المخرج والناقد عبد الإله الجوهري: تطاول المستشهرين وطغيان البعد التجاري أسهم في تدني مستوى الدراما الرمضانية 

 المخرج والناقد عبد الإله الجوهري: تطاول المستشهرين وطغيان البعد التجاري أسهم في تدني مستوى الدراما الرمضانية 
الصحيفة - جواد التويول
الجمعة 22 أبريل 2022 - 23:26

 أكد المخرج والناقد السينمائي عبد الإله الجوهري أن تدني مستوى الدراما التي تقدمها القنوات الوطنية خلال شهر رمضان الحالي، يعزى بالأساس إلى تطاول المستشهرين وطغيان البعد التجاري. 

وقال الجوهري وهو أيضا رئيس اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة، أن "الحديث عن تدني جودة الدراما الرمضانية حديث قديم جديد، يعود كلما هل هذا الشهر الفضيل، حيث تبرمج القنوات الوطنية عادة، العديد من الإنتاجات الدرامية والكوميدية حد التخمة، وهي انتاجات في غالبيتها، تخضع لرغبات المستشهرين، بدل خضوعها لرغبات الجمهور، وبالتالي، يطغى عليها البعد التجاري "الجماهري" بدل مراعاة البعدين الفني والإبداعي".

وأضاف أن حضور الوازع التجاري التسويقي يجعل أغلب هذه الأعمال لا ترقى لتطلعات الجمهور، لأنها "لا تعكس توجهاته ولا تترجم طموحاته وانتظاراته في مشاهدة دراما مغربية نابعة من واقعه المعيش والحي". 

وأشار إلى أن الدراما الرمضانية في المغرب، أصبحت "عاهة تواجه المشاهد المغربي وتفرض عليه كل سنة فرضا، فلا يجد حلا لمواجهتها، ما دامت تخضع، في عمقها لمتطلبات غير ثقافية، تم تجذيرها منذ فرض ما يسمى بدفاتر التحملات المشؤومة، وهي "كراسات" جاءت لتنتصر في مضامينها وتوجهاتها للجوانب التجارية الاستهلاكية والضحك الرخيص والفرجة السطحية". 

وسجل الجوهري أن هذه الدفاتر أعطت لشركات إنتاجية محددة هيمنت على المشهد التلفزي، صلاحيات تستند في خلفياتها على الجشع والربح السريع، وفرض تصوراتها الخاصة المتعارضة تماما مع تطلعات المغاربة في معانقة الجميل والأجمل.

لذلك أصبح الجمهور، يضيف رئيس اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة، لا يجد الصورة التي تشبهه في الأعمال الرمضانية، لأنها منتجة بنفس تجاري من طرف شركات إنتاجية، أغلبها تفكر في الربح أكثر مما تفكر في البعد الثقافي لهذه الأعمال. 

 وأردف قائلا: "أصبحنا نجد أن هذه الشركات، في كثير من الأحيان، تستعين في انجاز هذه الأعمال بمخرجين لا يتوفرون على بطائق مهنية، نعم بدون بطائق مهنية، وأيضا كتابا للسيناريو يدبجون نصوصا في زمن قياسي وبمواضيع مكررة، أو منقولة ومقتبسة حرفيا من أعمال أجنبية، لأنهم في الواقع كتاب يشتغلون بتعويضات هزيلة ولذلك لا يبذلون جهدا كبيرا في البحث".

   أما بالنسبة للوجوه التمثيلية التي تشارك في هذه الأعمال "فنجدها حاضرة في أكثر من عمل، بعضهم يحضر في السيتكومات والسلسلات والمسلسلات وحتى في الوصلات الإشهارية".

   فهذه السنة مثلا، يؤكد الجوهري، "هناك ممثل يقوم ببطولة أربع مسلسلات مرة واحدة، وهو ما جعل المشاهد المغربي المتتبع لها يعيش حالة من الخلط والحيص بيص في خلق تمايزات وفهم تطور كل شخصية من هذه الشخصيات".

  أما من هم أقل حظا، أي من يشارك في عملين أو ثلاث، في نفس الحين، فهم كثر، ومرد حضور هؤلاء، دون غيرهم، في مجمل الإنتاجات الرمضانية يعود للعلاقات الخاصة وروح "الشللية" السائدة، والتفاهمات المادية التي أصبحت المتحكم في عمليات اختيار بعض الممثلين والممثلات.

وأضاف أن "هذا الأمر في اعتقادي يؤكد أننا لا نعيش أزمة تمثيل، لأننا نتوفر على طاقات متميزة ومجربة في مجال التشخيص، ونمتلك ممثلين من العيار الثقيل. كما أننا  في الوقت ذاته لا نعيش أزمة سيناريو، لأن المغرب يتوفر على كتاب ومبدعين حقيقيين.

 والأزمة، في نظري، يقول المخرج والناقد السينمائي هي "أزمة أخلاق وحرفية في التعامل، لأن هيمنة شركات معينة على كعكة الانتاجات الرمضانية وتحكمها يسمح لها بأن تختار مع من ستشتغل وكيف تشتغل". 

وفي هذا الصدد، يردف الجوهري قائلا: "قد يتساءل سائل: ما سر قوة هذه الشركات المحتكرة لعمليات تنفيذ الإنتاج؟. والجواب في رأيي يتلخص في أن قوتها وهيمنتها التي تستمدها من "القانون"، قانون دفاتر التحملات، لأن هذه الدفاتر تمنحهم شرعية الهيمنة والاستفادة بشكل ديمقراطي في كل دورة من دورات طلبات العروض.

لذلك، فالسبيل إلى تجاوز هذه المعضلة، يؤكد الجوهري، يكمن في ضرورة العودة لما كان عليه الأمر سابقا، أي ما قبل دفتر التحملات، ومنح لجان التلفزيون الصلاحية في تقييم المشاريع والتعاون مباشرة مع كتاب السيناريو والمخرجين قبل إسناد عملية الإنتاج لأي شركة، وذلك لخلق التوازن بين الشركات العاملة في الساحة دون تمييز، ومنح الفرص للجيد والأجود من المشاريع. 

 كما أنه لا بد من اعتماد الحرفية، والمطالبة بضرورة التوفر على البطائق المهنية، وخلق لجان للسهر وتتبع مدى مطابقة كل مشروع ممنوح للالتزامات والواجبات. 

وأكد المخرج والناقد السينمائي أنه يتعين، "توفر روح المسؤولية والوطنية الصادقة في عمليات منح المشاريع للشركات المنفذة، مع التركيز على المهنية بالنسبة للعاملين في المجالين التقني والفني".

   كما لا بد من خلق نقاشات موسعة بين كل الفاعلين والمبدعين، ومعهم جموع النقاد والباحثين، بدعم وتأطير من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، من أجل التحسيس بأهمية ودور الإبداع في الرقي بالذوق الفنية لدى المواطنين، ووضع ما يشبه التزاما أخلاقيا وقوانين ضابطة مضبوطة، يحتكم لها الجميع، وتسهر الجهات المسؤولة ولجانها، بتعاون مع الغرف المهنية السينمائية، على تطبيقه واحترامه. 

وفي هذا الإطار، دعا الجوهري بصفته رئيسا لاتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة، إلى تنظيم أيام دراسية تطرح فيها مجمل القضايا المتعلقة بالإبداع التلفزي المغربي، مع ضرورة الدعوة لإعادة مناقشة والنظر في ما يسمى بدفاتر التحملات، بما يتلاءم مع المرحلة الراهنة، وخصوصيات المغرب وتطوره من أجل انتاج أعمال تعكس فعلا "هويتنا وثقافتنا الوطنية الصادقة".

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...