المغرب يشارك بوفد من 823 فردا في قمّة المناخ بدبي.. احتاجوا لطائرتين ذات طابقين من نوع إيرباص A380 لنقلهم إلى الإمارات ومصاريفهم فاقت المليار ونصف المليار سنتيم!

 المغرب يشارك بوفد من 823 فردا في قمّة المناخ بدبي.. احتاجوا لطائرتين ذات طابقين من نوع إيرباص A380 لنقلهم إلى الإمارات ومصاريفهم فاقت المليار ونصف المليار سنتيم!
الصحيفة من الرباط
الأربعاء 6 دجنبر 2023 - 21:00

صنع المغرب الحدث خلال الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28"، المنظم في إمارة دبي بالإمارات، ليس بسبب الأنشطة التي قامت بها بعثته، وفي مقدمتها وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أو الاتفاقيات التي وقعتها، وإنما بسبب الوفد الكبير المرافق لها، والذي وصل إلى 823 شخصا، والذي تُقدر تكلفة سفره بما بين 5,76 و12,34 مليون درهم.

وما لفت الانتباه إلى بنعلي هو الوفد المشارك معها في مؤتمر المناخ، إذ وفق ما أوردته شبكة الـ BBC البريطانية، فإن الأمر يتعلق بثاني أكبر وفد إفريقي، بعد وفد نيجيريا التي أرسلت 1411 شخصا، وقبل كينيا التي بعثت 765 شخصا، وعلى عكس ما قام به المسؤولون النيجيريون الذين قدموا توضيحات بشأن هويات المشاركين والجهات التي تكفلت بمصاريف رحلاتهم، فإن وزارة بنعلي لم تُبد أي استعداد لذلك.

وتواصلت "الصحيفة" مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة عبر عدة قنوات، للاستفسار بخصوص هذا العدد الكبير من المشاركين ومبررات ذلك، بالإضافة إلى ما إذا كانت الوزارة أو أي جهة حكومية هي التي تكفلت بنفقات سفرهم وإقامتهم، لكنها لم تجد جوابا، تحت ذريعة أن المخولين للإجابة عن هذه التساؤلات كلهم موجودون في الإمارات، ويعيشون "حالة استنفار" لم توضح مسؤولة من الوزارة ما طبيعتها.

جانب من رؤساء الجماعات والجهات المغاربة المشاركين في قمّة المناخ بدبي

ووفق معطيات متطابقة من داخل وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، فإن مقر الوزارة شبه "فارغ" حاليا، حتى من مسؤولي التواصل والمسؤولين الإداريين المكلفين بالتدبير المالي لهذه المؤسسة، الأمر الذي يطرح علامات استفهام جديدة بخصوص دواعي انتقال كل هذا العدد من الأطر والموظفين للمشاركة في المؤتمر الذي يعقد بمدينة "إكسبو دبي" في الإمارات من 30 نوفمبر الماضي إلى 12 ديسمبر 2023 الجاري.

هذا، وحصلت "الصحيفة" على معطيات بخصوص هذه الرحلة، حيث تبيّن أن رقم 823 مشارك، هو رقم حقيقي، غير أن الأمر يتعلق بالوفد المغربي عموما وليس فقط بوفد الوزارة، التي حيث أشارت المعطيات إلى أن عدد من يمثل الوزارة في قمّة المناخ بدبي ما بين 230 و250 شخصا، أما الباقون فيمثلون مؤسسات أخرى عمومية وخاصة وجمعوية، وكذا، وفود جهات المغرب.

وحسب المعطيات نفسها، فإن 80 في المائة من المشاركين في الوفد المغربي غير "ضروريين" ولا مهمة محددة لهم، وليس لهم أي دور فاعل في المشاركة في قمّة المناخ، بل أن أغلبهم سارفوا إلى دبي على حساب جهات المملكة، ومؤسسات عمومية كـ"ترضيات" وسفر "سياحة مدفوعة الأجر" من المال العام، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل.

جانب من الرواق المغربي بقمة المناخ في دبي

وتكلف الرحلة الجوية من مطار الدار البيضاء إلى مطار دبي، عبر الدرجة الاقتصادية على متن طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية، ذهابا وإيابا، كأدنى تسعيرة ممكنة خلال شهر دجنبر الجاري ما يقارب 7000 درهم لكل فرد، وهي التسعيرة الأدنى على الإطلاق المعلن عنها من لدن الناقل الجوي الوطني، لأن هناك رحلات أخرى يصل ثمنها إلى ضعف هذا السعر.

وإذا ما اكتفينا بهذا الرقم للوصول إلى تصور تقريبي لما تم إنفاقه على رحلة الوفد المغربي، الذي يحتاج لطائرتين ضخمتين من نوع إيرباص A380 ذات طابقين لنقل كل أعضائه، فإننا نجد أنفسنا أمام مبلغ 5 ملايين و761 ألف درهم، هذا دون الدخول في تفاصيل الإقامة والتغذية والتنقل بالإمارات، وهو ما يتطلب توضيحات حول ما إذا كانت تغطية تلك النفقات قد غُطيت بواسطة المال العام.

مصادر أخرى ذهبت في اتجاه آخر، مفاده أن وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليست وحدها المسؤولة عن هذا الواقع، بل أيضا أطراف أخرى بما في ذلك وزارات ومؤسسات اقتصادية كبرى، مبرزة أن المشكلة تكمن في أن عددا كبيرا من أعضاء الوفد لا علاقة لهم بقضايا المناخ أو البيئة أو التنمية المستدامة أو الطاقة، وإنما فقط ذهبوا إلى الإمارات في إطار "ترضية الخواطر".

وفد جهة الداخلة وادي الذهب

ويطرح العدد الكبير لأعضاء الوفد المغربي العديد من التساؤلات بخصوص جدوى ذلك، خصوصا وأن مصدرا عليما تحدث لـ"الصحيفة" عن أن تكلفة الرحلة وصلت إلى 15 ألف درهم، أي 12 مليونا و345 ألف درهم في المجمل، وهو رقم لم يتسنَ لـ"الصحيفة" التحقق منه من مصدر رسمي بسبب عدم تجاوب الوزارة الوصية، غير أن الكلفة التقديرية للوفد المغربي في مجملها شاملة لتذاكرة الطائرة والإقامة والأكل و"مصاريف الجيب" التي منحت للوفد الرسمي ستقارب المليار ونصف المليار سنتيم، هذا في الوقت الذي حضرت فيه دول كبرى ذات مصالح أكبر بكثير من المغرب، بوفود أقل وبشفافية أكبر.

وإذا ما عدنا مثلا إلى الوفد الأمريكي المشارك في المؤتمر، نجد أن وزارة الخارجية أعلنت، يوم 30 نونبر 2023، بالتفصيل عن أعضائه الممثلين للإدارة الأمريكية، وعددهم 20 شخصا جلهم لهم علاقة مباشرة بالبيئة والمناخ والطاقة، يترأسهم المبعوث الأمريكي الرئاسي الخاص لشؤون المناخ جون كيري، ونائبة الرئيس كامالا هاريس، مع الإشارة إلى أن من يرافقون الوفد المذكور هم "مجموعة كبيرة من كبار المسؤولين الحكوميين الأمريكيين الذين يعملون على مسائل ترتبط بعلاقة المناخ بالصراع والأمن الغذائي والنوع الاجتماعي والصحة والدبلوماسية العالمية والشباب وغيرها من المسائل".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...