية جديدة في جميع أنحاء البلاد".





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :