الخطوط الملكية المغربية.. شركة الطيران التي تهوى "الفضائح" !

 الخطوط الملكية المغربية.. شركة الطيران التي تهوى "الفضائح" !
الصحيفة - حمزة المتيوي
الأحد 25 غشت 2019 - 12:00

يصعب على الباحث عن اسم "الخطوط الملكية المغربية" على الانترنت، أن لا ينتبه للعدد الكبير من الفيديوهات والمقالات التي تتحدث عن "فضائح" هذه المؤسسة التي يعود تاريخها لعام 1957، والتي تؤمن رحلات جوية إلى أكثر من 90 وجهة عبر العالم.

فرغم أن الشركة المغربية لم تنجح في بناء سمعة طيبة لها لدى مستعملي طائراتها، كما فشلت في وضع سياسة تواصلية تُنجيها من احتجاجات الزبناء الغاضبين وتقارير وسائل الإعلام نتيجة تكرار مشاكلها، إلا أنها نجحت بامتياز في تحويل نفسها إلى واحدة من أكثر المؤسسات المغضوب عليها شعبيا بالمغرب.

مخاطر في السماء

لم يعد غضب مستعملي "الخطوط الملكية المغربية" مقتصرا فقط على تدني خدماتها وسوء معاملتها للزبناء والتأخر المتكرر في رحلاتها الذي نتج عنه ضياع الكثير من المصالح، فالأمر أضحى أخطر من ذلك إذ بات مرتبطا بحياة الركاب الذين وجدوا أنفسهم عدة مرات، دون رغبتهم، يخوضون عباب مغامرة على ارتفاع 10 كيلومترات من سطح الأرض.

ففي غشت من العام الماضي لم يجد المسافرون على متن رحلة تربط مطار طنجة ابن بطوطة بمطار "سخيبول" بالعاصمة الهولندية أمستردام، وسيلة لإنقاذ أرواحهم سوى الصراخ والاحتجاج فوق سطح البحر، بعدما انتبهوا إلى أن طائرة "لارام" التي كانت تقلهم تُصدر أصواتا غير مطمئنة.

وطالب المسافرون ربان الطائرة بإيقافها فورا بشكل اضطراري، ويبدو أن خوفهم كان في محله، حيث تأكد طاقم الطائرة من وجود مشكلة واضطر للهبوط بمطار إشبيلية جنوب إسبانيا، وهناك تم فحص الطائرة ليتضح أنها كانت تعاني بالفعل من مشاكل ميكانيكية كادت تؤدي لكارثة، وأن وصف المسافرين لها بـ"الخردة" كان قريبا من الصواب.

لكن هذه الحادثة لم تكن الأولى ولا الأخيرة، فبعد أيام منها، وبالضبط في شهر شتنبر من السنة الماضية، نجا ركاب طائرة للرحلات الداخلية، كانت تربط بين الدار البيضاء وطانطان من كارثة جوية، حين تعطل محركها قبل دقائق من النزول بالمطار.

ووثق مسافرون هذا الأمر عبر كاميرات هواتفهم، بعدما أحسوا بوجود شيء غير طبيعي، لكن ربان الطائرة تمكن من تفادي الكارثة والنزول بسلام على أرضية المطار، فيما قال الركاب إن الطائرة لم تكن بحالة جيدة منذ انطلاق الرحلة، وإنهم أحسوا مرارا باهتزازات غير عادية.

فضائح عالمية

رغم أن قطاع السياحة يرافق قطاع الطيران في حقيبة وزارية واحدة منذ 2017، والتي يحملها محمد ساجد، إلا أن "لارام" صارت خصما عنيدا للسياحة المغربية في السنوات الأخيرة، في ظل انتشار فضائحها بسرعة وسهولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ففي فبراير الماضي، وفي غمرة انتشاء المغرب بنجاح زيارة الأمير هاري حفيد الملك إليزابيث وعقيلته الأميرة ميغان، والإشعاع الكبير الذي أعطته للفضاءات التاريخية والطبيعية للبلد ولتراثه ومطبخه، نسف مصورو العائلة المالكة البريطانية جزءا من هذه الصورة بعد إعلانهم عن ضياع حقائبهم على متن رحلة "لارام".

وللمفارقة، فإن المصورين مارك وآرثر وروكي، الذين كانوا سببا مباشرة في الترويج للمغرب، وضعوا الأصبع على واحدة من أكثر معيقات النمو السياحي في هذا البلد، بعدما نشروا على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي قصة ضياع حقائبهم، محملين المسؤولية للشركة المغربية التي قالوا إنها لم تكلف نفسها عناء إيجاد حل لهم.

لكن مصوري العائلة الملكية ليسوا البريطانيين الوحيدين الذين أعلنوا عن غضبهم من "لارام"، فسفير لندن بالرباط، توماس رايلي، بدا مصرا أكثر على إخراج فضائح الشركة للعلن عبر حسابه في "تويتر"، إذ بعدما لم تتفاعل إيجابا مع تدوينته الأولى، أتبعها بعدها بأيام بتدوينات أخرى يشكو فيها معاناته مع هذه الشركة.

وتمحورت انتقادات السفير البريطاني حول تدني خدمات الشركة، ففي 23 يونيو 2019 كتب "هل أنا فقط من يحس بذلك، أم أن الشركة قلصت المساحة المخصصة للأرجل بين المقاعد"، واصفا الرحلات بأنها غير مريحة، ثم في 27 يونيو غرد قائلا "تأخرت رحلة الخطوط الملكية المغربية ساعة عن موعد إقلاعها من لندن"، وتابع "وصلنا قبل ساعة لمطار الدار البيضاء، وما زلنا لم نحصل على أمتعتنا، يجب أن لا نستغرب إذا غضب الناس".

ويبدو أن عدم اكتراث الشركة المغربية بمواعيد والتزامات زبنائها لا ينسحب على السفير البريطاني أيضا، ففي 25 يوليوز الماضي غرد قائلا "هي ليست مسألة ساعات ولا دقائق ومع ذلك، في الخطوط الجوية المغربية، يجب أن تكون سعيدا إذا لم تتأخر الرحلة لأيام".

أسطول جامد

في فبراير 2016 أصبح عبد الحميد عدو رئيسا مديرا عاما للخطوط الملكية المغربية خلفا لإدريس بنهيمة الذي عمر في منصبه طيلة 10 سنوات، والذي وُجهت إليه كثيرا أصابع الاتهام حول السمعة السيئة التي اكتسبتها الشركة، الأمر الذي دفع خليفته للعمل على تصور جديد يستند أساسا على تطوير الأسطول وتجويد الخدمات.

لكن في أبريل من سنة 2017، سيحدث تغير جذري في علاقة الشركة المغربية العمومية بالحكومة، حيث سينتقل قطاع الطيران من وزارة التجهيز والنقل إلى وزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، التي ذهبت حقيبتها للأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري محمد ساجد، والذي لم تكن له أي علاقة مهنية في السابق بهذا القطاع.

ولا يتجاوز أسطول الخطوط الملكية المغربية 61 طائرة، ما جعل مديرها العام يطلب من حكومة سعد الدين العثماني دعم مشروعه لتطوير الأسطول بـ30 مليار درهم قصد الوصول إلى 120 طائرة، لكن هذا الأمر لم يُستقبل بالحماس المطلوب من الحكومة، وهو ما يبدو جليا في جميع خرجات عدو الإعلامية في 2018 و2019، حيث يتحدث دائما على أن المشروع بيد الحكومة، وأنه ووزارة ساجد "منكبان على وضع آخر الرتوشات عليه لتوقيع عقد البرنامج"، وهو ما لم يتم إلى اليوم.

وبصراحة نادرة، اعترف عبو في تصريحات صحفية بداية سنة 2018 بتأخر "لارام" عن شركات صاعدة عديدة، بما فيها تلك الموجودة في القارة السمراء، التي حصلت الشركة المغربية على جائزة "الأفضل" بها سنة 2014 من مؤسسة "سكاي تراكس"، إذ أورد أنه في الوقت الذي تطور فيه الأسطول المغربي خلال العشرين العاما الأخيرة بـ2 في المائة فقط، تطور نظيره الإثيوبي خلال الفترة نفسها بـ12 في المائة.

ضعف تواصل وسوء تعامل

يصعب نسيان مشهد السيدة التي صعدت فوق مكتب داخل إحدى وكالات "لارام" وشرعت في الصراخ بطريقة هستيرية بعد مسلسل طويل من الانتقال بين المطار والوكالات بحثا عن تذكرتها وتذاكر أفراد عائلتها، حيث إن الفيديو الذي ظهر سنة 2017 وانتشر على نطاق واسع، أعاد مرة أخرى طرح علامات استفهام حول مدى احترام الشركة لالتزامات الناس التي يؤدي الإخلال بها إلى تأثير مباشر على حياتهم.

ولم تعد الانتقادات الموجهة للشركة تركز على تأخر الرحلات أو ضياع الأمتعة أو الارتباك في عمليات حجز التذاكر، بقدر ما تركز على سوء معاملة العديد من مستخدمي "لارام" للزبناء وضعف قدرتهم على التواصل أو اقتراح حلول للمشاكل المطروحة، الأمر الذي وثقته كاميرات هواتف العديد من المتضررين لتنتشر الفيديوهات الواحد تلو الآخر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي عدة حالات لا تقتصر المشكلة على شخص أو عائلة، بل على جميع الركاب، مثلما حدث مثلا في نونبر 2017، حينما اضطر عشرات المسافرين الذين كانوا متوجهين للداخلة من الدار البيضاء لافتراش الأرض بعدما أجبروا على المبيت داخل مطار العيون إثر هبوط اضطراري للطائرة، أو في أكتوبر 2018 حين اضطر مجموعة من المغاربة المقيمين في الخارج للاحتجاج داخل مطار مدريد بعدما تركتهم الشركة لساعات هناك دون معرفة مصيرهم إثر هبوط اضطراري، أو في يناير من العام الجاري، حين خرجت للعلن فضيحة شتم ربان لركاب طائرة كانت تربط الدار البيضاء بأمستردام.

ورغم أن هذه الفضائح المتتالية والتي لا حصر لها لم تعد حبيسة صحف ومواقع إخبارية وطنية، بعدما صارت قنوات وجرائد أجنبية بدورها تتطرق لها، ثم بسبب انتشارها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يبدو أن الخطوط الملكية المغربية تحمل كبير اهتمام لسياستها التواصلية أو صورتها في وسائل الإعلام، وصارت تتعامل مع تلك الفضائح وكأنها "أمر بديهي".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...