
المنصور الذهبي يعود من بوابة الجيش المغربي… دلالات رمزية وراء تسمية فوج الضباط الجدد
في خطوة لافتة تحمل من الرمزية أكثر مما يبدو على السطح، أطلق جلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، اسم السلطان أحمد المنصور الذهبي على فوج الضباط الجدد لهذه السنة، خلال الحفل الرسمي لتخليد الذكرى 26 لعيد العرش المجيد، قرار ذو أبعاد عميقة، يُقرأ في سياقات متعددة، سياسية وتاريخية واستراتيجية، فهو اسم بحجم مجد أمة على اعتبار أن السلطان أحمد المنصور الذهبي، كان أحد أعظم سلاطين الدولة السعدية، لا يُذكر إلا مقرونا بالقوة والدهاء والريادة علاوة على أن عهده قد شهد توسعا غير مسبوق في النفوذ المغربي، لا سيما نحو إفريقيا جنوب الصحراء، مع تثبيت دعائم الدولة داخليا، ومقارعة القوى الكبرى في زمانه بالحكمة والحنكة...
إن تسمية فوج الضباط الجدد باسمه ليست فقط تكريما لرمز تاريخي، بل رسالة قوية تؤكد استمرارية روح السيادة المغربية، وتجديد الارتباط بالماضي المجيد، الذي يُشكّل ركيزة الفخر الوطني والهويّة الجامعة، فجلالة الملك محمد السادس، الذي يضع على رأس أولوياته التوازن بين أصالة الدولة المغربية وتحديث مؤسساتها، يبعث من خلال هذا التتويج الرمزي إشارة واضحة مفادها أن القوات المسلحة الملكية وريثة مجد أجدادها، وجنودها على درب المنصور سائرون لذلك يمثل اختيار اسم المنصور الذهبي، الذي عُرف بتثبيت النفوذ المغربي في العمق الإفريقي، تعزيزا للرؤية الملكية الإفريقية التي كرّستها المملكة المغربية الشريفة خلال العقدين الأخيرين، حيث باتت شريكا محوريا في قضايا التنمية والأمن والهجرة بالقارة السمراء...
وبالحديث عن التسمية واستحضارا لدلالاتها القيادية، تجدر الإشارة إلى أن شخصية المنصور الذهبي تعكس نموذج القائد المحنك، شديد الانضباط، واسع الطموح، عميق الفهم لموازين القوى، بذلك، تتحول التسمية إلى دعوة ملكية سامية للضباط الجدد للاقتداء بقيم الصرامة، والتفوق، وخدمة الوطن بوفاء وإخلاص.
في الأخير فوج أحمد المنصور الذهبي يدخل تاريخ القوات المسلحة الملكية المغربية من بوابة رمزية مهيبة. فوج لا يحمل فقط شرف التخرج، بل يحمل عبء الاسم، ورمزية الانتماء لتاريخ من ذهب، وجيش له جذورٌ ضاربة في عمق المجد...
* دكتور في الاعلام والسياسات الدولية