المغرب تحت "رحمة" كورونا: مصالح اقتصادية مهددة وأنشطة مشكوك في مصيرها

 المغرب تحت "رحمة" كورونا: مصالح اقتصادية مهددة وأنشطة مشكوك في مصيرها
الصحيفة - حمزة المتيوي
الخميس 5 مارس 2020 - 12:00

لم تكد تظهر أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس "كورونا المستجد" بالمغرب يوم الاثنين الماضي، حتى أضحى الجميع يترقب تأثيرها على السير العادي للحياة خاصة وأن اللجنة الوطنية للقيادة المكلفة بتتبع تطورات هذا الوباء سبق أن أكدت أن دخوله للمغرب قد يعني تأجيل الأنشطة الرياضية والثقافية، مع تحذيرات من انتقال العدوى وسط التجمعات العامة.

وصار المغرب مطالبا بالحسم في العديد من الأمور عاجلا، كما هو الشأن بالنسبة لاحتضانه مجموعة من الملتقيات الدولية والمهرجانات الفنية التي اعتاد على تنظيمها سنويا والتي أضحى موعدها قريبا، كما بات مدعوًا للإجابة على الكثير من الأسئلة المُقلقة التي وضعت المواطنين في حيرة، خاصة المرتبطة باستقبال الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي سيبدأ أفرادها في الوصول بعد أقل من 3 أشهر، إلى التدابير المتعلقة بالقطاع السياحي الذي من المحتمل أن يصاب بـ"سكتة قلبية"

أنشطة مهددة بالإلغاء

وسيكون المغرب مطالبا خلال الأسابيع القادمة بحسم الأمور بالنسبة للعديد من التظاهرات المقررة خلال في الأمد المنظور، بعد أن اضطر إلى إلغاء منتدى "كرانس مونتانا" الذي تحتضنه مدينة الداخلة سنويا، والذي يمثل إحدى أهم المحطات التي يعول عليها المغرب لإثبات سيادته وحكامته في الأقاليم الجنوبية، علما أن دورة هذه السنة كانت تحمل في طياتها رسائل خاصة للجزائر تحديدا، بعدما كان ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج قد اتهم مسؤولي هذه الأخيرة بِحَثِّ المدعوين إلى عدم الحضور.

لكن هذا المنتدى الذي كان من المقرر أن ينظم ما بين 18 و21 مارس الجاري، والذي يستقبل كل سنة العديد من الوجوه المعروفة عالميا في مجالات السياسة والإدارة والاقتصاد، لم يكن الأول الذي تسبب فيروس كورونا المستجد، فقبله تم الإعلان رسميا عن إلغاء الدورة الـ15 للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس التي كانت مقررة خلال الفترة ما بين 14 و19 أبريل المقبل، علما أن هذا الحدث الذي تنظمه وزارة الفلاحة سنويا كان قد استقطب العام الماضي ما يزيد عن 850 ألف زائر.

لكن إلغاء الأحداث الكبرى قد لا يتوقف عند هذا الحد، فمن المقرر خلال الشهور القادمة أن تحتضن المملكة ملتقيات ومهرجانات دولية أخرى، من بينها ملتقى أصيلة الثقافي الدولي الذي يستضيف ما بين منتصف يونيو ومنتصف يوليوز من كل عام رؤساء سابقين ووزراء ودبلوماسيين ومثقفين وفنانين، ثم مهرجان "كناوة" بالصويرة الذي ينظم في شهر يونيو ويستقبل نصف مليون زائر سنويا، بالإضافة إلى مهرجان "موازين" الذي ستنظم دورته الـ19 ما بين 19 و27 يونيو المقبل، علما أنه العام الماضي استقطب مليونين و750 ألف شخص.

السياحة.. نحو "الصدمة"

وينتظر أن يتكبد المغرب خسائر اقتصادية مهمة أيضا بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، وفي مقدمة القطاعات التي قد يطالها ذلك نجد السياحة التي انحصرت بالفعل على مستوى العالم، إذ اضطر الوباء إيطاليا مثلا إلى إلغاء مهرجان البندقية الشهير، ثم اضطر فرنسا إلى إغلاق متحف "اللوفر"، وفي حال ما بقي الوضع خارجا عن السيطرة فإن فرحة الحكومة المغربية بالاقتراب من حاجة 13 مليون سائح سنة 2019 لن تدوم طويلا.

وتبدو مؤشرات هذا الأمر واضحة بالرجوع إلى إحصاءات وزارة السياحة بخصوص الجنسيات التي تزور المغرب، فحسب أرقام سنة 2018 يأتي السياح الفرنسيون في الرتبة الأولى بأكثر من 6,67 مليون شخص، أي بنسبة 54 في المائة، ثم الإسبان بـ1,84 مليون شخصا في المرتبة الثاني مستحوذين على نسبة 15 في المائة، وكلا البلدين سجلا ارتفاعا في أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد، بل إن إسبانيا سجلت أمس الثلاثاء أول حالة وفاة.

وإلى جانب ذلك قد تتأثر السياحة في المغرب أيضا بسبب الإعلان عن تسجيل أول حالة إصابة بالفيروس، فإلى حدود يوم الاثنين الماضي كان المغرب من الدول السياحية القليلة على مستوى العالم التي لا تزال خالية من الفيروس، وهو الأمر الذي دفع صحيفة "ذا صن" البريطانية إلى نصح مواطني المملكة المتحدة بزيارته، لكن سويعات بعد نشر هذا التقرير ستؤكد وزارة الصحة المغربية اكتشاف إصابة بالفيروس لدى شخص قادم من إيطاليا.

عودة الجالية.. التحدي الأكبر

لكن يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة والسلطات الصحية المغربية هو اقتراب موعد عودة أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج صيفا، إذ تنطلق عملية "مرحبا" في بداية يونيو من كل سنة وتستمر إلى غاية شهر شتنبر، ما يعني أن المغرب بات أمامه 3 أشهر فقط لاتخاذ تدابير استثنائية من أجل التعامل مع عدد هائل من المواطنين القادمين من دولٍ بعضها ينتشر فيه الوباء بشكل يدعو للقلق.

وحسب الأرقام التي أعلن عنها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، فإن هذه عملية "مرحبا" عرفت العام الماضي دخول مليونين و965 ألف مواطن من أفراد الجالية إلى أرض الوطن، ويأتي أغلب العائدين من دول تعاني من انتشار الفيروس وعلى رأسها إسبانيا التي سجلت إلى حدود أمس الثلاثاء 186 حالة إصابة، وفرنسا التي سجلت 217 حالة، وألمانيا التي أعلنت عن 211 إصابة، لكن الأخطر تبقى إيطاليا التي سجلت 2036 إصابة والتي كانت مصدر الحالة الوحيدة المسجلة بالمغرب إلى حدود اليوم.

وسيطرح انحصار عودة المهاجرين المغاربة إلى بلادهم في فصل الصيف تحديات اقتصادية كبيرة، خاصة وأن مدنا بكاملها تعول عليهم لخلق رواج تجاري ودينامية على مستوى الفنادق والعقارات والمرافق الترفيهية، لكن الأسوأ هو أن تراجع عدد أفراد الجالية سيعني بشكل مباشر توجيه ضربة ثانية لأرقام السياحة الوطنية، علما أنهم خلال سنة 2019 شكلوا نحو نصف إجمالي السياح الذين زاروا المغرب حسب أرقام الوزارة الوصية.

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...