المحطة الطرقية "العزوزية" بمراكش تفجّر مصالح لوبيات العقار.. وشكاية توضع أمام وكيل الملك حول "تبديد المال العام"
وجّه المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام بمراكش – الجنوب، شكاية استثنائية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تتضمن اتهامات خطيرة تتعلق بتبديد المال العام، وتلقي فائدة في عقد، والإثراء غير المشروع، واستغلال النفوذ، في ملف إنشاء المحطة الطرقية الجديدة بمنطقة العزوزية، بمراكش.
وتتضمن الشكاية التي تتوفر عليها "الصحيفة" وقائع تفصيلية وأسماء شخصيات، وتطالب بفتح تحقيق قضائي معمق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مع الاستماع لمسؤولين جماعيين وشخصيات تربطها علاقات متداخلة بعقارات عمومية وتحويلات مالية وتجارية مثيرة.
وفي البداية، تشير الشكاية إلى أن الرأي العام المحلي بمراكش استبشر ببناء محطة طرقية حديثة تواكب تطور المدينة، وقد صادق المجلس الجماعي لمراكش خلال الولاية الانتدابية (2009–2015) على إنشاء محطة طرقية جديدة، ومحطة لوقوف سيارات الأجرة، وتوسعة السوق البلدي، فوق عقار مملوك للدولة بمنطقة العزوزية، وأن المصادقة على بناء محطة طرقية قد تم بدون استشارة وموافقة مهنيي النقل الذين يملكون 60٪ من أسهم الشركة المسيرة للمحطة الطرقية الحالية بباب دكالة مراكش بينما يملك المجلس الجماعي لمراكش 20٪ وتملك الشركة الوطنية للنقل واللوجستيك 20٪ .
ووفق المعطيات الواردة، يقول المهنيون في تصريحاتهم وبلاغاتهم وخلال لقائهم في الجمعية المغربية لحماية المال العام وفق المصدر ذاته، إن القانون الأساسي للشركة المسيرة للمحطة الطرقية بباب دكالة بمراكش لا يسمح للمجلس الجماعي ولا لغيره اتخاد قرار بإنشاء المحطة الطرقية في إطار المنافسة الاّ بموافقة كل الشركاء، وهو الشيء الذي "لم يحصل حسب هؤلاء، الذين يرون أن الغاية هي سعي البعض للحصول بأي ثمن على العقار الحالي لمحطة الطرقية باب دكالة بمراكش والذي يقدر ثمنه حسب المهنيين بناء على خبرة قالوا بأنها أنجزت على العقار وحددت ثمنه في 50 مليار سنتيم وفق خبرة تقنية، ما يفتح الباب أمام فرضية رغبة بعض الجهات في السيطرة على العقار بأية وسيلة.".
وتشير الشكاية إلى أن المجلس الجماعي وافق، في دورة أبريل 2014 (جلسة 7 ماي)، على كراء قطعة أرضية بمساحة 6 هكتارات من الرسم العقاري عدد 1970/م، مقابل سومة كرائية سنوية قدرها 127.200 درهم فقط، العقد ينص على أن جميع البنايات والتحسينات تعود ملكيتها إلى الدولة عند انتهاء أو فسخ العقد، ولا يُعرف إن كان المجلس وافق فعلاً على هذه الشروط.
وتمت المصادقة على المشروع من قبل لجنة الاستثناءات تواليا بتاريخ 25-01-2015، 09-07-2015، و07-02-2017، ليشمل لاحقا إنشاء موقف للسيارات ومحطة لسيارات الأجرة، إلا أن القطعة التي خُصصت لهذا الغرض، بمساحة 7500 متر مربع، تم كراؤها بتاريخ 28 مارس 2018 لصالح شركة تدعى AYA KECH GEST، التي يمثلها المدعو ح.م.ب، من أجل بناء موطيل، محطة للوقود، وباحة استراحة، بموجب محضر لجنة الاستثمار المؤرخ في 07-02-2017، ومقرر والي جهة مراكش آسفي بتاريخ 05-06-2017.
ووفقا للمعطيات ذاتها، حصلت الشركة على موافقة مبدئية بدون شروط من لجنة الاستثمار بتاريخ 10-02-2017، وبيّنت التصاميم المعدلة، وخاصة التصميم التعديلي المؤرخ بـ03-07-2019، أنه تم توسيع المشروع بإضافة 57900 متر مربع و3700 متر مربع، وتحويل موقع سيارات الأجرة الصغيرة من أمام المحطة إلى مساحة محاذية للسوق البلدي وملاصقة لمشروع الشركة.
وتكشف الشكاية، أن المدعو ح.م.ب أسس شركة AYA KECH GEST سنة 2017 برأسمال 100.000 درهم، إلى جانب (ع.ا،) بهدف "تسيير محطات الوقود والفنادق"، ثم قام بتفويت حصته خلال جمع عام استثنائي في مارس 2017 لصالح (ن. ا) شقيق شريكه، فيما الملفت أن تاريخ التأسيس تزامن مع الحصول على الموافقة المبدئية من لجنة الاستثناءات، ما يطرح علامات استفهام حول الغرض الفعلي من إنشاء الشركة.
وتبرز الشكاية أن (ح.م) وقع على عقد كراء العقار بتاريخ 28 مارس 2018، رغم أنه لم يعد مساهما في الشركة ولا يملك صفة قانونية للتوقيع، وهو ما تعتبره الجمعية خرقا قانونيا صارخا، كما تشير إلى أن محضر لجنة الاستثناءات وصف الأرض بالفلاحية، رغم أنها لم تكن كذلك.
وتضيف الشكاية، أن (ح.م) شغل سابقا منصب مدير وكالة للبنك المغربي للتجارة والصناعة، ثم مديرا ماليا لفندق يملك فيه مستشار جماعي وبرلماني حصصا في الشركة المالكة، ما يثير شبهة تضارب المصالح واستغلال النفوذ.
وتورد الشكاية أن مشروع محطة العزوزية قُدم أمام الملك محمد السادس ضمن برنامج "الحاضرة المتجددة" الذي رُصد له مبلغ 89 مليار سنتيم، وخصص منه 12 مليار سنتيم للمحطة الطرقية، التي انتهت بها الأشغال منذ أكثر من عامين، لكنها لا تزال مغلقة، في غياب أي تبرير رسمي، فيما يرى مهنيون، وفق ما جاء في الشكاية، أن المحطة لا تستجيب للمعايير التقنية المطلوبة، وتعاني من عيوب تجعلها غير صالحة لاستقبال المسافرين، على غرار محطات الرباط وطنجة، ما يُعد تبديداً واضحًا للمال العام.
واستنادا إلى كل المعطيات، التمس المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام من الوكيل العام للملك إصدار تعليماته إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للقيام بالاستماع إلى المسؤولين الجماعيين خلال ولايتي 2009–2015 و2015–2021، والاستماع إلى الوالي الأسبق الذي ترأس لجان الاستثناءات في التواريخ المشار إليها، والاستماع لمسيري شركة AYA KECH GEST، خصوصاً المدعو (ح.م.ب) و(ع.ا) والاستماع إلى مسؤولي لجنة الاستثمار، والاستماع إلى مدير أملاك الدولة بمراكش ومهنيي النقل بمحطة باب دكالة ومسؤولي الشركة التي أنجزت المحطة ومكاتب الدراسات والهندسة والمراقبة، ومسؤولي قسم التعمير بجماعة وعمالة مراكش، وأي شخص قد يفيد في التحقيق.
واختتمت الشكاية بطلب اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لتحقيق العدالة، ومتابعة كل من ثبت تورطه في قضايا فساد، أو تبديد للمال العام، أو الإثراء غير المشروع باستغلال مواقع المسؤولية العمومية.




