الرباط ونيودلهي يواصلان التعاون الدفاعي.. وفد عسكري هندي يحل بالمغرب لاستكشاف مجالات أوسع للشراكة الثنائية
يواصل المغرب والهند مساعي التعاون في المجال الدفاعي الذي ارتفعت وتيرته في السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد توقيع الرباط ونيودلهي مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف إلى الرفع من الشراكة الثنائية في هذا المجال التي أسفرت إلى غاية اليوم عن عدة صفقات تسلح لصالح المغرب، إضافة إلى توطين الصناعة الدفاعية الهندية في المملكة.
وفي هذا السياق، كشفت السفارة الهندية في الرباط، أن وفدا عسكريا يضم 16 من كبار ضباط الجيش، من بينهم 5 من دول صديقة للهند، يقوم بزيارة رسمية إلى المغرب، إلى جانبه وفد من كلية الدفاع الوطني الهندية برئاسة اللواء أجاي كومار سينغ.
وحسب المصدر نفسه، فإن هذه الزيارة تستمر لأسبوع، من 1 إلى 7 يونيو الجاري، وقد عقد الوفد لقاء مع السفير الهندي بالعاصمة المغربية، سانجاي رانا، حيث أطلعهم الأخير على العلاقات الهنية المغربية والتعاون الدفاعي بين البلدين.
وأشارت السفارة الهندية عبر قنواتها الرسمية، أن الوفد العسكري، سيقوم خلال هذه الزيارة، بإجراء محادثات مع كبار المسؤولين العسكريين والإداريين في المملكة المغربية للتعرف على أوجه التعاون الدفاعي واستكشاف مجالات أوسع للتعاون الثنائي.
وقبل هذه الزيارة التي يقوم بها الوفد العسكري الهندي إلى المغرب، عقد السفير الهندي سانجاي رانا في 29 ماي الماضي لقاء مع عبد اللطيف لودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بشؤون إدارة الدفاع الوطني في المملكة المغربية، وقد تناول الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجال الدفاع.
وتعكس هذه التحركات الرغبة المشتركة بين المغرب والهند في تعزيز العلاقات الثنائية في المجال الدفاعي، ولا سيما أن المغرب سرّع من وتيرة تطوير القطاع الدفاعي في المملكة، عبر استقطاب شركات دولية متخصصة في الصناعة الدفاعية للاستثمار في المغرب، من بينها شركات هندية.
وُيشار في هذا السياق، أن إدارة الدفاع الوطني وقعت العام الماضي على شراكة استراتيجية مع مجموعة "TATA" الهندية بهدف صناعة المركبات القتالية البرية من طراز "WhAP 8x8"، في مصنع خاص داخل المملكة المغربية.
وتعليقا على هذه الاتفاقية الهامة، قال الخبير العسكري والأمني، حسن سعودي، في تصريح سابق لـ"الصحيفة"، بأن هذا الاتفاق، يدخل في إطار "مشروع مغربي استراتيجي، يتعلق بالصناعة الدفاعية"، مشيرا إلى أنه بعد الانتهاء من تنزيل القوانين المتعلقة بهذا المجال، "حان الوقت الآن لتنزيل المشروع على أرض الواقع".
وأضاف سعودي، الباحث المشارك في المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، بأن مشروع الصناعة الدفاعية على المستوى المحلي، ليس مشروعا سهل، ولتحقيقه يحتاج المغرب إلى شركاء من دول حليفة وموثوقة، على اعتبار أن الصناعة الدفاعية هي عبارة عن منظومة متعددة الأطراف، وهو ما يُفسر لجوء المغرب للتعاون وتوقيع اتفاقيات مع عدة شركاء ودول، مثل الهند.
وأشار الخبير حسن سعودي في هذا السياق، إلى أن الهند من الدول التي تمتلك خبرة كبيرة، ولا سيما في مجال خلق المناطق الصناعية الدفاعية والأمنية، ولديها منظومة متكاملة الأطراف، وبالتالي فإن المغرب يُمكنه أن يستفيد من هذه التجربة، خاصة أن لهذه الصناعة أبعادا اجتماعية واقتصادية هامة، فيما يتعلق بخلق فرص الشغل وغيرها، مشددا على أن الهند أفضل مثال يُمكن أن يسير عليه المغرب في الوقت الراهن.
كما تجدر الإشارة إلى أن الملك محمد السادس، أكد في متنصف ماي الماضي أن المغرب سيواصل دعم برامج توطين الصناعات العسكرية بهدف تحقيق الاستقلالية الكاملة في المجال الدفاع، وذلك خلال توجيهه لـ"الأمر اليومي" إلى أفراد القوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لتأسيسها، باعتباره القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة.
وجاء في نص "الأمر اليومي" الذي عممته القيادة العليا، أن الملك محمد السادس أكد عزمه مواصلة دعم هذا الورش الوطني الاستراتيجي، مشيرا إلى أن الدولة حرصت على توفير كل الظروف القانونية واللوجستيكية والإجرائية لجذب المستثمرين والشركاء المغاربة والأجانب، بما يضمن إرساء صناعة دفاعية وطنية متكاملة.
وشدد العاهل المغربي على أن توطين الصناعات العسكرية لم يعد خيارا ظرفيا، بل هو مسار استراتيجي يندرج ضمن رؤية مستقبلية، تهدف إلى تعزيز السيادة الدفاعية للمملكة، وتقليص التبعية للخارج في مجال التسلح والتجهيزات العسكرية.




