بعد استخدامه لمصطلحات قدحية جرّت عليه انتقادات.. مشبال: العنف اللفظي كان دائما "نقطة قوة" بنكيران
عاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لإثارة الجدل بخطابه الذي ألقاه يوم الخميس فاتح ماي، خلال تجمع نظمه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابي لحزب "المصباح"، عندما وصف الداعمين لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بـ"الميكروبات والحمير"، وهي أوصاف خلفت موجة انتقادات واسعة داخل الأوساط السياسية والإعلامية.
واعتبر كثير من المتابعين أن بنكيران ذهب بعيدا في استعمال مصطلحات قدحية لا تليق بمستوى النقاش السياسي، خاصة في ظل ملف "حسّاس" حسب تعبير البعض، كالتطبيع مع إسرائيل، الذي يرى كثيرون أنه يكتسي أبعادا دبلوماسية وجيواستراتيجية معقدة، ويستوجب تعاملا رصينا يرقى إلى مستوى التحولات الإقليمية والدولية.
وفي تعليقه على هذا الخطاب، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد الأمين مشبال، صاحب كتاب "الخطابة السياسية الشعبوية عند عبد الإله بنكيران"، في تصريح لـ"الصحيفة" إن العنف اللفظي ضد الخصوم كان "سمة رئيسة" في خطاب بنكيران منذ سنوات.
واستند مشبال في تحليله إلى تعريف الدكتور فرانسوا بيرنار هويغ، المختص في العلوم السياسية والإعلام والتواصل، الذي يرى أن الخطاب السياسي هو "خطاب متعارض مع خطاب مضاد: إيديولوجيا ضد إيديولوجيا، حزب ضد حزب، وهذا ما يميزه بدرجة دنيا من العنف"، مشيرا إلى أن بنكيران "ذهب إلى الحد الأقصى" في هذا السياق.
وأوضح مشبال أن بنكيران يعتمد في خطابه على "العنف اللفظي ضد خصومه السياسيين الحقيقيين أو المفترضين"، مشيرا إلى أن استراتيجيته الخطابية "تروم تسفيههم والحط من مكانتهم والإساءة لصورتهم، وقتلهم رمزيا لدى الرأي العام".
وأضاف أن بنكيران "لا يسعى ولا يهمه بتاتا تقديم حجج أو خلق نقاش سياسي يقدم وجهة نظر سياسية ترقى بالنقاش بشأن قضايا شائكة تهم الدولة والمجتمع"، كما هو الحال، حسب مشبال، في مسألة تطبيع المغرب لعلاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.
واعتبر مشبال أن خطاب بنكيران لا يتعامل مع هذه القضايا بأبعادها السياسية والجيواستراتيجية، بل يوظفها داخل صراعه الخطابي الذي يقوم على تحويل الخصم إلى "رمز للشر مثير للمخاوف"، مشيرا إلى أن عودة بنكيران إلى الخطاب الشعبوي، باعتباره كان "نقطة قوته في مواجهة خصومه السياسيين خصوصا خلال حملة الانتخابات التشريعية لسنة 2016".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن هذا الرجوع يعكس "رهانا على توحيد صفوف حزب العدالة والتنمية خلفه باعتباره 'الزعيم التاريخي'"، وذلك "أملا في تحقيق معجزة انتخابية تعيده وتعيد الحزب لتولي شؤون الحكومة".
وأوضح مشبال أن بنكيران يستغل في هذا الرهان "الحصيلة الاجتماعية الهزيلة والمخيبة للآمال للحكومة الحالية"، إضافة إلى "غياب زعماء أحزاب قادرين على منافسته في الخطابة السياسية وكسب عواطف الجمهور".
وتجدر الإشارة في ذات السياق، إلى أن بنكيران في نفس الكلمة المثيرة للجدل، وجه سهام نقده إلى حكومة عزيز أخنوش، الذي وصفها بـ"الفشل" في تحقيق الوعود التي كانت قد أطلقتها للشعب المغربي، واتهم حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يترأسه أخنوش باستعمال أساليب غير مشروعة لتحقيق الصدارة في الانتخابات السابقة.
وأسهب بنكيران في ذكر الاخفاقات المتعددة لحكومة أخنوش التي رفعت شعار "الدولة الاجتماعية"، وهي الشعار الذي قال بنكيران، بأنه شعار "جيد" رفعه الملك محمد السادس أولا، لكن دون أن تُنزل حكومة أخنوش ما يتطلب رفع هذا الشعار.
وشكك بنكيران في كلمته في نزاهة الانتخابات التي أوصلت حزب التجمع الوطني للأحرار إلى الحكومة، حيث اتهم الحزب باستعمال "المال" من أجل "شراء الأصوات"، بالإضافة إلى قيام مواطنين بالتصويت على حزب أخنوش "خوفا من السلطة" حسب تعبيره.
ووجه عبد الإله بنكيران "تحذيره" للمواطنين بعدم السقوط مجددا في "فخ الوعود الجديدة" التي يُمكن أن يطلقها حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات المقبلة المرتقبة في سنة 2026، لافتا إلى أن تلك الوعود التي يُطلقها لا تُنفذ، مثلما لم يُنفذ الحزب وعوده الانتخابية السابقة.





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :