بعد أن أصبحت تصريحاته مادة للسخرية.. هل بدأ الجيش الجزائري في "الاغتيال السياسي" لتبون بتوريطه في حوارات تعكس عدم اتزانه لتبرير ابعاده عن الانتخابات الرئاسية؟

 بعد أن أصبحت تصريحاته مادة للسخرية.. هل بدأ الجيش الجزائري في "الاغتيال السياسي" لتبون بتوريطه في حوارات تعكس عدم اتزانه لتبرير ابعاده عن الانتخابات الرئاسية؟
الصحيفة – حمزة المتيوي
الثلاثاء 2 أبريل 2024 - 21:33

وجد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، نفسه مرة أخرى، في مرمى الانتقادات الساخرة، التي تترافق مع أسئلة جدية عن مستوى قدراته العقلية وهو الذي يقارب عقده الثامن، وذلك بعد مقابلته الأخيرة مع وسائل إعلام بلاده، التي تطرق فيها إلى العديد من المواضيع، حيث كانت الكثير من إجاباته غير منطقية.

وهذه المرة لم تكن خرجة تبون عادية، فهي محكومة بسياق خاص فرضه الإعلان رسميا عن تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، تقرر أن تجري بتاريخ 7 شتنبر 2024 عوض دجنبر من العام نفسه، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية الجزائرية، وذلك في الوقت الذي لا زال ترشح تبون من عدمه أمرا غير محسوم.

والملاحظ أن خرجة تبون الإعلامية المطولة، التي امتدت لنحو ساعة و11 دقيقة، كانت عبارة عن لقاء كامل مُسجل مع ممثلي وسائل الإعلام، ولم يتدخل مقص الرقابة، التي تفرضها المؤسسة العسكرية على وسائل الإعلام بما يشمل خرجات رئيس البلاد، لإبعاد الأجوبة المثير للجدل الصادرة عن تبون، والتي أصبحت الآن متداولة على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل ساخر.

في إحدى الإجابات التي تهم وضع مخزون الحليب، الذي يُشكل توفيره تحديا كبيرا للجمهورية المغاربية الغنية بالنفط والغاز، تحدث تبون عن تخطيطه لإنجاز مزرعة مساحتها 100 ألف هكتار في ولاية أدرار من أجل إنتاج الحليب المجفف لأول مرة محليا وتفادي الاستيراد، وهو ما يعني أن تبون لا يعرف ما هو الحليب المجفف ويعتقد أن أصله نباتي.

وفي موضع آخر، تحدث تبون بلغة الواثق عن سعيه لتقليص قيمة الدينار مقابل الدولار، ليصبح كل دينار يساوي 100 دينار، عوض 140 دينارا حاليا، وذلك من أجل تقليص فاتورة الاستيراد، وهو جواب يستحق أن يوضع في خانة الغرائب، لأن السعر الفعلي للدينار الجزائري الواحد حاليا هو 0,0074 دولارا، نتيجة الانهيار المتواصل للعملة في الجزائر، في حين يعادل الدولار الأمريكي الواحد 135 دينارا تقريبا.

في الحوار نفسه، نجد تبون يتحدث عن أن بلاده هي التي قادت "معركة" إدخال جمهورية الصين الشعبية إلى الأمم المتحدة في مقابل تجميد عضوية تايوان، وهو الأمر الذي تم بالفعل سنة 1971، دون أن ينتبه إلى أن هذا الملف طُرح منذ سنة 1949 أي قبل تأسيس الجمهورية الجزائرية بعد الاستقلال عن فرنسا سنة 1962، العام الذي انضمت فيه للمنظمة.

والواضح أن تبون، الذي ختم حديثه عن هذا الأمر بعبارة "من أراد أن يتحاسب فليأتِ"، كان يقصد المغرب كالعادة، فالملك الراحل الحسن الثاني كان قد طرح هذا الأمر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1960 وهو بعدُ لا يزال ولي للعهد، حين دعا أعضاء المنظمة إلى التحلي بالواقعية والقبول بانضمام الصين الشعبية عوض "جمهورية الصين" التي استقرت حكومتها بتايوان، في كلمة لا زال يحتفظ بها الأرشيف الصيني إلى الآن.

ومن الأرقام المثيرة للانتباه التي تحدث عنها تبون أيضا، سعيه لتحقيق ناتج محلي إجمالي يتجاوز 400 مليار دولار مع نهاية سنة 2025 أو بداية 2026، وهو أمر مستحيل عمليا خلال هذه المدة الوجيزة، وفق أرقام البنك الدولي التي تتحدث عن بلوغه 195 مليار دولار مع متم سنة 2022، بينما كان أقصى مستوى له منذ إحداث الجمهورية هو 213,81 مليار دولار والمسجل سنة 2014.

هذه التصريحات، التي أصبحت محط حديث الرأي العام الجزائري حاليا، بسبب غرابتها وعدم اتزانها، تطرح العديد من علامات الاستفهام، حول ما إذا كان الجيش، الذي يقوده "رئيس الظل" الفريق أول السعيد شنقريحة، قد وجه ضربة إعلامية لتبون قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية، في ظل تداول أنباء عن عدم رغبته في استمرار هذا الأخير رئيسا للجمهورية.

وما يدعم هذه القراءة، هو تفادي حذف الأجوبة المثيرة للجدل من اللقاء، على الرغم من بثه مسجلا، بعدما كانت مؤسسة الجيش قد تدخلت قبل ذلك مرتين على الأقل من أجل تفادي سيناريو مشابه، بشكل يحمي تبون، البالغ من العمر 79 عاما، ما أمكن، من موجة السخرية ومن التساؤلات المحرجة بخصوص سلامته العقلية وقدرته على تدبير شؤون البلاد.

وسبق لتبون أن تورط في العديد من التصريحات المشحونة بالمبالغة، والتي جعلت العالم ينتبه إلى أنه فاقد للاتزان المفروض أن يتصف به رئيس دولة، على غرار خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 شتنبر 2023، حين تحدث عن أن بلاده ستقوم بتحلية مليار و300 مليون متر مكعب من المياه يوميا، وهو رقم خيالي مستحيل التحقيق.

العجيب في هذا التصريح، أنه صدر قبل ذلك عن تبون خلال لقاء تلفزيوني مع ممثلي وسائل الإعلام، وتحدث حينها عن مليار و400 مليون متر مكعب من مياه البحر التي ستتم تحليتها من خلال محطات المعالجة في بلاده، في حين أن القدرة الإجمالية لتلك المحطات مجتمعة، وعددها 14، بما فيها التي لا تزال قيد الإنجاز، لا تزيد عن 3,7 مليون متر مكعب، وهو ما سبق أن نشرته وكالة الأنباء الرسمية.

وقبل ذلك، وفي سنة 2021، كان تبون قد أدلى بتصريحات غريبة، تحدث فيها عن "العلاقات التاريخية التي تجمع بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية"، مستشهدا، أمام عدسات الكاميرات، بإهداء الرئيس الأمريكي جورج واشنطن، المتوفى سنة 1799 مسدسات للأمير عبد القادر الجزائري، الذي ولد بعد 9 سنوات من ذلك أي سنة 1808.

وكانت المؤسسة العسكرية الجزائرية قد منعت بث حوار مماثل لتبون مع وسائل الإعلام المحلية، مدته 4 ساعات، في أكتوبر من سنة 2023، وفق ما كشف عنه موقع Algérie Part، بسبب خروج تصريحاته عن السيطرة، وتهجمه اللفظي على فرنسا والإمارات العربية المتحدة ومصر وبلدان مجموعة "البريكس"، ثم في دُجنبر من العام نفسه، مُنع بث خطابه في افتتاح البرلمان بشكل مُباشر بعدما أعلن التلفزيون الرسمي مُسبقا عن ذلك، ليكتفي بعدها بعرض أجزاء من كلمته.

ويدفع قرار الجيش رفع يده عن خرجات تبون الإعلامية المُسيئة لشخصه ولسُمعة البلد، وعدم وضع "فيتو" على إعادة نشر كلامه بالكامل عبر الانترنت بعد بثه تلفزيونيا، إلى التساؤل عن مستقبله في موقع الرئاسة، إذ يبدو الأمر وكأنه يعطي الدليل على أن الرئيس الحالي غير متزن ومُفتقر للكاريزما، ما يستلزم البحث عن بديل له لقيادة الجمهورية لـ5 سنوات مقبلة.

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...